عندما أعاود قراءة ديوان سيف العشق للشاعر مساعد الرشيدي أشعر فكأنني أقرؤه للمرة الأولى فقصائده متجددة وإن تكررت قراءتي للديوان.. يملك الشاعر مساعد الرشيدي فلسفة جميلة غالبا ما تعيدني لكل قصيدة.. لكل شاعر فلسفة خاصة به بلا شك, وجميل جدا أن تكون له فلسفة تنبعث منها الرؤى في الحاضر والمستقبل، ولكن التصور دائما قابل للتغيير في فهم الحياة، فأحيانا التشبث برأي ما ناقصا قد لا يضيف لتلك الفلسفة شيئا لأنها المنظور، الذي نرى به مستقبلنا .يقول رينيه شار (لا يستطيع الشاعر أن يبقى مدة طويلة في سكاك الكلمة) والسكاك هو الهواء بين السماء والأرض، فالشاعر له رؤيته ومنظوره في استيعاب الحياة أثناء ترحه أو فرحه. يقول رينيه شار (الشاعر وهو الذي يترجم النية إلى فعل ملهم وهو يبدل دورة التعب إلى شحنة من الانبعاث) التقاط الأنفاس من جديد لمواصلة الطريق والوقفة على ما قد مضى, عملية التقييم الذاتي لما نمر به, هو ما يشعل جذوة قصيدة جديدة أخرى تستوقف الشاعر وتستوقف آخرين من بعده.. (خط طيران القصيدة يستطيع أن يكون حساسا لكل شخص) ويقول الشاعر مساعد: وأبشعها قصيد من أول الدنيا إلى دنياك تهب مع الهبوب إلى ندهتك جذوة أوراقي وابنظمها قلايد لين تقدح بالسما طرياك ما دامي شاعرك ليه الظلام يرف بأحداقي (أن يكون المرء شاعرا هو أن يمتلك الشهية لقلق يؤدي الانتهاء من استهلاكه إلى الغبطة وسط زوابع الأشياء الموجودة والمهجوسة كلها) أعتبر القلق أحد مكونات الكتابة الملازمة لها فالشاعر لا يهدأ له بالا إلا والقلق يلازمه في كل قصيدة بدءا من شطر البيت الأول وانتهاء بشطر البيت الأخير ومن ثم يصبح القلق لدى الشاعر, الرغبة الملحة للولوج إلى كتابة جديدة (الهواجس هيكل عظمي وقلب ومدينة وغابة ) ويقول مساعد: هاجسٍ يملا ضلوعي سواليف ومداد كل ماهز المعاليق قلت: الله لنا قال من طش المجاديف قلت: السندباد قال: من غنى له النجم سامر قلت: أنا (الشاعر وهو القادر على المبالغة ينمو بشكل صحيح في العذاب) كثيرا ما يكتم الشاعر ألمه في نفسه ولكن الأوراق تستظهر ما بطن وقد يجد تلك المساندة الحقيقية من القصيدة لتجعل احساسه يترعرع اكثر فأكثر في سياق الكلمات فكلما شعر إنسان آخر بمعاناته من خلال الكلمات, يدخل في سياق آخر تلو آخر(أنت شاعر في جوهرك على الدوام وعلى الدوام متلهف للحقيقة والعدالة ). مرة يلومون شاعر خانت دروبه ومرة تخون المدينة حلم شاعرها مرة كتبت القصيد لعين رعبوبه ومرة نهبت القصايد من محاجرها ( عند كل انهدام للبراهين يجيب الشاعر برشفة المستقبل).. أكثر إيلاما جدية البراهين التي لا تجد آذانا صاغية ليس لأنها براهينا غير منطقية، ولكن لأننا نرفضها ولكن أن يقال (الرضا يضئ الوجه والرفض يمنحه الجمال)، فهو أن تظل القناعات وإيماننا في الذات راسخا ليمنحنا الجمال في الروح . متى تصحي الدنيا متى يا زمان تفوق متى ترخي الغيمة هدبها على اكتافي متى تكسر الخطوه مداها وأهد الطوق وأسوق الدروب لفجرها والقدم وافي ( الشاعر هو حافظ وجوه الكائن الحي اللامتناهية ) الشاعر تعود ان يتوغل في ذاته مرارا وتكرارا وتباين المفاهيم المتباينة تتوالد معه بشكل دائم ( غائب , أجب انت بنفسك . من دونها فمن المحتمل أن لا تكون مفهوما ). انا الشعر عندي مثل الانسان كاين حي رفيقٍ وله حق الوفا في مواثيقه رفيقٍ ليا لدت عيون الشدايد لي شلع كنه اللي نازعٍ من شواهيقه وعندما يقول الشاعر ( انا قائد الينابيع الناضبة ) , فلأنه قد يرى بأن (الشعر هو من بين كل المياه الصافية الاقل توقفا عند انعكاسات جسوره) أو لأن القصيدة لم تقل كل شي , فالشاعر هو العاطفة التي لم تعبر عن كل شيئا (من المناسب ان يكون الشعر غير ممكن الانفصال عن اللامرئي غير المصاغ بعد ) او هي فلسفة أخرى لشاعر كرينيه شار في استقصاء اللغة والعاطفة ومن رؤية أخرى للشاعر مساعد الرشيدي حينما قال: سامحيني لو هزعت الغصن واحزني جفافه الضلوع اللي على خبرك على خبرك ظمايا * العبارات ما بين الأقواس للشاعر الفرنسي رينيه شار.
مشاركة :