محكمة مصرية تلغي مولد «أبو حصيرة» اليهودي بمحافظة البحيرة

  • 1/23/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أيام من منع عرض الفيلم الأميركي «الخروج» لاحتوائه على وقائع يهودية مزيفة ضد التاريخ المصري القديم، فضت محكمة مصرية «مولد أبو حصيرة» اليهودي، وقضت بإلغاء قرار حكومي باعتباره أثرا، لتنهي بذلك حالة من الجدل السياسي والثقافي استمرت على مدار سنوات، في الأوساط الثقافية والشعبية في مصر. وأصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي أمس حكما بإلغاء الاحتفالات السنوية لمولد أبو حصيرة بصفة نهائية لمخالفتها للنظام العام والآداب، وتعارضها مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها.. وكذلك إلغاء قرار وزير الثقافة الأسبق (الصادر في يناير 2001) الخاص باعتباره أثرا، مع إلزام وزير الثقافة الحالي بشطب الضريح من سجلات الآثار المصرية. كما رفضت المحكمة نقل رفات الحاخام اليهودي أبو حصيرة إلى القدس، وأكدت أن اعتبار الضريح من الآثار الإسلامية هو خطأ تاريخي لا يمس تراث الشعب المصري. تضمن الحكم إلزام الحكومة المصرية بشطب ضريح الحاخام اليهودي «أبو حصيرة» من السجلات الوطنية ونشر قرار الشطب بجريدة الوقائع المصرية، وإخطار لجنة التراث العالمي بمنظمة اليونيسكو بقرار الحكومة. يأتي هذا الحكم بعد أيام من عدم موافقة وزارة الثقافة المصرية على عرض الفيلم الأميركي «الخروج: آلهة وملوك» للمخرج البريطاني ريدلي سكوت الذي يتناول هروب النبي موسى من مصر بسبب تضمنه «تزييفا للتاريخ». وقال وزير الثقافة المصري جابر عصفور، في تصريحات صحافية إن «قرار منع الفيلم اتخذته وزارة الثقافة ولا علاقة للأزهر به إذ لم يتم أخذ رأيه في عرض الفيلم من عدمه»، مؤكدا أن «الفيلم صهيوني بامتياز فهو يعرض التاريخ من وجهة النظر الصهيونية ويتضمن تزييفا للوقائع التاريخية لهذا تقرر منع عرضه في مصر». وألزمت المحكمة في حكمها الصادر أمس، الحكومة برفض طلب نقل الضريح إلى دولة إسرائيل، استنادا إلى أن الإسلام يحترم الأديان السماوية وينبذ نبش قبور موتاهم. وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن المشرع قد حدد الحضارة المصرية بأنها تتمثل في المصرية القديمة والقبطية والإسلامية، وأن القول بأن ضريح أبو حصيرة من الآثار المصرية، ينطوي على خطأ تاريخي جسيم يمس كيان تراث الشعب المصري الذي هو ملك لأجيال الأمة وليس ملكا لأشخاص الحكام، كما ينطوي على إهدار فادح لما انتهجه المشرع المصري من عدم اعترافه بأي تأثير يذكر من اليهود إبان فترة إقامتهم القصيرة في مصر على أي شأن مما أنتجته الحضارات التي قامت على أرض مصر. وذكرت المحكمة أن قرار وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني باعتبار ضريح أبو حصيرة من الآثار الإسلامية والقبطية والصادر في 24 يناير 2001 قد جاء بعد رفع الدعوى المطالبة بإلغاء الاحتفال السنوي به واعتباره أثرا، بـ6 أيام فقط، مما ينبئ عن أنه لم يصدر قراره بقناعة من الدولة، وإلا لكانت الدولة قد أصدرت مثل هذا القرار فيما مضى والضريح مقام منذ زمن. وأشارت إلى أن قرار الوزير استهدف غل يد المحكمة عن أعمال رقابتها القضائية التي أناطها بها الدستور والقانون، قاصدا إضفاء الشرعية على ذلك الضريح كنوع من المجاملة للدولة العبرية، بما يعد ضربا من ضروب تعمد مخالفة القانون مع التظاهر باحترامه مما يشوبه بعيب الانحراف بالسلطة. وأكدت المحكمة أن المشرع المصري أوجب شطب الأثر إذا ما فقد خصائصه الأثرية بالكامل، كما ألزم المشرع نشر قرار شطب الأثر بالوقائع المصرية حفاظا على التراث المصري وحمايته من كل دخيل عليه، وهو الأمر الذي تقضي به المحكمة. وأضافت