تونس - قضت محكمة تونسية في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء بسجن وزير البيئة الأسبق مصطفى العروي ثلاث سنوات في قضية نفايات محظورة مستوردة من إيطاليا وهي القضية التي أثارت الرأي العام في يوليو/تموز 2020 وسجالات سياسية وسلطت الضوء على فساد كامن في مؤسسات الدولة حين كانت المنظومة السابقة للحكم بقيادة حركة النهضة الإسلامية تهيمن على الحكم قبل أن يعزلها الرئيس التونسي لاحقا من خلال تدابير استثنائية في 25 يوليو/تموز 2021. وأقيل العروي من منصبه واعتقل في ديسمبر/كانون الأول 2020 مع عدد من المسؤولين في وزارته في إطار تحقيق في هذه القضية التي أثارت فضيحة في تونس. وذكرت وسائل الإعلام المحلية الأربعاء أن محكمة تونسية أصدرت حكمها في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء على العروي وثلاثة متهمين آخرين بالسجن ثلاث سنوات. وحكم على مسؤول سابق في الوزارة بالسجن عشر سنوات ومشتبه به آخر بالسجن خمسة عشر عاما غيابيا، بحسب المصدر نفسه، بينما بُرأت ساحة ستة متهمين آخرين. وتعود القضية إلى يوليو/تموز 2020 عندما تم نقل هذه النفايات المنزلية، المحظور استيرادها بموجب القانون، إلى تونس في 280 حاوية من قبل شركة تونسية زعمت أنها نفايات بلاستيكية سيُعاد تدويرها. وفي تلك الفترة رست سفينة بميناء سوسة محمّلة بـ70 حاوية بها نحو 2000 طن من النفايات المحظورة قادمة من مدينة ساليرنو التابعة لمقاطعة كمبانيا الإيطالية. ولم تكن تلك الشحنة الوحيدة فقد تلتها شحنات أخرى في يوليو/تموز ليقرب حجم الشحنات المهربة من النفايات السامة أقل بقليل من 8000 طن موزعة على 282 حاوية. وحين تفجرت الفضيحة التي أثارت غضبا شعبيا وتنديدات من منظمات بيئية وحقوقية وجدلا سياسيا، تم فتح تحقيق جرى على إثره في 21 ديسمبر/كانون الأول 2021 إيداع ثمانية أشخاص السجن بينما بلغ عدد المشتبه في تورطهم في تلك الجريمة 26 شخصا ضالعون في تهريب شحنات النفايات وكان بينهم وزير البيئة الأسبق مصطفى العروي ومسولون في الجمارك، في حين بقي مدير الشركة التي استوردت تلك النفايات في حالة فرار. وحسب التفاصيل وقع مدير الشركة المستوردة الهارب حاليا والذي يحاكم غيابيا، عقدا مع شركة إيطالية لتصريف 120 ألف طن بسعر 48 يورو للطن بمبلغ إجمالي يتجاوز خمسة ملايين يورو. وأعادت تونس شحن 213 حاوية مخزنة في سوسة إلى إيطاليا في فبراير/شباط 2022 بعد اتفاق ثنائي. ولا تزال إعادة باقي حاويات النفايات التي تضررت جراء حريق في نهاية العام 2021، موضع تشاور. وأثارت هذه القضية حركات احتجاج من قبل السكان والمنظمات غير الحكومية المحلية في تونس الذين رفضوا أن تكون بلادهم "صندوق قمامة" إيطاليا، لكن القضية سلطت الضوء على تجارة النفايات العالمية التي نمت رغم القواعد الصارمة التي تهدف إلى منع الدول الغنية من التخلص من نفاياتها الخطيرة في الدول الفقيرة.
مشاركة :