كرة القدم أفيون الشعوب وأشياء أخرى!

  • 1/4/2023
  • 01:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لي‭ ‬صديق‭ ‬عزيز‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬نخبويًا‭. ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬أمضى‭ ‬عقودًا‭ ‬من‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬مظاهر‭ ‬الحيف‭ ‬وعدم‭ ‬المساواة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والعنصرية،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬مناصري‭ ‬حقوق‭ ‬الفئات‭ ‬المحرومة‭ ‬والمهمشة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬فوجئت‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬إنه‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬هي‭ ‬أفيون‭ ‬الناس‮»‬‭.‬ بطبيعة‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الوصف‭ ‬يحيلنا‭ ‬إلى‭ ‬مقولة‭ ‬ماركسية‭ ‬معروفة‭ ‬‮«‬الدين‭ ‬أفيون‭ ‬الشعوب‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬مقولة‭ ‬كتبت‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬تاريخي‭ ‬محدد‭. ‬يعتبر‭ ‬صديقي‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬تستخدم‭ ‬الأحداث‭ ‬الرياضية‭ ‬الجماعية‭ ‬لصرف‭ ‬الانتباه‭ ‬عن‭ ‬المشاكل‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬الصراعات‭ ‬الاجتماعية‭.‬ صديقي‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬جزئيًا‭.. ‬فهو‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬الحكومات‭ ‬لا‭ ‬تستثمر‭ ‬في‭ ‬الرياضة‭ ‬كشكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الإلهاء‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تحول‭ ‬الرياضة‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الشرعية‭ ‬السياسية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تتفوق‭ ‬فيه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭. ‬ في‭ ‬فيلمه‭ ‬الوثائقي‭ ‬المؤثر‭ ‬لعام‭ ‬2010‭ ‬والمعنون‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬لعبة‭: ‬السلطة‭ ‬والسياسة‭ ‬والرياضة‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬يوضح‭ ‬الصحفي‭ ‬والمخرج‭ ‬ديف‭ ‬زيرين‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالاً‭ ‬للشك‭ ‬أن‭ ‬الساحات‭ ‬الرياضية‭ -‬من‭ ‬المدارس‭ ‬الابتدائية‭ ‬إلى‭ ‬مباريات‭ ‬السوبر‭ ‬بول‭ ‬الشهيرة‭- ‬هي‭ ‬مساحات‭ ‬سياسية‭ ‬تُستخدم‭ ‬حصريًا‭ ‬لدعم‭ ‬الاتجاهات‭ ‬السياسية‭ ‬المهيمنة،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬دعاية‭ ‬صريحة‭.‬ يستند‭ ‬الفيلم‭ ‬إلى‭ ‬كتاب‭ ‬زيرين‭ ‬المهم‭ (‬2009‭) ‬الذي‭ ‬اختار‭ ‬له‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬تاريخ‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الرياضة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‮»‬‭.‬ تفهم‭ ‬السلطات‭ ‬الحاكمة‭ ‬بحق‭ ‬أن‭ ‬الرياضة‭ ‬هي‭ ‬شكل‭ ‬حاسم‭ ‬من‭ ‬الإشعاع‭ ‬والتأثير‭ ‬في‭ ‬الشعوب‭. ‬في‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬2022،‭ ‬كانت‭ ‬التوقعات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬المشاهدة‭ ‬بلغت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬مليارات‭ ‬شخص،‭ ‬وفقًا‭ ‬لتقديرات‭ ‬لمحطة‭ ‬NBC‭ ‬Sports‭.‬ تمت‭ ‬مشاهدة‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬الصيفية‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬في‭ ‬طوكيو‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عدد‭ ‬مثير‭ ‬للإعجاب‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭: ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬مليارات‭ ‬شخص،‭ ‬وفقًا‭ ‬للأرقام‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬أعلنتها‭ ‬اللجنة‭ ‬الأولمبية‭ ‬الدولية‭.‬ عندما‭ ‬يتجه‭ ‬نصف‭ ‬البشرية‭ ‬لمتابعة‭ ‬حدث‭ ‬ما،‭ ‬أي‭ ‬حدث،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬سوف‭ ‬يجذب‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬انتباه‭ ‬الشركات‭ ‬العالمية‭ ‬الكبرى،‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬الشركات‭ ‬المعروفة‭ ‬بكثرة‭ ‬وانتشار‭ ‬منتجاتها‭ ‬الاستهلاكية،‭ ‬وبالطبع‭ ‬السياسيين‭.‬ هذا‭ ‬هو‭ ‬بالضبط‭ ‬سبب‭ ‬حرص‭ ‬بعض‭ ‬قادة‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬حضور‭ ‬مباريات‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬بلادهم‭ ‬شخصيًا‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ظهور‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون،‭ ‬وهو‭ ‬يلوح‭ ‬للحشود‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬نهائي‭ ‬فرنسا‭ ‬والمغرب‭ ‬لبضع‭ ‬ثوان‭ ‬مثالا‭ ‬على‭ ‬حب‭ ‬الرئيس‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬ليكون‭ ‬رمزا‭ ‬لبلد‭ ‬منتصر‭ ‬وموحد‭.