تلجأ معظم الأمهات في المنازل لإعطاء أطفالهن المضادات الحيوية بمجرد ارتفاع درجة حرارة الطفل أو ظهور مؤشرات الكحة والسعال، من دون استشارة الطبيب وهو ما قد يصيب مرة، ويخفق مرات نظراً لعدم معرفة السبب الحقيقي لارتفاع الحرارة وهل هي ناجمة عن عدوى بكتيرية أو فيروسية. ومالا يعرفه الكثيرون هو أن المضادات الحيوية لا تعالج العدوى الفيروسية كالزكام والإنفلونزا، واستخدامها المفرط غير المبرر يدمر مناعة الجسم وخاصة الأطفال. وزارة الصحة أصدرت تعميماً للصيدليات يحظر صرف المضادات الحيوية إلا بوصفة طبية إلا أنها ما زالت وللأسف تصرف دون وصفة طبية حالها حال الفيتامينات والبندول. وقال عدد من الصيادلة، إن نسبة كبيرة من السكان في الدولة تستسهل شراء الدواء من الصيدلية لتجنب الذهاب إلى الطبيب والانتظار لساعات في أقسام الطوارئ ومن ثم دفع مبلغ للكشفية والتحاليل غير المبررة التي يطلبها الطبيب، ما يدفع بعض الناس لشراء الأدوية مباشرة خاصة في حال ارتفاع حرارة الطفل أو الزكام. وأوضح منير علي عبد الرحمن صيدلي أن غياب التأمين الصحي يدفع الغالبية العظمى من الناس لشراء أدويتهم من الصيدلية مباشرة حتى بما في ذلك مرضى الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط والكوليستيرول، ويكتفون بشراء الأدوية، التي صرفت لهم من سنوات دون مراجعة الطبيب للمتابعة. وقال زميله تيسير عبد المجيد: كل الأدوية حتى بما في ذلك الفيتامينات لها أضرار جانبية ومضاعفات، لذا يفضل أن تستخدم بعد استشارة الطيب، ولكن المشكلة هي أن نسبة من الموظفين من ذوي الدخل المحدود بصراحة لا يستطيعون زيارة الطبيب لأن الكشفية تبدأ من 400 درهم فصاعداً، وفي حال طلب الأمر بعض التحاليل يتضاعف المبلغ، وبالتالي نجد نسبة كبيرة تلجأ لشراء الأدوية مباشرة من الصيدلية ولا بأس في ذلك طالما أنها خارج نطاق الأدوية المراقبة. وأضاف، الحل طبعاً الوصول إلى مستوى الدول الأوروبية والغربية يتطلب توفير التأمين الصحي وتنظيم حملات توعية على مدار العام للتحذير من مضاعفات الأدوية وضرورة استشارة الطبيب قبل تناول أي علاج ومن ثم إلزام الصيدليات بوصفة طبية لصرف الدواء وخاصة المضادات الحيوية. صعوبة ويعترف الدكتور أمين الأميري وكيل وزارة الصحة لسياسات الصحة العامة والتراخيص في صعوبة السيطرة على صرف المضادات الحيوية لأنها تدخل خارج نطاق الأدوية المراقبة أو شبه المراقبة، كما يصعب على المفتشين ضبط الصيدليات نظراً لوجود أكثر من 3500 صيدلية في الدولة، مؤكداً أن الحل يتطلب زيادة الوعي حول المخاطر التي تسببها المضادات الحيوية في حال تعاطيها بطريقة عشوائية وقال: صرف أي دواء في الدول الأوروبية يحتاج إلى وصفة طبية من قبل الطبيب حتى لو كان ذلك قطرة للعين أو أدوية الأمراض المزمنة، ونتمنى أن نصل إلى هذا الحد. وحول موانع تطبيق ذلك، قال: في الدول الأوروبية والغربية هناك تأمين صحي للجميع، وبالتالي يفضل الناس هناك استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء لأنه لن يدفع شيئاً مقابل الاستشارة، ولكن عندنا الشخص الذي لا يحمل تأميناً يحتاج ربما إلى 500 درهم للطبيب، وبالتالي يفضل بعض الناس شراء الدواء مباشرة من الصيدلية خاصة عندما يكون الأمر متعلقاً بزكام أو سعال. التزام