اصطفت 12 مدينة أوروبية وأمريكية ضد نظام الملالي، ونظم أبناؤها مسيرات واحتجاجات تضامنوا خلالها مع الشعب الإيراني، رافضين القمع الذي يتعرض له بشكل يومي، ومقصلة الإعدام التي تنتظر كل من يعارض أصحاب العمائم.وأشعلت المقاومة الإيرانية بقيادة منظمة مجاهدي خلق فتيل الغضب داخل أوروبا وأمريكا وأستراليا ضد نظام الملالي، بعد تصاعد الاحتجاجات في أكثر من 200 مدينة داخل إيران، ومع ارتفاع عدد شهداء الانتفاضة إلى أكثر من 750 شهيدا و30 ألف معتقل.ورغم الانقسام داخل النظام الإيراني على التعامل مع الاحتجاجات التي تجاوزت 110 يوما، منذ مقتل الشابة الكردية مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق التابعة للحرس الثوري، واصلت السلطات الإيرانية ممارسة العنف ضد المحتجين العزل من المدنيين.دكتاتورية خامنئيونظم الإيرانيون وأنصار منظمة مجاهدي خلق مظاهرات متزامنة في أكثر من 12 مدينة في أوروبا وأمريكا وأستراليا، وأعربوا عن اشمئزازهم من إعدام شابين منتفضين في إيران، والذي أعلنه نظام الملالي أمس الأول، وندد المتظاهرون بأي دكتاتورية في إيران وهتفوا بالموت لخامنئي.وجاءت المظاهرات التي اندلعت في واشنطن ولندن وباريس وكولونيا وبرلين وميونخ وستوكهولم ويوتوبوري وفيينا وأوسلو وسيدني وهايدلبرغ ولاهاي، وغيرها من المدن تزامنا مع الذكرى الثالثة لإطلاق حرس النظام الإيراني الصواريخ على طائرة الركاب الأوكرانية التي قتلت 176 راكبا وطاقم طيران.طرد المرتزقةوطالب المتظاهرون في تجمعاتهم المجتمع الدولي بإبداء الصرامة في التعامل مع الإجراءات المعادية للإنسان من قبل نظام الملالي ضد الشعب الإيراني، وإغلاق سفارات النظام في الدول، وطرد عناصر النظام ومرتزقته من مختلف الدول، وشددوا على ضرورة تحرك دول أوروبا لإدراج الحرس الثوري في قوائم الإرهاب، وطالبوا بتفكيك قواته باعتباره القوة القمعية لنظام الملالي.وشهدت إيران قبل يومين إعدام سجينين من معتقلي الانتفاضة، وهما محمد مهدي كرمي وسيد محمد حسيني، بأمر من خامنئي، على الرغم من الاحتجاجات المحلية والدولية، واعتقل الشهيدان يوم 3 نوفمبر، حيث تعرضا للتعذيب، وفي 4 ديسمبر أصدرت محكمة الجلادين حكما عليهما بالإعدام بتهمة الإفساد في الأرض، وبعد ذلك أكدت المحكمة العليا لنظام الملالي على عقوبة الموت.انقسام النظاموينقسم النظام في إيران حول طريقة الرد على احتجاجات غير مسبوقة متواصلة منذ أشهر، ويتأرجح ذلك بين القمع وبادرات التهدئة، ويوضح مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة دنفر الأمريكية نادر هاشمي، أن الرسائل المتضاربة التي نتلقاها من النظام الإيراني تشير إلى جدل داخلي حول طريقة التعامل مع الاحتجاجات المستمرة، ويضيف «في معظم الأنظمة الاستبدادية هناك صقور وحمائم تختلف حول مدى القمع أثناء الأزمات».ويقول «الموافقة على إعادة محاكمة عدد من المحتجين حكم عليهم بالإعدام، والإفراج عن معارضين بارزين، مؤشران على أن البعض يسعى إلى نهج أكثر ليونة، إلا أن تنفيذ إيران حكم الإعدام في حق رجلين لقتلهما عنصرا من قوات الباسيج المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني خلال اضطرابات مرتبطة بالاحتجاجات، أتى ليذكر بالمسار المتشدد».حسابات سياسيةويؤكد الخبير الإيراني مهرزاد بروجردي، المشارك في وضع كتاب «إيران ما بعد الثورة: دليل سياسي»، أن ذلك يعكس حسابات سياسية، ويوضح «هم يعلمون أن عمليات الإعدام الجماعية ستؤدي إلى نزول مزيد من الأشخاص إلى الشوارع. من جانب آخر يريدون إرسال إشارة تفيد بأنهم لا يترددون بإعدام متظاهرين من أجل إخافة الناس».