الاستقالة.. كارت أحمر لغياب التقدير المادي والمعنوي

  • 1/6/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من الصعوبات الاقتصادية الراهنة، إلا أن نسبة ليست بالقليلة من الموظفين تعمد إلى التقدم باستقالتها بحثًا عن فرص عمل أفضل، وفيما يرى البعض أن العامل المادي قد يكون سببًا رئيسيًا في ذلك، يرى آخرون أن الاستقالة ليست نهاية المطاف في مقابل الحصول على فرصة وظيفية وبيئة عمل أفضل وأن عوامل مختلفة تقف وراءها، منها عدم التقدير المعنوي وعدم الترقيات، وأن العامل المادي قد لا يكون في الصدارة، وفي الوقت نفسه يحمل كثيرون إدارات المؤسسات المسؤولية وراء زيادة حالات الاستقالة نتيجة عدم تفهم أوضاع موظفيها واللجوء إلى المكابرة والعناد وتهميش الموظف الجاد. الاستقالة ليست نهاية المطاف في البداية قال وليد خالد موظف: الاستقالة ليست آخر المطاف بل بداية جديدة لطريق النجاح وصنع تجربة جديدة مستفيدين من الخبرات السابقة، ولعل ذلك يكون بداية للتقدم الوظيفي خاصة إذا كانت هناك مبررات واضحة لها مثل غياب التقدير المادي والمعنوي وعدم تفهم نفسية الموظف، واتفق مع الرأي السابق مهاب أمجد مشيرًا إلى أن الاختلاط مع بيئة عمل جديدة من شأنه منح الموظف خبرات متميزة، مشيرًا إلى أهمية أن يكون القرار له مبرراته العملية وليس من أجل التغيير فقط، في ظل صعوبات التوظيف حاليًا نتيجة للظروف الاقتصادية التي تسود العالم ورأى عبدالله حسين موظف أن اتخاذ قرار الاستقالة أمر ليس سهلاً ويجب أن يكون مبينًا على رؤية عملية ووسيلة للترقي ماليًا واجتماعيًا في وظيفة جديدة، أما إذا كان لخلافات في مقر العمل، فيجب دراسة الأمر جيدًا لأن بيئة العمل لسيت كما يرام في كل القطاعات. ورأى محمود سلطان موظفة أن البحث عن عمل آخر يرفع من مستوى الطموح المادي والمعنوي، وهو أمر مقبول خاصة إذا كان من يقبل عليه مؤهلاً لذلك ولن ينضم إلى طابور البطالة، كما أن ما يدفع إلى الاستقالة قد يكون ظروفًا خاصة أو صعوبات تتعلق بالعمل وصعوبة الاستمرار لاختلاف قدرة الأفراد على التحمل، وتقول مرام أحمد موظفة: العامل النفسي بات مهمًا للغاية لكل موظف، وفي الغالب ما يدفع للاستقالة هو العامل المادي وعدم التقدير المالي والمعنوي، وينبغي أن يكون القرار مقترنًا بقراءة جيدة لواقع السوق في ظل كثرة المتغيرات والتحديات حاليًا ولجوء غالبية الشركات حتى الكبرى منها إلى تقليص العمالة، وربما يقودنا الأمر إلى البحث عن التكيف ريثما تتحسن الأوضاع ووضع الاستقالة كخيار أخير. البحث عن بيئة عمل أفضل يرى سعيد هوساوي أخصائي توظيف وتدريب أن قرار الاستقالة له وجهان إيجابي وسلبي مثل أي قرار آخر، مشيرًا أنه عندما يعمل الموظف في بيئة لا تقدر المجهود ولا تهتم بترقيات للموظفين سيظل حبيس مرتبة وراتب معين، وفي المقابل، قد تكون بيئة العمل متوسطة وفيها الترقيات والتطوير والحافز النفسي والمعنوي ولكن الموظف يجد بيئة عمل أفضل، ولذلك يلجأ للاستقالة بحثًا عن التقدير المعنوي والاستقرار المادي، ويقول ناصر المنصور