‬ في‭ ‬الواقع،‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬توحدنا‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬وترتقي‭ ‬بنا‭ ‬فوق‭ ‬اعتبارات‭ ‬الطبقة‭ ‬والدين‭ ‬والعرق،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬شبه‭ ‬مستحيل‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬السياسة‭ ‬المتصدع‭ ‬والمأزوم‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬ لكن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المستوى‭ ‬الذي‭ ‬يخطئ‭ ‬فيه‭ ‬صديقي‭. ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬فأن‭ ‬تستغل‭ ‬الحكومات،‭ ‬جميع‭ ‬الحكومات،‭ ‬الرياضة‭ ‬لخدمة‭ ‬أجنداتها‭ ‬السياسية‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬أهدافها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تمر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تثير‭ ‬أي‭ ‬جدل‭ ‬أو‭ ‬نقاش‭. ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭.‬ إن‭ ‬الساحات‭ ‬الرياضية‭ ‬هي‭ ‬مساحات‭ ‬متنازع‭ ‬عليها‭. ‬ليست‭ ‬مملوكة‭ ‬لحكومة‭ ‬أو‭ ‬شركة‭ ‬أو‭ ‬مطبوعة‭ ‬شهيرة‭. ‬فكل‭ ‬هؤلاء،‭ ‬بالطبع،‭ ‬حريصون‭ ‬على‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬المعاني‭ ‬والعروض‭ ‬الرياضية،‭ ‬وإن‭ ‬أمكن،‭ ‬في‭ ‬نتائج‭ ‬الأحداث‭ ‬الرياضية‭ ‬الكبرى‭.‬ لكن‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬القيام‭ ‬بذلك،‭ ‬ببساطة‭ ‬لأن‭ ‬المتفرجين‭ ‬يقاومون‭ ‬دائمًا،‭ ‬ويدافعون‭ ‬عن‭ ‬معناهم‭ ‬الخاص‭ ‬للرياضة،‭ ‬ويعيدون‭ ‬النضال‭ ‬لاستعادة‭ ‬هذه‭ ‬المساحات‭ ‬بطرق‭ ‬تمثل‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬ودولهم‭ ‬بدقة،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬تطلعاتهم‭ ‬الشعبية‭ ‬الخاصة‭.‬ لهذا‭ ‬السبب‭ ‬أحببنا‭ ‬إنجازات‭ ‬المغرب‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬في‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬2022‭. ‬قد‭ ‬يجرؤ‭ ‬المرء‭ ‬على‭ ‬الادعاء‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فريق‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬يجسد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المعاني‭ ‬المتنوعة‭ ‬والرفيعة‭ ‬مثل‭ ‬المغرب‭.‬ إن‭ ‬اختيار‭ ‬الكلمات‭ ‬التي‭ ‬استخدمتها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬لتوضيح‭ ‬إنجاز‭ ‬المغرب‭ ‬كان‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬يروي‭ ‬قصة‭ ‬أكبر‭: ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬وإفريقية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬نصف‭ ‬نهائي‭ ‬كأس‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬كلام‭ ‬ذو‭ ‬مغزى‭ ‬سياسي‭ ‬عميق‭.‬ لقد‭ ‬اخترنا‭ ‬إبراز‭ ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬المحددة،‭ ‬وليس‭ ‬غيرها،‭ ‬لأنها‭ ‬أثارت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحاديث‭ ‬حول‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬الحالي‭ ‬الموجود،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الرياضة،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والسياسة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة‭ ‬الأخرى‭.‬ هناك‭ ‬أيضا‭ ‬بعض‭ ‬المعاني‭ ‬الفرعية‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ ‬إصرار‭ ‬حارس‭ ‬المرمى‭ ‬المغربي‭ ‬الممتاز‭ ‬ياسين‭ ‬بونو‭ ‬على‭ ‬التحدث‭ ‬بلغته‭ ‬الأم‭ -‬أي‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭- ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحفي‭ ‬عقب‭ ‬فوز‭ ‬بلاده‭ ‬على‭ ‬البرتغال‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬10‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬يتحدث‭ ‬عدة‭ ‬لغات‭ ‬أوروبية‭ ‬أخرى‭.‬ بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬كانت‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬اللاعبين‭ ‬حملوا‭ ‬الأعلام‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وركعوا‭ ‬للصلاة‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬مباراة،‭ ‬مما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬هويتهم‭ ‬الإسلامية‭.. ‬هذه‭ ‬كلها‭ ‬أمثلة‭ ‬مهمة،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬تأكيد‭ ‬الوحدة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬المسابقة،‭ ‬وهو‭ ‬جهد‭ ‬روج‭ ‬له‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المتفرجين‭ ‬العاديين‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬اللاعبين‭.‬ هذا‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬جزء‭ ‬صغير‭ ‬من‭ ‬القصة‭. ‬فكل‭ ‬فريق،‭ ‬من‭ ‬اليابان‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬والسنغال،‭ ‬كان‭ ‬يمثل‭ ‬شيئًا‭ ‬يحمل‭ ‬رسائل‭ ‬شعبية‭ ‬وثقافية‭ ‬وحتى‭ ‬سياسية‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬حتى‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬السائدة‭ ‬أن‭ ‬تتجاهل‭ ‬هذا‭ ‬بسهولة‭.‬ في‭ ‬مقالها‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬التلويح‭ ‬بعلم‭ ‬الفريق‭ ‬غير‭ ‬الرسمي‭ ‬لكأس‭ ‬العالم‮»‬،‭ ‬تحدثت‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬رفع‭ ‬العلم‭ ‬الفلسطيني‭ ‬‮«‬بكل‭ ‬مجده‮»‬‭. ‬رددت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأسترالية‭ ‬والبريطانية‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأخرى،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الشركات‭ ‬الإعلامية‭ ‬المنحازة‭ ‬تقليديًا‭ ‬الموالية‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬نفس‭ ‬الرسالة‭.‬ لقد‭ ‬فرضت‭ ‬ملكية‭ ‬الرواية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والحب‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬أظهره‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬مشجعي‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬شكلاً‭ ‬جديدًا‭ ‬من‭ ‬تمثيل‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬الخيال‭ ‬الجماعي‭ ‬العالمي‭: ‬الحب‭ ‬والأمل‭ ‬والقوة‭ ‬والنصر،‭ ‬لمقارنتها‭ ‬بالنمطية‭ ‬والسلبية‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تمثيلات‭ ‬العنف‭ ‬والضحية‭ ‬والهزيمة‭ ‬واليأس‭.‬ على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الرياضات‭ ‬الأخرى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بمثابة‭ ‬مساحة‭ ‬للناس‭ ‬العاديين‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬تضامنهم‭ ‬الجماعي‭ ‬أو‭ ‬تطلعاتهم،‭ ‬فإن‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬فريدة‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭. ‬على‭ ‬عكس‭ ‬التنس‭ ‬أو‭ ‬الجولف‭ ‬أو‭ ‬الجمباز،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يمكن‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬بسهولة‭ ‬أكبر،‭ ‬ولا‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬المساحات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬المتاحة‭ ‬فقط‭ ‬للطبقات‭ ‬المتوسطة‭ ‬أو‭ ‬العليا‭.‬ كرة‭ ‬القدم‭ ‬هي‭ ‬رياضة‭ ‬الفقراء،‭ ‬إذ‭ ‬نشأ‭ ‬أشهر‭ ‬أساطيرها،‭ ‬أمثال‭ ‬بيليه‭ ‬ومارادونا‭ ‬ورونالدو‭ -‬الآن‭ ‬حكيمي‭ ‬وصلاح‭ ‬وزياش‭- ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬المتعثرة‭ ‬والمهمشة‭. ‬ على‭ ‬عكس‭ ‬الرياضات‭ ‬الأخرى،‭ ‬توضح‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬أن‭ ‬الحراك‭ ‬الطبقي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬ممكن‭ ‬جدًا‭. ‬إن‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬احتفال‭ ‬الأخوات‭ ‬ويليامز‭ ‬بأبطال‭ ‬التنس،‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬تألقهم‭ ‬الفعلي‭ ‬في‭ ‬الملعب،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الرياضيين‭ ‬السود،‭ ‬عادةً،‭ ‬لا‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬طبقة‭ ‬اجتماعية‭ ‬أو‭ ‬اقتصادية‭ ‬تجعل‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬حدثًا‭ ‬منتظمًا‭. ‬يمكن‭ ‬قول‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‭ ‬نجم‭ ‬رياضة‭ ‬الغولف‭ ‬تايجر‭ ‬وودز،‭ ‬وبعض‭ ‬الأمثلة‭ ‬الأخرى‭. ‬ سيستمر‭ ‬النضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تملك‭ ‬معنى‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬طيّ‭ ‬كأس‭ ‬العالم،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرحلة‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬حي،‭ ‬من‭ ‬نيروبي‭ ‬إلى‭ ‬الرباط،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬برازيليا‭. ‬ نعم،‭ ‬تدور‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬حول‭ ‬الفوز‭ ‬في‭ ‬مباراة‭ ‬أو‭ ‬بطولة،‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬شيء‭ ‬أكبر‭ -‬الوحدة،‭ ‬والأمل،‭ ‬والقوة،‭ ‬والصراعات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وحتى‭ ‬المقاومة‭ ‬الشعبية‭. ‬وحتى‭ ‬إن‭ ‬كنا،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬نبدو‭ ‬غافلين‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المعاني‭ ‬الدقيقة،‭ ‬فستظل‭ ‬دائمًا‭ ‬موجودة‭ ‬وتعيش‭ ‬دائمًا‭ ‬بيننا‭ ‬وفينا‭.‬

مشاركة :