المحكمة أنه لما كان الإسلام هو دين الدولة، فإن نقل رفات الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة من مصر إلى إسرائيل، يتعارض مع سماحة الإسلام ونظرته الكريمة لأهل الكتاب واحترام قبور موتاهم بحسبانها مأوى المرء أيا كانت ديانته بعد مماته، وداره التي يوارى فيها بعد خلاص حياته الدنيوية.. مؤكدة خلو الأوراق من أية حجة قانونية أو ضرورة ملجئة تقتضي نقل هذا الرفات إلى إسرائيل، ومن ثم يغدو طلب نقل الرفات غير مستند إلى أساس سليم مما يتعين رفضه. وقالت المحكمة إن المشرع الدستوري كفل حرية العقيدة وكذلك حرية ممارسة الشعائر الدينية، وإن الدستور المصري يحمي هذه الحريات ما دامت لا تخل بالنظام العام ولا تنافي الآداب.. غير أن التمتع بحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة الاحتفال لها يلزم أن تتم مظاهره في بيئة محترمة تتفق مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها وإلا تكون سببا في الاحتكاك بين الطوائف الدينية وإثارة الفتن بينها. وأوضحت المحكمة أنه ثابت من واقع الأوراق أن الاحتفال السنوي المقرر لمولد الحاخام اليهودي يعقوب أبو حصيرة - وهو فرد عادي - وما يصاحبه من ممارسات أبرزها مقيم الدعوى في دعواه، وأصبحت من قبيل العلم العام للكافة ودون أن تدحضها الجهة الإدارية، تتمثل في قيام اليهود المحتفلين الزائرين لضريح أبو حصيرة والمقابر اليهودية التي حوله بممارسات غير أخلاقية وارتكابهم للموبقات والمحرمات، على نحو يتعارض مع التقاليد الإسلامية الأصيلة، وهو ما يخالف التقاليد الإسلامية والآداب ويشكل مساسا بالأمن العام والسكينة العامة ويمثل خروجا سافرا على ما تتمتع به الشعائر الدينية من وقار وطهارة. واعتبرت المحكمة أن مظاهر الاحتفال بمولد الحاخام اليهودي أبو حصيرة، تعد انتهاكا لما تتمتع به التقاليد المصرية من آداب، الأمر الذي ينطوي على إيذاء الشعور الإنساني للمسلمين والأقباط على حد سواء، خاصة وأن المسلمين والمسيحيين يرون مقدساتهم الإسلامية والمسيحية تنتهك في القدس دون مراعاة لما احتوته الأديان السماوية من قيم واحترام، الأمر الذي يكون معه إقامة تلك الاحتفالية في تلك الظروف والمناسبات مما يمس الأمن العام والسكينة العامة، مما يتعين معه الحكم بإلغاء تلك الاحتفالية السنوية بصفة نهائية لمخالفتها للنظام العام والآداب وتعارضها مع وقار الشعائر الدينية. يشار إلى أن الاحتفال بمولد أبو حصيرة، كان يقام سنويا في قرية «دميتوه» بمحافظة البحيرة شمالي غرب القاهرة حيث يزوره الآلاف من اليهود خصوصا من المغرب وفرنسا وإسرائيل. وبحسب السيرة الذاتية له، ولد أبو حصيرة أو يعقوب بن مسعود كما يطلق عليه في جنوب المغرب لعائلة يهودية مغربية شهيرة هي عائلة الباز، ويعتقد عدد من اليهود أنها شخصية «مباركة». وتذكر رواية شعبية يهودية أنه غادر المغرب لزيارة أماكن مقدسة في فلسطين إلا أن سفينته غرقت في البحر، وظل متعلقا بحصيرة قادته إلى سوريا ثم توجه منها إلى فلسطين وبعد زيارتها غادرها متوجها إلى المغرب عبر مصر وتحديدا إلى قرية دميتوه في محافظة البحيرة ليدفن في القرية في عام 1880، بعد أن أوصى بذلك. وبعد توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 طالب اليهود بتنظيم رحلات رسمية لهم للاحتفال بالمولد والذي يستمر أسبوعا. ويتم السماح لليهود المحتفلين بالمولد بزيارة الضريح بشكل سنوي، وبتنسيق مع سلطات الأمن المصرية. تتضمن طقوس الاحتفال بمولد أبو حصيرة تأدية طقوس دينية يهودية مع تناول الفاكهة المجففة والزبدة والفطير والنبيذ، كما تشمل الجلوس عند المقبرة، والبكاء وتلاوة أدعية دينية يهودية وذبح الأضاحي عند الضريح حسب الشريعة اليهودية.

مشاركة :