قال علي بن فليس، رئيس الحكومة الجزائرية سابقا، إن السنوات الـ16 التي قضاها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم «تميزت بالتبذير والرشوة وانتشار المال الفاسد على مستوى واسع»، مشيرا إلى أن برامج التنمية التي رصدت لها الدولة 800 مليار دولار، خلال تلك المدة، «ذهبت سدى». واشتغل بن فليس مع بوتفليقة لمدة تزيد عن 5 سنوات، لكن وقع الطلاق بينهما عندما قرر الأول دخول معترك انتخابات الرئاسة لمنافسة الثاني. وذكر بن فليس خلال تجمع كبير لأنصاره أمس بمدينة البليدة (50 كلم جنوب العاصمة) أن «أهداف النظام ثلاثة.. ففي المقام الأول هناك شخصنة السلطة لتصبح ممثلة في رجل واحد ووحيد، وفي المقام الثاني هناك الاستيلاء على مظاهر توازن السلطات حيثما وجدت، وإحلال محلها نظام تمركز السلطات. أما في المقام الثالث فهناك الاستيلاء على صلاحيات رئيس الحكومة والبرلمان، حتى لا تبقى أي سلطة مضادة قائمة في مواجهة سلطة رئاسية مانعة، مسيطرة وإقصائية». ويقود بن فليس حاليا حزبا أطلقه حديثا، سماه «طلائع الحريات»، وهو من أشد المعارضين لسياسات الرئيس. ومما جاء في كلمته أمام مناضلي الحزب أنه «توفرت للجزائر في السنوات العشر الماضية، ما يعادل الألف مليار دولار، أنفق منه مبلغ 800 مليار دولار، فيما قدم بفخر كبير على أساس أنه برنامج إنعاش، لم ينعش في الواقع أي شيء. وعندما يحين وقت الحكم على مخططات الإنعاش هذه، سيظهر بأن هذا المبلغ ذهب سدى، وأن الاقتصاد الوطني ما زال بدائيا رخوا، غير منتج، وغير قادر على المنافسة». ويأتي كلام بن فليس في ظرف دقيق للغاية، ميزته شح الموارد المالية بسبب تراجع عائدات البلاد بشكل محسوس، إثر تراجع أسعار النفط. وتسعى المعارضة إلى استغلال مرحلة الضعف، التي يوجد عليها نظام الحكم، للضغط عليه لدفعه إلى تقديم تنازلات. وأفاد رئيس الحكومة سابقا (2001 - 2003) بأن الجزائر توجد الآن «في وضعية ما كان لها أن تكون عليها، وهي وضعية أصبح فيها مركز القرار الوطني مفتتا وموجها في اتجاهات متناقضة بسبب المصالح المختلفة والأهداف المتباعدة لهذه القوى غير الدستورية، التي لا يجمعها سوى دوام النظام السياسي، الذي مكنها من أن تتشكل وتتدعم وتتطور»، في إشارة إلى مجموعة رجال الأعمال المحيطين بالرئيس، وشقيقه السعيد بوتفليقة الذي هو كبير المستشارين في الرئاسة. وأضاف بن فليس أنه «عندما يكون المجتمع غير راض على حاضره ويشك في غده، ولم يعد له من معالم سوى في ماضيه، فإن مثل هذا المجتمع يحكم على نفسه بالجمود والركود وفقدان الحيوية والأمل. وإذا كان مجتمعنا في مثل هذه الحالة، فلأنه تعرض لكثير من العنف: عنف الظلم السياسي، وعنف الظلم الاقتصادي، وعنف الظلم الاجتماعي، وظلم الإقصاء والتهميش، وظلم انعدام المساواة، وأكثر من ذلك كله ظلم الشغور الناتج عن مجتمع يسير بسرعتين، حيث تحصل أقلية على كل ما تريد وتفعل كل ما تريد، وأغلبية مفروض عليها القبول بمصيرها، الذي لا يناسبها والاكتفاء بالقليل الذي يقدم لها بطريقة تعسفية». وعندما يتحدث بن فليس عن «الشغور»، فهو يقصد فراغا في السلطة نتيجة انسحاب بوتفليقة من المشهد العام بسبب المرض. وتابع بن فليس قائلا، وسط تصفيقات مناضلي «الطلائع» إن «قائمة الفساد طويلة. لقد مكنت الست عشرة سنة الماضية من انتشار الفساد في كل مجالات الحياة، واستطاعت هذه الأنواع من الفساد من نشر آثارها المدمرة في المجموعة الوطنية فأفقدتها قيمها المعنوية، وضوابطها الأخلاقية وفضائلها الموروثة أبا عن جد». يشار إلى أن بن فليس كان مديرا لحملة بوتفليقة في انتخابات 1999، ثم أصبح مدير مكتبه بالرئاسة، فأمين عام الرئاسة، ثم رئيسا للحكومة. وفي الوقت ذاته قاد حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطنية» لسنوات طويلة. لكن اختلف الرجلان عشية انتخابات الرئاسة 2004، عندما اختار بن فليس الترشح مدعوما من رئيس أركان الجيش آنذاك الجنرال محمد العماري، فيما تلقى بوتفليقة مساندة مدير المخابرات السابق الجنرال محمد مدين. واكتسح بوتفليقة تلك الانتخابات، فيما ترشح بن فليس مرة ثانية لمنافسة بوتفليقة في 2014، وعادت الغلبة مرة أخرى للثاني.
مشاركة :