ويري محللون أن إطلاق سراح مجيد توكلي وحسين رونقي، وهما معارضان بارزان أوقفا في بداية الاحتجاجات، بعد أسابيع من اعتقالهما، هو محاولة أخرى لتهدئة الوضع، ويشير بروجردي إلى أن النظام يستخدم كل شيء من تنفيس الاحتقان إلى فترات سجن طويلة وعمليات إعدام. إنهم يجربون هذه الأساليب فيما يعانون من أجل صياغة سياسة أكثر وضوحا.ضغوط خارجيةويقول أنوش احتشامي، مدير معهد دراسات الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية في جامعة دورهام في إنجلترا، إن إعادة المحاكمات تعكس جزئيا الضغوط الخارجية والداخلية المتزايدة، ويتابع «لكن حتى داخل النظام هناك انقسام حول طريقة التعامل مع الوضع، حيث يقف المتشددون في جانب، وفي جانب آخر من يرون أن الإعدامات تحفز مقاومة المحتجين»، مشيرا إلى أن إعادة المحاكمات وإطلاق سراح معارضين إجراءات تهدئة لمحاولة إرضاء المتظاهرين.وفي حين قد تبدو هذه الإجراءات غير مهمة للبعض، إلا أن نظاما أمنيا متعثرا يعدها بادرة سخية من جانبه واستجابة لضغط الناس، كذلك تم توقيف مشاهير لكن لفترات أقصر بكثير، فقد أفرج عن الممثلة الشهيرة ترانه عليدوستي الأربعاء الماضي بكفالة، بعد احتجازها 3 أسابيع تقريبا بسبب دعمها الاحتجاجات، وفق ما أعلن محاميها.استراتيجية التخويفويرى بعض المحللين أن استراتيجية التوقيف وإطلاق السراح هي بمثابة تخويف، لكن أيضا جس نبض لمعرفة ما سيكون رد الفعل، ويقول أفشين شاهي، الأستاذ المشارك في دراسات الشرق الأوسط في جامعة كيل في إنجلترا، إن التساهل الذي تظهره السلطات أحيانا هو محاولة لمنع حصول مزيد من الانقسامات داخل المؤسسة الأمنية، إذ إن القمع أدى إلى نفور بعض أعضائها، ويضيف أن النظام لا يبدو أن لديه استراتيجية واضحة ردا على الغضب الشعبي.ورغم إطلاق سراح بعض الأشخاص، أمضت شخصيات بارزة أشهرا في السجن، بينهم الناشط آرش صادقي والصحفيتان الإيرانيتان اللتان أسهمتا في كشف قضية أميني، وفي مطلع ديسمبر الماضي أعلن المدعي العام محمد جعفر منتظري حل شرطة الأخلاق، لكن أي جهة رسمية أخرى لم تؤكد ذلك.تقديم تنازلاتويوضح هاشمي أن هذا الإعلان يعكس الجدل الداخلي ويظهر أن جزءا واحدا على الأقل من النظام يؤيد انتهاج طريقة أقل صرامة لفرض قواعد اللباس، كما أن بعض أهل السلطة بدؤوا الآن يتحدثون عن حل وسط، رغم أن من السابق لأوانه معرفة ما سيكون ذلك، لكن بالمعنى الأوسع، لا أعتقد أن لديهم ما يريده الناس، وهو تغيير شامل لم تحدد تفاصيله، وفق احتشامي.ومع ذلك أظهر النظام تاريخيا قدرته على تقديم تنازلات عندما يتعين عليه ذلك، بحسب هاشمي، ويوضح قائلا «ينسى الناس أن هذا النظام صمد 44 عاما لأن بإمكانه أن يكون ذكيا جدا وبارعا جدا ومكيافيليا جدا من ناحية ما عليه فعله للبقاء».وتشهد إيران منذ 16 سبتمبر الماضي احتجاجات إثر مقتل الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاما)، بعد 3 أيام على توقيفها بأيدي شرطة الأخلاق، وتحولت التظاهرات إلى حركة مناهضة للنظام، في أكبر تحد للسلطات منذ ثورة 1979 التي أطاحت بحكم الشاه.مطالب المتظاهرين الضغط على النظام لوقف القمع والإعدامات في الداخل تحرك دولي لوضع الحرس الثوري على قوائم الإرهاب تفكيك قوات الحرس بعد ضلوعها في إرهاب الشعب إغلاق سفارات النظام في الدول طرد عناصر النظام ومرتزقته من جميع الدول تفكيك الميليشيات الموالية للنظام الإيراني في العالم
مشاركة :