صرف النِّعم فيما يرضي المُنعِم سبب لسعادة المرء

  • 1/7/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة عبدالله خياط - في خطبة الجمعة -: إن صرف النعم فيما يُرضِي المُنعِم، والتقوِّي بها على طاعته، وتوجيهُها الوِجهةَ الصالحةَ، واستِعمالُها في كل خيرٍ عاجلٍ أو آجِلٍ، آيةٌ بيِّنةٌ على سعادة المرء؛ إذ سلَكَ مسالِكَ أُولِي الألباب، واقتفَى أثرَ المُتقين، ولئن تتابَعَت النِّعَمُ وترادَفَت المِنَن، وتكاثَرَت الآلاء، فكانت غيثًا مِدرارًا لا ينقطِعُ هطُوله، وفيضًا غامِرًا لا يتوقَّفُ تدفُّقُه، عطاءً كريمًا من ربِّنا الكريم الرحمن الرحيم، وتفضُّلًا منه على عباده بغير استحقاق، وإحسانًا منه بغير استِكراه. وأضاف، أن من أجلِّ النِّعم نعمة بعثة النبي الكريم - صلوات الله وسلامه عليه - بالهدى ودين الحق، ليخرج الناس برسالتِه منَ الظلمات إلى النور، ولِيهديهم به سُبُل السلام، ويَضَع عنهم الآصارَ والأغلال، وليسمُوَ بهم إلى ذُرى الخير والفضيلة، ويَنأَى بهم عن مهَابِط الشرِّ وحمأةِ الرذيلة، وليسلُكَ بهم كلَّ سبيل يبلِّغهم أسبابَ السعادة في العاجلة والآجلة. وأوضح أن من نعم الله تعالى على عباده، نعمة السمع والأبصار والأفئدة التي خصَّها الله بالذكرِ في قوله: "وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"، وإنما خصَّها - سبحانه - بالذكر لشرفِها ومنزلتِها؛ إذ هي مفاتيحُ كلِّ علمٍ، وسببٌ مُوصِلٌ إلى الهداية إلى صراط الله المُستقيم، وسبيلٌ يُدرِكُ به المرءُ ما يرجوه ويُؤمِّلُه، ويُميِّزُ به بين ما يضُرُّه وما ينفعُه، ومن نعمه أيضاً على عموم خلقه، نعمة الأزواج ليأنسوا بها، ولتكون بينهم الألفة والمودة والرحمة، ونعمة الذرية من بنين وبنات وحفدة. وأكد على أنَّه من نعم الله التي امتن بها على عباده، نعمة نزول الغيث والأمطار، وهطولها المدرار، قال عز اسمه: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا للهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ". وأفاد أن الرسول الكريم عليه صلوات الله مضى على طريق من سبقه من الرسل في لزوم الشكر لله تعالى على نعمائه، وجزيل آلائه، شكرًا تترجم عنه الأعمال، وتصوِّره الأفعال، وقد جعل الله الشكر سبباً لزيادة فضله، وحارساً حافظاً لنعمته، وإن من تمام نعمه سبحانه، وعظيم بره وكرمه وجوده وإحسانه، محبته لعباده على هذا الشكر، ورضاه منهم به، وثناءه عليهم به، ومنفعته مختصة بالعبد ولا تعود منفعته على الله، وهذا غاية الكرم الذي لا كرم فوقه، ينعم عليك ثم يوزعك شكر النعمة، ويرضى عنك ثم يعيد إليك منفعة شكرك. وأفاد أن شُكر نعمة الله عليكم، تَطِب حياتكم، وتَستقم أموركم، وتحظوا بالمزيد من ربكم، وتكونوا من الفائزين يوم الدين، فإن خير ما يستمسك به من أخلص دينه الله، وابتغى الوسيلة إلى محبته ورضاه، هدي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه في كل شؤون الحياة، فإنه أكمل الهدي، وأفضل الزاد ليوم المعاد، وقد كان من هديه الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح سنته أنه كان إذا رأى الغيث قال: "اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا"، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: "مُطِرْنَا بفَضْلِ اللَّهِ".

مشاركة :