على وقع الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم في تونس قرر الرئيس قيس سعيد إقالة وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي. سعيد جدد كذلك تأكيده على أن الأفعال التي يأتيها البعض ترتقي إلى مرتبة التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي وهي جريمة لا علاقة لها لا بحرية الفكر ولا بحرية التعبير. يأتي هذا في وقت تدعو فيه الأحزاب المعارضة واتحاد الشغل للإضراب والاحتجاجات رفضا لقانون الموازنة العام. جدد الرئيس التونسي قيس سعيد اتهاماته بوجود مخططات سياسية لتقويض المشهد و إرجاعه لمربع الفوضى عبر تفريغ الأسواق التونسية من السلع الضرورية كالحليب والزيت والسكر من أجل تأليب الرأي العام على السلطة ودفع الشارع للتظاهر. سعيد أكد أن هذه المحاولات لن تمر خاصة وأن التونسيين قالوا كلمتهم منذ حراك يوليو ولا يمكن العودة لمنظومة الحكم القديمة. من جانبه قال رضا لاغا عضو المكتب السياسي لحركة الشعب، إن إقالة وزيرة التجارة يأتي في توقيت مهم باعتبار أن وزارة التموين هي من الوزرات السيادية، والمشهد الاجتماعي والاقتصادي في البلاد يتعلق بتوصيف واضح يتصل بالأمن الغذائي للمواطن التونسي وبالتالي الاخفاق الذي منيت به في إدارة الوزارة ينعكس بالضرورة القرار السياسي. وثمن لاغا قرار إقالة الوزيرة موضحا أن القرار جاء في وقت عصيب تعيشه تونس، متمنيا أن يأت شخص يكون مؤهلا لإعادة البوصلة إلي وجهتها وله أداء واضح وملموس على الأرض حتى يضرب أجندة الاحكتار والتجارة الموازية والسمسرة. وتابع، عند الحديث عن الاحتكار والمضاربة فهي لا تلخص المشهد الاقتصادي والاجتماعي التونسي، فالوضع معقد، والتجارة الموازية تنطق بنفسها على الأرض، فهناك مافيا تنشط في الداخل والخارج التونسي، وهناك أجندات خاصة تظهر عندما تكون المواد مفقودة. وأكد لاغا على أن الوزارة دورها ضبط العملية، مشيرا إلى أن قلة العملة ربما لا تسمح باستيراد بعض المواد، مع وجود مواد أساسية مفقوده في السوق، وفي هذه الحالة كيف تخصص الدولة 37% من الموازنة لسلع غير موجودة في الأسواق. وشدد على أن الوزارة عليها مسئولية ضبط وتيرة العمل وقنوات التواصل مع الوزارات الأخرى مثل وزارة الفلاحة باعتبار أن كلفة الإنتاج ارتفعت، موضحا أن الأزمة هي أزمة مرجعية التخطيط، مطالبا بحكومة حرب تستطيع تأمين الغذاء للمواطن التونسي والسيطرة على السوق. وتقود أحزاب المعارضة في البلاد مظاهرات احتجاجية ضد مسار الرئيس سعيد وتتجه لمزيد من التصعيد في ذكرى الثورة حول قانون الموازنة العام الذي يؤكدون أنه سيثقل كاهل التونسيين بالضرائب . يتماشى معها في نفس الموقف الاتحاد العام التونسي للشغل الذي بات يلوح هو الآخر بالإضراب العام غير أن الرئيس شدد على منع أي محاولات لضرب الاستقرار بدوره قال عبد الرؤوف بالي، الكاتب والباحث في العلوم السياسية، إن إقالة وزيرة التجارة دليل على غياب استراتيجية واضحة للحكومة ورئيس الجمهورية ومحاولة امتصاص الغضب الشعبي. وأوضح أن كل تونس تعلم أن كل الأزمات في المواد الأساسية ليست بيد وزير التجارة، فهي من القلائل الذين مروا على الوزارة ويعرفون كل الملفات. وأشار إلى أن غياب المواد الأساسية مرتبط بوزارت أخرى مثل وزارة الفلاحة أو موازنة الوزارة والتي تحددها الحكومة وليست الوزيرة. وألمح إلى أن وزيرة التجارة المقالة رفضت تبني فكرة أن غياب المواد يعود للاحتكار أو المضاربة، وذكرت أن وضع ميزانية وزارتها صعب و غلاء الأسعار على مستوى العالم بسبب كورونا وحرب أوكرانيا وروسيا، لكن فيما يبدوا أن تصريحات الوزيرة لم ترق لرئيس الجمهورية، الذي يريد شخصية تجاري ما يريده الرئيس. وأوضح أن هذه الحكومة الحالية ليس لها استراتيجة للتعامل مع الوضع الاقتصادي الذي توقع الخبراء أنه يتجه لمزيد من الانحدار، موضحا أن هذه الحكومة هي أسوء حكومة مرت على تونس ولم تستطع استشراف الأزمات الكبرى. وذكر أن أزمة تونس تتمثل في كونها أزمة مكابرة وعدم تحمل المسئولية وهي أخطر، وهي ما دفعت الرئيس إلى إلقاء المسئولية على أطراف آحرين، فالمشكلة هي أزمة حكومة كاملة وليست أزمة وزيرة. ويرى مراقبون أن أوجه الصراع بين الرئيس وخصومه السياسيين أصبحت واضحة وانعكست بشكل مباشر على الشارع الذي يشهد حالة انقسام غير مسبوقة . وتعرّضت تونس لصدمة جديدة مع الحرب في أوكرانيا التي أدّت إلى ارتفاع أسعار الحبوب والنفط اللذين تستوردهما بكمّيات كبرى. وأدّت الأزمتان السياسيّة والماليّة في الأشهر الأخيرة إلى نقص في بعض المنتجات الأساسية، الحليب والسكر والأرز والبن، وتراجع في القدرة الشرائيّة بسبب التضخّم المتسارع (حوالى 10 % في عام خلال ديسمبر/كانون الأوّل).
مشاركة :