مؤتمر قصيدة النثر المصرية في دورته الثانية

  • 1/24/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

وسط الضجيج المعتاد للحياة الثقافية وفي مناخ شتوي شديد البرودة، وغياب بعض الشعراء المشاركين، حصد مؤتمر قصيدة النثر المصرية نجاحات قليلة، لكنها مهمة، وذلك في إطار دورته الثانية، التي استضافها أتيليه القاهرة للفنون والآداب على مدار ثلاثة أيام في الفترة من 17 إلى 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، وشهدت ست أمسيات شعرية شارك فيها كوكبة من الشعراء والشاعرات، يمثلون أطياف قصيدة النثر في تراوحاتها الفنية المختلفة. إضافة إلى ثلاث جلسات نقدية، ناقشت «نماذج الوعي واستراتيجيات التشكيل الفني في قصيدة النثر منذ مطلع الألفية»، و«تجليات الفقد في قصيدة النثر المصرية»، و«فكرة الموت في قصيدة النثر»، و«التقنية الأدبية ووظائفها في قصيدة النثر»، و«التقنية الفنية في قصيدة النثر» تحدث فيها النقاد: صلاح فاروق، ورضا عطية، وعبد الحكيم العلامي، وأشرف الجمال، وأسماء عطا. انطلق المؤتمر تحت شعاره الأثير «في الإبداع متسع للجميع»، مواصلا سعيه نحو بلورة ملامح خاصة بقصيدة النثر المصرية، تتشكل من خلال تفاعلها مع تراثها الطويل مصريا وعربيا، بعيدا عن الارتماء في أحضان المنجز الغربي. وحول الجديد في هذه الدورة، قال منسقه الشاعر عادل جلال: «كان من المفترض بداية من هذه الدورة الثانية أن يستضيف المؤتمر دولتان عربيتان وواحدة أجنبية، ثم انعكس الأمر بعد ذلك، وبالفعل رشحت فلسطين والمغرب، لكن تعثر الأمر، نتيجة لاعتذارات وظروف خاصة تعرض لها الشعراء المكلفون باستضافة هذه الدول»، ذاكرًا أن «الفكرة قائمة، وسنحاول إنجاحها في الدورة المقبلة للمؤتمر، حيث كنا نطمح في أن نقدم أنطولوجيا بمشهد قصيدة النثر في الدول العربية التي نستضيفها، على أن تطبع في كتاب خاص يصدر عن المؤتمر». وذكر جلال أن المؤتمر بصدد طبع كتاب يوثق لقصيدة النثر في مصر منذ إرهاصاتها الأولى، ويرصد تطورها ومراحلها الزمنية، وعلاقتها بقضايا المجتمع والخطاب الشعري السائد، كما يسلط الضوء على روادها مثل: بشر فارس، وأحمد راسم، وبدر الديب وغيرهم. وهو ما تبلور في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، حيث أعلن الشاعر عادل جلال، منسق المؤتمر، عن تعاون بين المؤتمر والهيئة المصرية العامة للكتاب، تقوم الهيئة بموجبه بنشر عدد من الإصدارات بالتعاون مع أمانة المؤتمر التي يجري الإعداد لها. وأوضح جلال أن الهيئة ستصدر كتابًا تذكاريًا لقصيدة النثر المصرية، ترصد فيه جذور قصيدة النثر في مصر التي بدأت منذ عام 1800م، ونهاية بجيل السبعينات الذي كان له حضوره البارز في تشكيل هذه القصيدة. وأشار جلال إلى أن الكتاب سيتولى تحريره الشاعر المصري جمال القصاص، الذي سيقدم عبره تأريخًا لواقع هذه القصيدة في المشهد المصري بتحولاتها كافة. وكشف جلال عن بعض الاكتشافات المهمة التي سيضيئها هذا الكتاب، ولم يهتم بها أحد من قبل، ومنها ديوان بالفرنسية لطه حسين عميد الأدب