ويشدد الدكتور الأميري على ضرورة التزام جميع الصيدليات بالنظم واللوائح والقوانين المنظمة لعملها، مؤكداً إحالة من يخالف هذه الأنظمة إلى لجان التحقيق فوراً، لافتاً إلى أن لجنة التفتيش على الصيدليات ستجتمع الأسبوع الجاري لمناقشة تدابير إضافية لإلزام الصيدليات بشروط الترخيص المحددة لهم. تحذير الدكتور علي السيد حسين مدير قطاع الخدمات الصيدلانية في هيئة الصحة قال: المضاد الحيوي نوع من المواد الكيميائية يتم تصنيعها في المعامل الطبية لقتل البكتيريا في جسم الإنسان، وهذه المضادات يتم تناولها أو تعاطيها بجرعات محددة عن طريق الفم أو الحقن والمضادات الحيوية لها أنواع كثيرة، ويحدد الجرعة المناسبة من المضاد الحيوي والفترة الزمنية المطلوبة لاستعماله نوع البكتيريا المطلوب علاجها والقضاء عليها. ويضيف عندما تتغير البكتيريا تصبح مقاومتها للمضادات الحيوية المستخدمة في علاج العدوى المسببة لها أكثر، وبالتالي قد لا تتأثر، ومن هنا يلجأ الطبيب أحياناً لتغيير المضاد، لافتاً إلى أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية وسوء استخدامها يزيد فرص ظهور البكتيريا المقاومة. تحذير وحذر الدكتور علي السيد بشدة من تناول المضادات الحيوية دون استشارة الطبيب وعدم صرفها من الصيدلية إلا بوصفة طبية مع الالتزام بالبروتوكولات العلاجية عند وصفها وفقاً لحالات المرضى، وضرورة الالتزام بالجرعات المحددة ومواعيدها عند استهلاك الدواء، وعدم التوقف عن تناول العلاج عند تحسن الحالة لأن ذلك يؤدي إلى ظهور البكتيريا مرة أخرى، وقد تكتسب مناعة ضد المضاد الحيوي. وطالب الدكتور السيد بعدم إعطاء الأطفال المضادات الحيوية إلا في حالة الضرورة القصوى وتحت إشراف طبي، مشدداً على ضرورة ترشيد استعمال المضادات الحيوية وتجنب المخاطر المترتبة على سوء استعمالها وخاصة القدرة المتزايدة للجراثيم على مقاومتها، بما يؤدي إلى فقدان فاعليتها. أخطاء شائعة وأضاف الدكتور علي السيد: هناك أخطاء شائعة كثيرة عند الغالبية العظمى من الناس عن طريقة تناول الأدوية ومنها مثلاً عدم إكمال المقرر العلاجي من المضادات الحيوية، كما أن بعض الأشخاص يضاعفون الجرعة اللاحقة في حال نسيان الجرعة السابقة، مشدداً على ضرورة أخذ المضاد في الأوقات المحددة. وأشار إلى أن الأمهات غالباً ما يلجأن إلى استخدام المضاد المحلول بالماء قبل أسبوعين أو أكثر مرة ثانية مشدداً على ضرورة التخلص من المضاد أو أي زجاجة بمجرد ظهور حبيبات عند الغطاء حتى لو كانت محفوظة في الثلاجة. وأشار إلى أن الدراسات والتحقيقات الميدانية عالمياً أثبتت أن ما بين 50 و80% من الجراثيم أصبح لديها مقاومة عنيفة للمضادات الحيوية، ما يؤدي إلى ارتكاس الجهاز المناعي وبالتالي إطالة مدة المرض وصعوبة علاجه وزيادة مخاطر المضاعفات، التي قد تؤدي إلى الوفاة وأيضاً ارتفاع نسبة النفقات الصحية على مستوى المريض والدولة. إحصاء أشارت إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى وفاة نحو 700 ألف شخص في العالم سنوياً، لأن المضادات الحيوية لم تعد تؤثر على نوعيات معينة من البكتيريا، وأن الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية يؤدي إلى حدوث الأوبئة ما لم يتم التدخل وإيجاد حلول جذرية.
مشاركة :