(الزمنية) جنس بلاغي جديد.. دعوة إلى تدشينه في الجامعات - سراب الصبيح

  • 1/6/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كنت قد كتبت مقالا في فبراير 2020، بشأن تدشين مقرر "تاريخ البلاغة العربية" لطلبة البكالوريوس في الجامعات السعودية، وأذكر أني قلت في ذلك المقال أني اطلعت على الخطة الدراسية للمرحلة المذكورة في الجامعات السعودية؛ ولذلك خصيت الدعوة إليها، وإلا فإنها إلى كل الجامعات التي لم تدشن هذا المقرر، وذكرت أن مكانه يكون قبل علوم البلاغة الثلاثة؛ ليتعرف الطالب على التاريخ البلاغي الذي جاء بها. أما في هذا المقال فإني أدعو إلى تدشين مقرر آخر، ومن ضمن مفرداته "الزمنية"، لكن قبل أن أتحدث عن هذا الجنس البلاغي، سأورد مكان المقرر في الخطة واسمه، أما اسمه فيكون "بلاغات التأويل" أو "بلاغات الخطابات" أو ما أشبهه مما يشر إلى مضمونه، ويندرج تحت المقرر المفردات التي تتناول الكثير من البلاغات المتعددة التي تعنى بتأويل الخطابات، ولا تقتصر على علوم البلاغة الثلاثة بالتنظير والاستشهاد، ومكانه يكون بعد علوم البلاغة الثلاثة. وشبيه به مقرر "البلاغة الجديدة" في مرحلة الماجستير في بعض الجامعات -مع تحفظي على المسمى- ومن هنا أدعو أيضا: إلى تدشين "الزمنية" في هذا المقرر في الماجستير. الزمنية، جنس بلاغي جديد، نشرتُه بالتفصيل في صيف العام المنصرم، في كتاب عنوانه: } دلالات النسق الزمني في البلاغة (الزمنية) "ذاتية المتنبي أنموذجا" { فالكتاب يبحث في الأنساق الزمنية في المستوى البلاغي من اللغة؛ ليظفر بالتأويلات البلاغية التي تسفر عن القيم الزمنية في تجلي أبعادها التي تتجاوز الأبعاد الكونية، كيفما وظفها الخطاب. وما دعاني أن أصنفه جنسا بلاغيا؛ هو أني قسمت الكتاب إلى مدخل وفصلين، أما المدخل فوضعت به تعريف الزمنية، وصنفت أركانها، وأما الفصل الأول فقد تتبعت به الأنساق الزمن في كتب التراث البلاغية، ومن خلال جمعها؛ شطرت الفصل الثاني إلى شطرين: الشطر الأول جمعت به الأنساق البلاغية المبثوثة في تضاعيف كتب التراث، وبوبتها تحت جنس "الزمنية"، وأما الشطر الثاني: فقد أفردت به المبحث الأخير لتطبيق فكرة "الزمنية" في الأجناس كما في الخطابات التي لا تندرج تحت الأنساق الزمنية في كتب التراث. فإن الكتاب يروم إلى محاولة تأسيس جنس بلاغي جديد، اسمه "الزمنية" وهو: قيمة زمنية كونية، تتمثل في دال لغوي، لها دلالة مطلقة في الوجود، ودلالة مقيدة في السياق. تتحرك الزمنية في علوم البلاغة الثلاثة، بالإضافة إلى الخطابات التي تتجرد من أجناس تلك العلوم؛ وبذلك تشتغل على صعيدين:الأنساق البلاغية الخاصة بالزمن، وهي الموجودة سلفًا في علوم البلاغة -وكلها في علم المعاني-، بيد أنه جُمِعت تحت تبويب خاص بالزمن. والصعيد الآخر هو أن الزمنية جنس بلاغي يتحرك في الأنساق البلاغية الأخرى، والخطابات المتعددة، وفق التعريف الذي حاول ضبط فكرته علميا؛ ليكشف عن الأبعاد الزمنية الكامنة وراء تلك الخطابات في أنساقها البلاغية المتعددة. فإن الزمنية بذلك، وبوصفها جنس بلاغي، لا تندرج تحت علم من علوم البلاغة الثلاثة، في تعريفها، كما في شطرها الثاني، والمبحث الأخير من الكتاب أنموذجا على هذا الشطر، أما في شطرها الأول فتندرج تحت علم المعاني، لكن في لبوس التعريف الذي حاول الكتاب ضبط فكرته علميا. ومن هنا أدعو الجامعات في الوطن العربي، أن تلتفت إلى تدشين هذا الجنس، في مقرر لطلبة البكالوريوس -كما أوضحت سلفا-، مثلما أدعو إلى تدشينه في مقررات طلبة الدراسات العليا، في مرحلتيّ الماجستير والدكتوراه.

مشاركة :