العربي، ويدور الديوان في إطار قصيدة النثر، وأيضا كتابات لتوفيق الحكيم تصب في هذا الإطار، إضافة إلى كثير من الأسماء التي كتبت في القصيدة الجديدة منذ البداية، مؤكدا أن الكتاب هو بمثابة فكرة تخص التاريخ المصري، وتدعم الحالة المصرية وحضور الثقافة المصرية التي كانت أهم أسباب انطلاقة هذا المؤتمر. ومن جهته، أبدى الناقد الدكتور هيثم الحاج علي، رئيس الهيئة العامة للكتاب المصرية، أحد حضور المؤتمر، ترحيبا بأن تكون الهيئة ناشرا لبعض الأبحاث والنصوص الخاصة بمؤتمر قصيدة النثر المصرية، مؤكدا أن الهيئة بذلك تقدم دورها المنوط بها لخدمة الثقافة المصرية والإبداع المصري، كما تكون بذلك في طريقها لخط حالة جديدة من التعاون الرسمي مع المثقفين المستقلين وتبني نشاطاتهم وفعالياتهم. كما دعا الحاج إلى استضافة المركز الدولي للكتاب فعاليات الدورة المقبلة من المؤتمر، أو بعض ندواتها، وأمسياتها الشعرية، مشيرا إلى أنه كان يتمنى أن يبدأ هذا الأمر من الوقت الراهن، إلا أن المركز سيكون مرتبطا هذه الأيام بفعاليات عام الثقافة المصرية الصينية. وأعرب الحاج عن أمله في أن يجري التعاون بين المؤسسة الثقافية الرسمية وهذه الرؤية المستقلة للمبدعين بشكل أكبر وأكثر عمقا، وهو ما يعد بمثابة خدمة وتأكيد حضور الثقافة المصرية. ولا تقتصر أنشطة مؤتمر قصيدة النثر على الموعد السنوي فحسب، وإنما تستمر طيلة العام، حيث تعقد أمسيات شعرية في الثلاثاء الأخير من كل شهر، ويتنوع مكان انعقادها بين دور النشر والمراكز الثقافية المختلفة. وخاض المؤتمر تجربة مهمة العام الماضي، محاولا كسر هيمنة العاصمة ثقافيا، بالخروج بأمسياته وأنشطته الشعرية إلى فضاءات رحبة في الأقاليم، فعقد بجهود فردية ندوات وأمسيات شعرية بمحافظتي السويس وبني سويف، وهو النهج الذي سيستمر على مدار هذا العام وحتى الدورة المقبلة. وحرصا على توثيق أنشطته واحتفائه بالشعر أصدر المؤتمر كتابا بعنوان «ينابيع تصنع نهرا»، هو عبارة عن أنطولوجيا لكل دورة من دوراته، تضم قصائد الشعراء المشاركين وسيرة ذاتية لكل شاعر، كما سيصدر المؤتمر كتابا يضم الأبحاث النقدية التي شاركت في دورتيه السابقتين وأهم المداخلات والنقاشات التي أثارتها. وحول الجديد التي ستحمله الدورة الثالثة المقبلة للمؤتمر ذكر الشاعر عادل جلال أنها سوف تنعقد في الفترة من 20 إلى 22 سبتمبر (أيلول) المقبل، ويجري حاليا البحث عن مكان ملائم لانعقادها، مضيفا أنه تم تأسيس طقس جديد للمؤتمر باختيار ضيف شرف لكل دورة من الشعراء الكبار يتم الاحتفاء به وبتجربته الشعرية. ولفت جلال إلى أن عددا من الأصوات الشعرية الجديدة الموهوبة ما زالت تظهر بشكل مبشر وقوي، مؤكدا أن نحو 30 شاعرا أبدوا رغبتهم - حتى الآن - في المشاركة بالدورة الجديدة للمؤتمر، وهو ما يشير إلى أن حالة الحراك التي أحدثها المؤتمر في المشهد الشعري تعد من أهم الإنجازات التي تم تحقيقها، بالإضافة إلى سعيه للتأصيل للشعرية الجديدة بما لها وما عليها، من خلال رؤى نقدية موضوعية ومنهج نقدي سليم.

مشاركة :