واشنطن - تسبب استمرار الانقسامات بين الجمهوريين في عرقلة انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب الأميركي خلفا للديمقراطية نانسي بيلوسي بعد عشر جولات انتخابية لم تحسم هذا الملف وسط حالة من الفوضى في مشهد استثنائي لم يشهده الكونغرس منذ 160 عاما. وكان الكونغرس الأميركي قد فشل في حسم انتخاب رئيس له إثر سقوط المرشح الجمهوري كيفن مكارثي الذي اصطدم بمعارضة شديدة من النواب المحافظين المتشددين حالت دونه ودون الفوز برئاسة المجلس رغم أنه كان الأوفر حظا وفي طريق شبه مفتوح للحصول على ثالث أهم منصب في النظام السياسي الأميركي. وعجز مكارثي عن الاهتداء إلى حل توافقي مع معارضيه رغم مساعيه الأخيرة لاستمالة حوالي 20 نائبا جمهوريا من مؤيّدي الرئيس السابق دونالد ترامب يعرقلون انتخابه، ولم تجد التنازلات الكبيرة التي قدمها لهم خلال مفاوضات جرت في الكواليس أي تجاوب منهم. ويبرر معارضو كيفن مكارثي النائب عن ولاية كاليفورنيا رفضهم لوصوله إلى رئاسة مجلس النواب بأنهم لا يثقون فيه، رافضين الالتزام بقرار حزبهم. ويظل طريق مكارثي إلى رئاسة مجلس النواب شائكا ما لم يحظ بدعم النواب المحافظين المتشددين الذين يناصبونه المعارضة رغم أنه وافق على عدد من مطالبهم ومن بينها تسهيل إجراءات عزل رئيس المجلس. ويلقي الشلل على مستوى رئاسة مجلس النواب الأميركي بثقله على المؤسسة برمتها، إذ في غياب رئيس لها تتعطل كافّة مهامها ولا يمكن للنواب أن يقروا أي مشاريع قوانين ولا أن يؤدي النواب اليمين. وينتهز النواب المؤيدون لدونالد ترامب وهم ينتمون إلى الجناح الأكثر تحفّظا في الحزب فرصة تحقيقهم للأكثرية الضئيلة التي أحزرها الحزب الجمهوري في انتخابات منتصف الولاية في نوفمبر/تشرين الثاني لفرض شروطهم. وقال النائب عن مونتانا مات روزندال "علينا إصلاح هذا النظام المعطّل"، داعيا نوابا جمهوريين آخرين للانضمام إلى جبهة الاعتراض. ويتطلب انتخاب رئيس مجلس النواب الأميركي غالبية 218 صوتا استطاع مكارثي إلى الآن ضمان 200 صوت منها بالإضافة إلى صوته. ويمضي النائب عن كاليفورنيا في السباق الانتخابي إلى رئاسة مجلس النواب بحظوظ قوية في غياب منافس حقيقي، فيما تم تداول اسم رئيس كتلة الجمهوريين ستيف سكاليس كبديل محتمل، إلا أن فرصه تبدو ضئيلة، وفق ما يراه مراقبون. ويواصل النواب التصويت إلى حين انتخاب رئيس جديد للمجلس في عملية قد تستغرق ساعات أو قد تمتد لأسابيع، إذ لم يتفق أعضاء الكونغرس في عام 1856 على رئيس إلا بعد شهرين و133 دورة. ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن هذا الوضع بأنه "محرج"، لافتا إلى أن "بقية العالم يتابع هذه الفوضى، بينما خيمت في الساعات الأخيرة أجواء من الاستياء ونفاد الصبر تحت قبة الكونغرس خاصة بين النواب الجمهوريين الذين يدعمون ترشيح مكارثي، ما أجج حالة النقاش وسط مخاوف من تواصل ضبابية الوضع. وبات الجمهوريون في وضع حرج إذ باتوا عاجزين عن فتح التحقيقات الكثيرة التي وعدوا بفتحها في حق جو بايدن، أما الديمقراطيون فلا يخفون متعتهم إزاء هذا الوضع إذ يضحكون بسخرية، ولا يتورعون عن التصفيق لزملائهم الجمهوريين. ويدعم الحزب الديمقراطي ترشيح حكيم جيفريز لكن النائب ينقصه دعم عدد كاف من الأصوات لكي ينتخب رئيسا جديدا لمجلس النواب. وقال جيفريز في مؤتمر صحفي الخميس "لدي أمل اليوم في أن يوقف الجمهوريون المشاحنات والنميمة والطعنات في الظهر، كي نتمكن من العمل في خدمة الشعب الأميركي". ويبدو بادن المستفيد الأول من مآلات هذا الوضع إذ سيكون في وضع سياسي مريح في مواجهة مجلس نواب مشتت وغير منظم حتى ولو كان معاديا له، وذلك في صورة ترشحه مرة أخرى للرئاسة الأميركية في عام 2024.
مشاركة :