أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات، دارسة اقتصادية جديدة، تحت عنوان «التجربة الأوروبية في تعزيز الاقتصاد الدائري: الآثار التنموية والدروس المستفادة للدول الآخذة في النمو»، تحاول من خلال تحليل موضوع الاقتصاد الدائري، وتحليل ما تقدمه التجارب الدولية من دروس بيئية مهمة، أن تقدم رُؤى موضوعية تتسم بالشمول، وتتلاءم مع أوضاع الدول الآخذة في النمو في قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، لا سيّما في قضية تحرير الموارد الاقتصادية المحلية، وحمايتها من سوء الاستخدام تارةً، ومن الهدر تارةً أخرى. وتتناول الدراسة، التي أعدها الباحث سلطان الربيعي نائب رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بتريندز، بالعرض والتحليل، مضمون تجربة الاتحاد الأوروبي في أنشطة تدوير المخلفات، لتستخلص منها دروساً مستفادة، وتكتب بها خطوطاً عريضة تقدمها لصُنّاع السياسات الاقتصادية الأفارقة وغيرهم، في دول العالم الآخذة في النمو، وخصوصاً في ظل ما يعانيه هذا العالم الآن من تحديات اقتصادية راهنة. وبينت الدراسة أنه في ظل سعي الدول الآخذة في النمو لتطوير اقتصاداتها المحلية، فإن أهم العقبات التي تواجه صُنَّاع السياسات الاقتصادية، تتمثل في تفاقم مشكلة هدر الموارد الاقتصادية، سواء الموارد الطبيعية و/ أو البشرية و/ أو المالية. وأشارت إلى أن هدر الموارد الاقتصادية، لا يعني فقط توظيفها بطريقة غير منتجة، أو بطريقة ضعيفة الإنتاجية، بل يشمل مظاهر التلوث البيئي بصورة شديدة التنوع. موضحة أن التلوث البيئي يقلل من الكفاءة في كافة الأنشطة الاقتصادية - الاستثمارية والإنتاجية والتصديرية - ويخصم كذلك من جودة الحياة، ومؤشرات التنمية البشرية في الاقتصاد. وذكرت الدراسة أنه في حالة الاقتصاد النامي، وتأسياً بالتجربة الأفريقية، فإن المعاناة من هدر الموارد، ومن تلوث البيئة تزداد وضوحاً، لا سيّما في ظل اتساع الفجوة القائمة في ما بين هذه الدول وبين الدول، التي أحرزت تقدماً اقتصادياً في مجالات عدة، إلى جانب حماية البيئة بشكل أكثر تركيزاً. وقدمت الدراسة نموذجاً يتمثل في التجربة الأوروبية في إدارة الموارد الطبيعية، وترشيد استخدامها وزيادة إنتاجيتها، وحمايتها من التلوث، وإعادة تدوير ما استُخدم منها، وإدخاله مرة جديدة - بل ربما أكثر من مرة- في النشاط الاقتصادي، باعتبارها نموذجاً مهماً ومليئاً بالدروس المستفادة. وخلصت إلى أن ما يملكه الاقتصاد الأفريقي من موارد متنوعة، كان سبباً جوهرياً في حاجة الدول الأفريقية إلى تنمية أصول الاقتصاد الدائري، وذلك بأن تركُز أنشطتها الاقتصادية في عمليات استخراج وتصدير هذه الموارد، جعل معدلات استنزاف هذه الموارد، يتسارع كلما ازدادت احتياجاتها التنموية، وتفاقمت مشكلاتها الاقتصادية، لا سيّما في ظل سياق دولي مأزوم. وشددت على أن قدرة الدول الأفريقية، كمثال واضح على الدول الآخذة في النمو، على المحافظة على مواردها الناضبة، وفي توظيف هذه الموارد التوظيف الأمثل، والاستفادة منها الاستفادة القصوى، والمحافظة على مؤشرات بيئية مستدامة، كل ذلك يستدعي العمل الجاد، والتحول السريع في أنشطة الاقتصاد الدائري لديها. لكن تبقى المعضلة الأساسية، فيما إذا كان يتعيّن على أنشطة الاقتصاد الدائري المستهدف، أن تتركز فقط في تدوير المخلفات المحلية محلياً، أم التوسع في تصديرها إلى الخارج. وبينت أن لكل اقتصاد من اقتصادات القارة الأفريقي سمات، تجعل أحد الحلول مفضلاً على الآخر. لكن في جميع الأحوال، فإن توطين الأنشطة الاقتصادية عالية القيمة المضافة - أفريقياً - يستدعي ترقية التكنولوجيا الموظفة في هذا القطاع. وفي هذا المضمار، يمكن أن تبدأ أنشطة تطوير الاقتصاد الدائري في أفريقيا بالتوجه إلى تصدير المخلفات، ومقايضتها باستيراد تكنولوجيا متخصصة في عمليات التدوير المحلي، لكي تتمكن - في ما بعد - من الاعتماد على الذات، أو بالأحرى الاعتماد الجماعي على الذات، في ظل خطة تكاملية، يرعاها الاتحاد الأفريقي، من أجل تحرير الموارد الأفريقية الطبيعية من الهدر أو الاستنزاف السريع وغير المحسوب. تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :