مؤشرات توقعات النمو العالمي في 2023

  • 1/7/2023
  • 23:41
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

واصلت التطلعات الاقتصادية المختصة للمؤسسات الأممية والخاصة خفض تطلعات النمو الاقتصادي العالمي منذ بداية العام المنصرم. وكان صندوق النقد الدولي قد توقع في بداية 2022 أن يصل معدل نمو الاقتصاد العالمي إلى 4.4 في المائة، 3.8 في المائة لعامي 2022 و2023 على التوالي. بعد ذلك خفض الصندوق توقعات النمو في نيسان (أبريل) الماضي، ثم خفضها مرة ثانية في تموز (يوليو)، وعاد في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وخفض توقعات نمو الاقتصاد العالمي إلى 3.2 في المائة، 2.7 في المائة لعامي 2022 و2023 على التوالي. وسارت معظم توقعات المؤسسات الأخرى على المنوال نفسه. ومن المتوقع أن يراجع الصندوق وباقي المؤسسات المختصة توقعاتها في تطلعاتها المقبلة. ومن المرجح أيضا أن تتراجع معظم توقعات النمو العالمي لعام 2022 إلى نحو 3 في المائة، أما العام المقبل فقد يصل مستوى خفض توقعات النمو العالمي إلى نصف نقطة مئوية وقد ينحدر إلى 2.2 في المائة. شهد العام الماضي صعود معدلات التضخم في معظم أرجاء العالم إلى مستويات لم تسجل منذ أربعة عقود. وأثارت موجة التضخم العالمية الواسعة تخوف المصارف المركزية عبر العالم التي كانت تعتقد خطأ أنها موجة عابرة. وقد أدى هذا إلى تشديد السياسات النقدية التي رفعت معدلات الفائدة وتخلت عن سياسات التيسير الكمي. وقادت تلك السياسات إلى فرملة الاقتصادات الكبرى المطلة على المحيط الهادي وفي وأوروبا. كما شهد الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد عالمي عدة مؤثرات سلبية في نموه، من أبرزها ارتفاع المخاطر العقارية وتعقيدات وباء كورونا وارتفاع التوتر السياسي والاقتصادي مع الدول الغربية. عانت الدول الأوروبية تداعيات حرب أوكرانيا خصوصا في مجال الطاقة التي رفعت أسعارها إلى مستويات قياسية. وقد أدت أزمة الطاقة في أوروبا وخسارة التجارة مع روسيا وارتفاع أسعار الغذاء إلى انعكاسات سيئة على النمو الاقتصادي وتكاليف المعيشة في أوروبا خلال 2022، وانخفضت معدلات النمو الاقتصادي في عديد من دولها إلى مستويات سالبة. أما في 2023 فهناك بوادر لتراجع حدة أزمة الطاقة في أوروبا لكن معدلات النمو الاقتصادي على مستوى القارة ستسجل معدلات سالبة نظرا لرفع معدلات الفائدة، وتراجع التحفيز النقدي والمالي، وتراجع معدلات النمو الاقتصادي لدى الشركاء التجاريين الرئيسين. ستشهد الاقتصادات الرئيسة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان والصين تباطؤا اقتصاديا في 2023. وسيكون لهذا التباطؤ تأثيرات واسعة في الاقتصاد العالمي، حيث سيتراجع نمو الطلب على صادرات السلع والخدمات العالمية، ما سيضغط على معدلات نمو باقي الاقتصادات بما في ذلك اقتصادات الدول الصاعدة والنامية. من جانب آخر ترفع التوترات السياسية بين الدول الغربية من جانب وروسيا والصين من جانب آخر، وأهمها الحرب الأوكرانية ومسألة تايوان وتصرفات كوريا الشمالية من حالة عدم اليقين حول التطورات الاقتصادية العالمي. فتصاعد أي من هذه النزاعات سيتسبب في خفض أكبر لمعدلات النمو الاقتصادي العالمي دون المتوقع، وفي المقابل سيحفز حل أي إشكال بين الغرب والشرق أو خفض توتره معدل النمو الاقتصادي العالمي. كما ترفع التحديات الداخلية التي تواجهها الصين فيما يتعلق بسياسات السيطرة على كورونا والأزمة العقارية وتراجع النمو الاقتصادي، مخاطر تراجع نمو الطلب الصيني على السلع والخدمات العالمية. واجهت الأسر عبر العالم في 2022 ارتفاعا في تكاليف المعيشة بسبب ارتفاع معدلات التضخم العالمي إلى ما يقارب 8.8 في المائة. وتركزت زيادات الأسعار بشكل أساسي في أسعار المواد الضرورية من غذاء وطاقة، ما فاقم الأوضاع المعيشية لدى الشرائح السكانية منخفضة ومتوسطة الدخل في معظم دول العالم. ومن المتوقع هذا العام أن تقود السياسات النقدية المتشددة إلى خفض معدلات التضخم إلى نحو 6 في المائة، ولكن سترتفع تكاليف الاقتراض ومخاطر فقدان الوظائف، ما سيضغط مجددا على تكاليف المعيشة لكثير من الأسر. وسيستدعي هذا ضرورة التدخل المالي من قبل الحكومات لدعم الأسر المتضررة. في الجانب المشرق يستشرف أن تتراجع أزمات سلاسل التوريد خلال العام الحالي وترتفع مخزونات السلع والبضائع ما سيخفف من ضغوط الأسعار. تدور نقاشات واسعة بين المختصين حول عمق ومدة التراجع الاقتصادي الذي سيحدث في 2023، لكن يتفق الجميع على حدوث تراجع مقبل في معدلات النمو الاقتصادي العالمي. ومن المتوقع أن تستمر المصارف المركزية الرئيسة حول العالم في رفع معدلات الفائدة الأساسية لكن بمعدلات ومرات أقل من المستويات الحادة في 2022، ما يعني زيادة تكاليف الائتمان وخفض معدلات نمو الاستثمار والاستهلاك. وستواجه المصارف المركزية العالمية خيارات صعبة في تحديد معدلات الفائدة المناسبة لخفض معدلات التضخم مع عدم الإضرار كثيرا بمعدلات النمو الاقتصادية، الذي سيتراجع عموما عبر دول العالم. ستضغط التطورات الاقتصادية خلال العام الحالي على أسعار المواد الأولية ومن بينها النفط. ومن المتوقع أن تنخفض صادرات روسيا النفطية بسبب العقوبات الغربية وتحديد أسعار منتجات طاقتها، لكن هذا لن يكون كافيا للدفاع عن الأسعار العالمية إذا تراجع النمو العالمي دون مستوى التوقعات الحالية، ما سيدفع بعض الدول المصدرة للنفط إلى خفض حصص الإنتاج. وسيؤثر هذا في معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة التي سجلتها بعض الدول المصدرة ويخفضها دون معدلات العام الماضي المرتفعة.

مشاركة :