خلال رسالته للأمريكيين، بمناسبة عيد الميلاد، عبّر الرئيس جو بايدن عن أمله في أن تشهد بلاده «انطلاقة جديدة»، تتخلص فيها مما وصفه بـ «سم الانقسامات». ومع ذلك، فإن التجاذبات التي شهدتها أروقة مجلس النواب الأمريكي الأسبوع الماضي، لا تشير إلى تخلص قريب من هذا «السُم»، الذي يربك حسابات بايدن الداخلية والخارجية، ويضع المجتمع الأمريكي على قدرٍ يغلي، وسط حالة من الاستقطاب الحاد. بانتخاب كيفن مكارثي رئيساً لمجلس النواب، السبت الماضي، بعد 15 جولة تصويت، وبعد اضطراره لتقديم مجموعة من التنازلات لتجمع الحرية المنتمي لحزبه الجمهوري، الذي يحظى بأغلبية ضئيلة، تلف حالة من الغموض، المشهد السياسي برمته، تنعكس على الملفات الداخلية والخارجية، على حد سواء، في سياق تأثير الانقسامات بين الحزبين، والانقسامات داخل الحزب الجمهوري نفسه، وتأثيراتها في إقرار التشريعات. يرصد محللون سياسيون من الولايات المتحدة الأمريكية، في تصريحات خاصة لـ «البيان»، أبرز السيناريوهات المحتملة للمشهد داخل الكونغرس الأمريكي وانعكاساته المختلفة. في تقدير الباحث بمؤسسة أمريكا الجديدة، باراك بارفي، فإنه «من الصعب للغاية، التنبؤ بتداعيات عملية انتخاب مكارثي على الوضع السياسي عموماً. فمن الممكن أن يحاول رئيس المجلس، تشكيل تحالفات مع الديمقراطيين لتمرير تشريعات حيوية.. ومع ذلك، فإن السيناريو الأرجح، هو قيام تجمع الحرية (الذي عارض ترشح مكارثي)، بمنع أي تشريع، ويبدو أنهم محصنون ضد أي ضغط من الجمهوريين، ودونالد ترامب نفسه». ومع ذلك، يشير بارفي، في تصريحات خاصة لـ «البيان»، إلى أن «الخلل الذي يشل الحزب الجمهوري، سيقلل من جاذبيته للناخبين الأمريكيين، الذين سيجدون صعوبة في فهم سبب عدم تمكنه من الحفاظ على الانضباط الحزبي». على الجانب الآخر، يوضح المحاضر الدولي بجامعة جورج واشنطن، الدكتور عاطف عبد الجواد، أن «الانقسام الحالي في الولايات المتحدة، هو بمثابة جرس إنذار.. وبسبب ضآلة الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، سيكون من الضروري التعاون مع الديمقراطيين، والحصول على ما يكفي من أصواتهم لتمرير تشريعات هامة». هذا الانقسام الجمهوري - الجمهوري، ثم الانقسام الأوسع بين الحزبين، يعود إلى حد كبير - في تقدير عبد الجواد- إلى سلوك الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يعتزم الترشح مرة أخرى للرئاسة، ولكنه يواجه في الوقت نفسه تهماً جنائية محتملة، محذراً في الوقت ذاته، من أن «أثر وسلوك ترامب، قد يدفع البلاد إلى أحداث مدمرة، كما حدث في هجوم الكابيتول في 2021». ويشير في تصريحات خاصة لـ «البيان»، إلى أن «البعض يرى ميزة في هذا الانقسام، وهي منع احتكار شخص واحد بالقرارات، فقد شهدنا كيف أن عدداً صغيراً من النواب الجمهوريين، يسقطون المرشح الجمهوري لرئاسة مجلس النواب 14 مرة، ولم ينجح إلا بعد أن قدم هذا المرشح تنازلات كبيرة، تحقيقاً لمطالب هذه الأقلية بتعديل بعض لوائح مجلس النواب.. بينما يرى البعض الآخر، فإن هذا الانقسام أضر بالولايات المتحدة (..)، هذا الانقسام لم يحدث من قبل إلا مرة واحدة من قبل، في القرن الـ 19». المستشار السابق في الخارجية الأمريكية، المحلل السياسي حازم الغبرا، يقول في تصريحات خاصة لـ «البيان»، إنه «لا خوف على الديمقراطية الأمريكية جراء المشهد الراهن.. إنما الخوف حالياً على مدى استطاعة مجلس النواب القيام بمهامه، وملفات مثل رفع سقف الدين العام، وتمرير أي قرارات وقوانين مرتبطة بالشؤون الاقتصادية بشكل خاص، في وقت يعاني فيه البلد من التضخم ومشاكل اقتصادية». تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :