بين صوت الأهازيج ورائحة القهوة العربية، يقف إبراهيم محمد الحمادي، يستعرض حركة الطير الجارح، كاشفاً لزوار مهرجان الشيخ زايد بمنطقة الوثبة في أبوظبي، أسرار رياضة الصيد بالصقور وتاريخها وارتباطها بالهوية الإماراتية، تاركاً المجال لالتقاط الصور وتوثيق هذه اللحظات الجميلة ضمن جناح دائرة الثقافة والسياحة في المهرجان الذي تتواصل فعالياته وسط إقبال جماهيري واسع حتى نهاية مارس المقبل. ويستعرض الصقار إبراهيم الحمادي فنون الصيد بالصقور في باحة الجناح، حيث يقبل عليه الكثير من الزوار وعشاق الطبيعة، خاصة السياح الأجانب والأطفال الذين يلتقطون صوراً عدة لتوثيقها ورفعها على منصات التواصل الاجتماعي، ومشاركتها مع أصدقائهم حول العالم، ما يسهم في إنعاش السياحة الداخلية والترويج للعادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة. «حضيرة» الفريج بعفويته المعهودة، يقدم الحمادي شرحاً وافياً عن تدريب الطيور وأنواعها وكيفية تربيتها والمحافظة عليها، كما يفسر للزوار كيف كانت هذه الرياضة تجمع سكان الفريج من الرجال في «الحضيرة»، حيث يرتشفون فناجين القهوة العربية، ويتجاذبون أطراف الحديث، ويتقاسمون أخبار الفريج، وأهم الأخبار الاجتماعية. ويقول الحمادي الذي ينشغل بالشرح للأطفال وهو يداعب طيره، إن مشاركته تتمثل في نقل جانب من شغفه برياضة الصيد بالصقور إلى الزوار، وعلى رأسهم الأطفال، لاستدامة هذه الرياضة التراثية. طرق التدريب ويشرح الحمادي للزوار طريقة تدريب الصقور على الانتقال من الوكر إلى «المنقلة» بطريقة بسيطة، حيث إن الصقر يستطيع الانتقال من وكره إلى المنقلة دون خوف ظناً منه أنه سيحصل على غذائه، فيستمر الصقار بتكرار هذه الخطوة حتى يتمرن الصقر على الانتقال إلى المنقلة دون خوف، أما المرحلة الثانية من مراحل تدريب الصقر هي «التلواح»، وهي مرحلة مهمة كي يعتاد الصقر على تحديد هدفه والانقضاض على فريسته، حيث يقوم الصقار بوضع قطعة لحم على كومة من الريش ويلوح بها في السماء إلى أن ينقض عليها الصقر، لافتاً إلى أن هذه المرحلة تستغرق بعض الوقت ليتدرب الطائر ويصبح جاهزاً للصيد، ويحرص الحمادي على نقل مهاراته إلى الأجيال الصاعدة بوسائل مختلفة، منها الإرشاد، حيث يقوم بتعليم الصغار تقنيات الصقارة، وعلى كيفية بناء علاقات الثقة مع الصقر. أخبار ذات صلة إجراءات تنظيمية وتعريفية بإجازة التفرغ للعمل الحر 5 ملايين دولار منحة جديدة لتوسيع مبادرة المناخ والصحة العالمية قيم متوارثة وتعمل الأنشطة التراثية في مهرجان الشيخ زايد على ترسيخ قيم الولاء والانتماء لدى الناشئة والشباب، وتنقل صورة رائعة عن التراث الإماراتي الأصيل لجميع زوار هذا الحدث العالمي من مختلف أنحاء العالم، خاصة أن تراث الآباء والأجداد يثري النفوس ويعمق العادات والتقاليد في الوجدان، إلى ذلك يشير الحمادي إلى أن رياضة الصيد بالصقور من الرياضات التراثية التي تجسد قيماً متوارثة في الحياة الإماراتية قديماً وحديثاً، حيث تعلم الصبر وتكسب الشجاعة، ويذكر أنه من ضمن أنواع الصقور «الصقر الحر»، وهو من أفرس الطيور وأكثرها صبراً على الجوع والتحمل، سواء على الأرض أو في الجو، فضلاً عن «الشاهين» الذي يفضل العيش على الشواطئ ويتغذى على طيور الماء، وهو من أسرع الصقور أثناء الصيد، ومن أهم أنواعه المنتشرة بالإمارات والخليج «الشاهين الكامل، الشاهين الخميس، والشاهين التبع». «الصقارة» انتشرت الصقارة في المجتمع كتراث ثقافي غير مادي وممارسة اجتماعية ترفيهية ووسيلة للتواصل مع الطبيعة، ومع أنها كانت في الأصل وسيلة للحصول على الغذاء، إلا أنها أصبحت بمرور الزمن تحمل الكثير من الدلالات والقيم والمعاني الاجتماعية، كما أصبحت رمزاً من رموز الصداقة والمشاركة والتعبير عن الحرية، إذ يمتلك الصقارون مجموعة خاصة من التقاليد والأخلاقيات ذات الطابع الثقافي على الرغم من أنهم يأتون من خلفيات اجتماعية مختلفة، كما يحرصون من خلال العديد من الطرق على نقل هذه الرياضة التراثية إلى أبنائهم وأحفادهم وفئات المجتمع المختلفة. القائمة التمثيلية للتراث تحظى رياضة الصيد بالصقور في الإمارات العربية المتحدة برعاية خاصة، ما أكسب تراث الصقارة وما يرتبط به من تراث الصيد بالصقور الصفة الشرعية في ممارسته وصونه ونقله للأجيال القادمة، وبعد أن أُدرج في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية بـ «اليونيسكو»، أبرز المشروع مدى الاهتمام الذي توليه القيادة في دولة الإمارات بالتراث، ووفر لها فرصة كبيرة لإبراز كفاءتها في تبني مشاريع دولية مستقبلية مشتركة لما تتمتع به من سمعة دولية كبيرة، ونوايا إنسانية خالصة وموارد مادية وبشرية كافية، حتى أصبحت دولة الإمارات عضواً مهماً في لجان سن القوانين وصياغة القرارات التي تصدر عن منظمة اليونيسكو في كل ما يتعلق بالتراث الثقافي غير المادي.
مشاركة :