العامل الخامس في تحول النمو إلى الاتجاه الأخضر استكشاف مصارف الكربون. فإن الصفر الصافي ليس صفرا إجماليا، فالفارق هو احتجاز الكربون، الذي من المرجح أن تنشأ له أسواق في المستقبل. وقد تتمكن من الحصول على أرصدة كربونية عن طريق إعادة تشجير المناطق التي أزيلت منها الأشجار، أو عن طريق حماية الغابات القائمة. ففي الأمازون، على سبيل المثال، يقوم الناس بقطع الأشجار لأن استخدام الأرض لتربية الأبقار يحقق لهم أرباحا أكبر غير أنه من الممكن، في ظل توافر أسعار معقولة للكربون أن تحتجز الغابة الكربون، الأمر الذي يعد أكثر قيمة للهكتار من لحوم البقر، لكن أسعار الكربون في الوقت الحالي ليست معقولة، ولا توجد أسعار للكربون في كثير من الدول، وإن وجدت فإنها تكون زهيدة مقارنة بأوروبا، أي منخفضة بشكل كبير لا يسهم في جعل الغابات تحقق ربحية أكبر من تربية الأبقار. وفي السوق ذات الأداء الجيد، ينبغي أن تتساوى أسعار الكربون مع الأسعار العالمية، لأن الغلاف الجوي يحيط في العالم بأسره. غير أن الأسواق لا يمكنها أن تثق بأن الكربون الذي تحتجزه الأشجار في عام لن يعود إلى الغلاف الجوي في العام المقبل عندما يقوم أحدهم بإزالة الأشجار من الأرض لتربية الماشية. ولهذا السبب فإن أرصدتكم الكربونية يتم تداولها بأسعار مخفضة للغاية، إن كانت موجودة أصلا، ويتعين عليكم تطوير المؤسسات لتقديم أرصدة كربونية موثوقة. وهناك مصارف أخرى أيضا، فقد تكون لديك تكوينات جيولوجية ملائمة لتخزين الكربون الذي يتم احتجازه ويتعين عليك معرفة مكانها وضمان أنها آمنة ومانعة للتسرب، ويجب عليك تحديد حقوق ملكية هذه التكوينات الجيولوجية بحيث يمكن الاستثمار فيها وتستطيع أن تحصل على قيم إيجارية من تأجير حيز التخزين، ويتطلب هذا الأمر جهودا، نظرا إلى أن التشريعات قد وضعت على افتراض أن الناس سيستخرجون المواد ذات القيمة من باطن الأرض، لا أن توضع فيه المخلفات غير المرغوب فيها. وإذا قمت بإنشاء سوق المصارف طويلة الأجل للكربون، فيمكنك من خلالها المحافظة على غاباتك، وإيجاد قيمة جديدة في باطن الأرض لديك، ومساعدة العالم على خفض انبعاثات الكربون. والعامل السادس هو ـ التخطيط للتعلم. لا يوجد بلد حتى الآن يبدي تفوقا في التكنولوجيات والصناعات التي ستشكل المستقبل، غير أن البعض سيتعلم والبعض الآخر لن يتعلم. فماذا ستفعل للتأكد من أن بلدك ضمن المجموعة الأولى؟ كثيرا ما يطلب من الدول تجنب الأمور التي لا تجيد أداءها والتركيز على الأمور التي تجيدها. غير أن النمو لم يقتصر على المجالات الحالية ذات الميزة التنافسية فحسب، بل يشمل أيضا تطوير تلك الميزة، فعلى سبيل المثال، تتمتع فرنسا بتاريخ طويل من إجادة صناعة الجبن مثلا، لكنها تميزت كذلك في صناعة الطائرات التجارية وقطارات السكك الحديدية عالية السرعة. فمن الذي سيطور القدرة على تصنيع المحللات الكهربائية بشكل تنافسي؟ ومن الذي سيحول ضوء الشمس والرياح لديه إلى مصدر للتميز والإجابة هي تلك الدول التي تركز على استقطاب الاستثمارات الاستراتيجية والكفاءات العالمية، وكذلك تيسير سبل تبني التكنولوجيا من خلال دعم البرامج البحثية في الجامعات وخارجها، ونادرا ما يمكن إجراء ذلك من خلال إغلاق السوق المحلية. إن مطالبة الدول بالمساهمة في خفض الانبعاثات على الصعيد العالمي من خلال إعطاء الأولوية للحد من انبعاثاتها الكربونية، أمر غير مجد والمقترح الواعد بقدر أكبر هو صنع القيمة وتوفير سبل العيش في الداخل من خلال مساعدة العالم على خفض الانبعاثات. ونظرا إلى حداثة هذه التحديات، فلا بد أن يخوض غمارها لاعبون جدد. ويمكنك أن تكون أحدهم، فالمردود قد يكون ضخما.
مشاركة :