تجاوز التحسن في قطاع التوظيف في الولايات المتحدة التوقعات في ديسمبر بينما تراجع معدل البطالة، وفق ما ذكر تقرير مهم الجمعة، في مؤشر على أن سوق العمل ما زال أكثر انتعاشا مما يأمل صانعو السياسات الساعين للحد من التضخم. وفيما قد يعزز سوق العمل القوي التفاؤل حيال قدرة أكبر اقتصاد في العالم على منع هبوط اقتصادي كبير رغم رفع معدلات الفائدة مرّات متتالية، إلا أن الأمر يثير قلق الاحتياطي الفدرالي نظرا إلى أن الأجور المرتفعة يمكن أن تؤدي إلى ازدياد التضخم. لكن في مؤشر مشجّع أكثر بالنسبة للاحتياطي الفدرالي رحّب به محللو الأسواق، أظهرت البيانات الأخيرة أن نمو الأجور خف بعض الشيء. والشهر الماضي، ارتفع متوسط الدخل في الساعة بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص أقل من المتوقع بنسبة 0,3 في المائة إلى 32,82 دولارا، بينما تمّت مراجعة الارتفاع المسجّل في تشرين الثاني/نوفمبر على انخفاض، وفق بيانات وزارة العمل. وبالمجمل، تم توظيف 223 ألف شخص إضافي. ورغم أنه أقل من عدد 256 ألفا الذي تمّت مراجعته في تشرين الثاني/نوفمبر، إلا أنه أعلى من توقعات المحللين. وبينما يتوقع تقليديا بأن يرتفع معدل البطالة بعض الشيء مع ازدياد معدلات الفائدة، إلا أنه تراجع إلى 3,5 في المئة. وعلى وقع الأنباء عن تباطؤ نمو الرواتب، تراجع الدولار أمام الجنيه الاسترليني الجمعة. وقرابة الساعة 16,00 ت غ سجل الجنيه الاسترليني ارتفاعا بنسبة 1,2 بالمئة ليبلغ 1,2043 دولارا في أعقاب نشر البيانات. من جهته، أشاد الرئيس جو بايدن بتواصل انخفاض البطالة الذي يسجّل أدنى نسبة في خمسة عقود منذ كانون الأول/ديسمبر، بينما أعرب عن تفاؤله حيال الجهود الأوسع الرامية لمكافحة التضخم. وقال بايدن في بيان إن "هذا الاعتدال في نمو الوظائف مناسب وعلينا أن نتوقع بأن يستمر في الشهور المقبلة، بينما نحافظ على صمود تعافي سوق العمل". وأضاف "ما زال علينا العمل على خفض التضخم.. لكننا نتحرّك بالاتجاه الصحيح". بالمجمل، ارتفع متوسط الدخل في الساعة بنسبة 4,6 في المائة خلال الأشهر الـ12 الماضية، بحسب وزارة العمل، في وقت تسعى العديد من الشركات التي تعاني من نقص في العمالة بعد الاضطرابات الناجمة عن الوباء للعثور على موظفين والمحافظة عليهم. - "اعتدال الأجور" -وقالت وزارة العمل "سجّلت مكاسب ملحوظة في الوظائف في قطاعات الترفيه والضيافة والرعاية الصحية والبناء والمساعدات الاجتماعية". لكنها أضافت أن التوظيف في قطاعي الترفيه والضيافة "ما زال أقل من مستويات ما قبل الوباء في شباط/فبراير 2020". ورغم الأرقام القوية، ذكرت خبيرة الاقتصاد روبيلا فاروقي من "هاي فريكوينسي إيكونومكس" في ورقة تحليلية بأن البيانات تؤشر أيضا إلى "زخم إيجابي في نمو الوظائف واعتدال الأجور". وفي مسعى لمكافحة التضخم وتخفيف الطلب، رفع الاحتياطي الفدرالي معدلات الفائدة سبع مرّات العام الماضي بما يشمل سلسلة زيادات حادة ومتتالية قبل أن تتراجع الوتيرة في كانون الأول/ديسمبر. وقالت فاروقي "في ما يتعلّق بسياسة الاحتياطي الفدرالي، بينما ما يزال نمو الوظائف صلبا ومعدل البطالة منخفضا، ستلقى الأنباء عن تباطؤ ارتفاع الأجور في كانون الأول/ديسمبر ومراجعة (بيانات) تشرين الثاني/نوفمبر على انخفاض ترحيبا". أضافت أن ذلك يمكن أن يفتح الباب لوتيرة زيادات معدلات أبطأ في الأشهر المقبلة. لكن نانسي فاندن هوتن من "أكسفورد إيكونومكس" حذّرت من أن تحسن الوظائف والأجور السنوية ما زال "يفوق الوتيرة التي يرى الاحتياطي الفدرالي بأنها تتماشى مع تخفيف وتيرة التضخم"، ما يعني أن البيانات مخيبة على الارجح لآمال الساعين لخفض معدلات الفائدة. وتراجعت قطاعات تتأثر بمعدلات الفائدة مثل الإسكان بعد رفع الاحتياطي الفدرالي معدل الفائدة، لكن أثبتت مجالات أخرى بأنها أكثر قدرة على الصمود. وبينما خفف الاحتياطي الفدرالي وتيرة زيادة المعدلات، ما تزال تدور أسئلة عن أي حد يتعين على المعدلات أن ترتفع من أجل السيطرة على التضخم. وقال كبير خبراء الاقتصاد لدى "بانثيون ماكروإكونومكس" إيان شيبردسن إن نمو الوظائف في العام الماضي ازداد بفضل "المسارعة للتوظيف" مع التعافي من كوفيد. لكن هذا التأثير يخف في معظم قطاعات الاقتصاد، على حد قوله. وأضاف "نعتقد بأننا نتجه قريبا جدا إلى نمو أبطأ بشمل ملموس في الأجور".
مشاركة :