«نجاح أفريقيا وازدهارها ضروري لضمان مستقبل أفضل لنا جميعا».. كان هذا ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال القمة الأمريكية - الأفريقية التي عقدت الشهر الماضي.واعتبر أن أفريقيا لديها كثير من قصص النجاح والشركاء الجاهزين، وأن بوتسوانا وغانا وكينيا والمغرب وناميبيا وصوماليلاند «أرض الصومال» وجنوب أفريقيا، كلها دول ديمقراطية.ولم يكن بايدن متساهلا، فبينما أشار خلال القمة إلى أنه سيغض الطرف عن الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، لا تزال بعض الدول تتجاوز كل المعايير، وفي مقدمة قائمة هذه الدول إريتريا.وقال الدكتور مايكل روبين، الباحث المقيم بمعهد «أمريكان انتربرايز» في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، إن هذا العام يصادف الذكرى السنوية الثلاثين لاستقلال إريتريا.وقد كان هناك تفاؤل عندما نالت إريتريا استقلالها، وبعد سنوات من القتال توجت بهزيمة الديكتاتورية الماركسية في إثيوبيا، اتفق الزعيم الإريتري أسياس أفورقي والرئيس الإثيوبي المؤقت ميليس زيناوي على طلاق سلمي.خيبة أملأشار إلى أن الدولتين تسببتا في حالة من خيبة الأمل، إذ سعى قادتهما إلى تعزيز الديكتاتورية، وحول زيناوي إثيوبيا إلى دولة مستبدة، بينما فضل أسياس نموذجا شموليا، واليوم، تصنف منظمة «فريدم هاوس» لحقوق الإنسان إريتريا في مركز أقل من كوريا الشمالية على مؤشرها للحرية المدنية.واعتبر روبين أن 3 عقود من سوء إدارة أسياس تركت إريتريا دولة فاشلة، إذ يبلغ نصيب الفرد من الدخل في إريتريا نحو 50 دولارا شهريا، وفي غياب التحويلات المالية من كثير من مواطني إريتريا الذين فروا إلى أمريكا الشمالية أو أوروبا أو الشرق الأوسط، سينخفض الدخل الإريتري بمقدار النصف، ليصبح أقل حتى من دخل جنوب السودان.وتعد مدينة أسمرة، عاصمة إريتريا، من بين أجمل مدن العالم، وتقع بجانب أحد أهم الممرات المائية فيها، ومع إدارة تتمتع بالكفاءة، ربما كانت إريتريا قد تمكنت من تحويل نفسها إلى ما يشبه إمارة دبي، ولكن بدلا من ذلك، أصبحت إريتريا تحت حكم أسياس دولة عبودية في العصر الحديث، تحت ستار التجنيد الإلزامي لأجل غير مسمى.نشر التعاسةقال روبين، إن إريتريا تزعزع استقرار المنطقة، معتبرا أن هناك فرقا بين أن تتسبب في معاناة وبؤس مواطنيك، وبين أن تنشر هذه التعاسة وهذا البؤس، وفي حين أن بايدن كان مستعدا لإعادة تأهيل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وهو رجل مسؤول عن التجويع المتعمد لمئات الآلاف من مواطني إقليم تيجراي، فإنه يتجاهل أن أسياس، الذي يعد شريكا ومعلما لآبي أحمد، ليس من الموقعين على وقف إطلاق النار الهش في إثيوبيا.ولا يزال الجيش الإريتري يعامل تيجراي كما يعامل الجيش الروسي منطقة شرق أوكرانيا، وقد تصدر نبأ مقتل مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم على أيدي القوات الإريترية العناوين، لكنها قصة تكررت آلاف المرات ضد مواطنين أقل شهرة في إقليم تيجراي. ويظهر سماح آبي أحمد بمثل هذه الأعمال الإريترية على الأراضي الإثيوبية عدم إخلاصه وعجزه وتواطئه، ويتفاخر القوميون الإثيوبيون بأنفسهم وببلادهم، إلا أن آبي أحمد جعل 118 مليون إثيوبي خاضعين لـ6 ملايين إريتري.وكر الجريمةلم يكتف أسياس بالسيطرة على إثيوبيا فحسب، وإنما قام أخيرا برعاية الاضطرابات في جيبوتي، وسعى إلى التدخل في الوضع المتوتر في السودان.وبالفعل، تسبب تعاونه مع الزعيم الصومالي السابق محمد فرماجو في زعزعة استقرار الصومال.وقد فكر ذات مرة في مهاجمة صوماليلاند «أرض الصومال»، للحصول على ميناء على البحر الأحمر.وأكد الباحث الأمريكي مايكل روبين، أن الولايات المتحدة تحتاج إلى استراتيجية متماسكة للتعامل مع إريتريا. وأشار إلى أن سفارة إريتريا في واشنطن تعد وكرا للجريمة المنظمة، وأبرز ضحاياها هم الإريتريون في الشتات، معتبرا أن هذا يجب أن يكون مصدر قلق يتعلق بالأمن القومي وإنفاذ القانون بالنسبة للمواطنين الأمريكيين.وختم الباحث تقريره بالقول، إنه يجب على الولايات المتحدة وضع خطة للمرحلة الانتقالية لإريتريا بعد وفاة أسياس، حيث ستكون هناك مأساة إنسانية إذا حل نجل أسياس، أو أي من كبار القادة العسكريين التابعين للديكتاتور الإريتري محله بعد وفاته.وسيحدث هذا، إذا لم تضع وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي خطة الآن.
مشاركة :