خبير التدريب والتطوير: يجب أن يكون سبب الاستقالة مشروعًا مثل النقل إلى عمل آخر أو سبب عائلي وأحيانًا قد يكون سببًا خاصًا يرجع للموظف، وسعيًا منه وراء فرصة جديد تبرز إمكانياته ومهاراته، مشيرًا أن مفهوم الاستقالة هو إنهاء عقد العمل قبل انتهاء مدته للعقود محددة المدة أما بالنسبة للعقود غير محددة المدة فذلك يعني ترك العامل للعمل بسبب مشروع وانتهاء المدة المبرمة بين الطرف الأول والثاني بالاتفاق بين الطرفين ويكون السبب مشروعًا أو غير مشروع، وأضاف: إن المقابلة مع الموظف وطرح السؤال عليه يعطي صورة كاملة عن أسباب الاستقالة، وعندها يمكن الوقوف على المبررات كاملة وتأييد القرار من عدمه، موضحًا أن من منافع الاستقالة إمكانية الحصول على فرص وظيفية مع تأمين طبي وبدلات أفضل. 88 % من الموظفين لا يتركون وظائفهم لأسباب مادية يعتقد 89 % من المديرين أن الموظفين يتركون وظائفهم لتلقيهم عروضًا وظيفية تقدم دخلاً ماديًا مرتفعًا، ولكن في حقيقة الأمر فإن 88 % منهم لا يتركون وظائفهم لأسباب مادية فحسب وإنما لأسباب أخرى معروفة، وهو ما أظهرته دراسة معهد ساروتوجا العلمي. وترجع الدراسة أسباب الاستقالة إلى الرغبة في الترقية في ظل الشروط المثبطة التي يضعها المسؤولون الأمر الذي يدفع الموظفين إلى عدم تجاهل أي عرض وظيفي جديد أو حتى البحث عنه، وبعض الشركات وخصوصًا في القطاع العام تكافئ جميع الموظفين سواء كانوا منتجين أو غير منتجين بنسبة زيادة سنويًا ثابتة في الراتب مثلاً وهو ما يثبط عزائم المنتجين فيها وفي ذلك تشجيع لغير المنتجين على التمادي في أدائهم السلبي، وفي نهاية المطاف تنعكس سلبيات هذا الأمر على نتائج هذه المؤسسات ونفسية العاملين فيها، وما «يزيد الطين بلة» كما يقال أن يؤتى بمدير جديد ليرأس الموظفين الحاليين المؤهلين لشغل ذلك المنصب، فتحصل لديهم الصدمة فيعزمون على ترك وظائفهم، وشددت الدراسة على أهمية وضع الموظف المناسب في المكان المناسب، مشيرة أن من ينشد رفع مستوى إنتاجية موظفيه عليه أن يفعل ذلك دون تردد، وفي بعض الأحيان يشن المسؤولون «حربًا باردة» على أحد الموظفين ليس لسبب سوى أنه أخطأ في اجتهاد ما، وربما لا يعلم هؤلاء أنهم يفتحون بذلك عليهم أبواب المشاكل الوظيفية على مصراعيها ويساهمون في هروب الكفاءات منهم وكأنهم يتجاهلون حقيقة أن من «لا يعمل هو من لا يخطئ أبدا»، وأكثر ما ينفر الموظفين من وظائفهم هو شعورهم بأن مسؤوليهم باتوا يفضلون غيرهم عليهم لأسباب ليس لها علاقة بمدى إنتاجيتهم وإنما لأسباب شخصية بحتة، وهذه الطريقة في التعامل هي مكمن الخطورة إذ إنها إحدى أسباب هروب الكفاءات، وتساءلت الدراسة كيف نتوقع من موظف أن يستمر في ولائه لعمله وهو يسمع باستمرار أن نظراءه في الخبرة العملية والمؤهل العلمي يتقاضون رواتب ومكافآت مادية أعلى بكثير مما تقدمه له وظيفته الحالية، كما أن أكثر ما يؤلم الموظف أن يجد نفسه على الهامش في غرفة الاجتماعات أو أي نقاش جدي، فمهما اقترح أو بادر بفكرة جيدة لا يجد آذانًا صاغية.

مشاركة :