كان الأب رجلا بسيطا مثل كل شىء أحاط بى، المنزل والأثاث والشارع والجيران، ولكنه كان سخيا فى إعداد المصاحف والآيات القرآنية بدءًا من باب الشقة مرورا بغرفة المعشية ثم الضيوف. لم أشك فى إيمان الرجل الذى ألزم بناته وزوجته بالحجاب الشرعى، ومع ذلك لم يشعر بأى وزر عندما أصر على أن تلحق ابنته الصغرى بشقيقاتها للزواج من ثرى عربى لم يرها، ويرغب فى الزواج من فتاة صغيرة ويدفع مهرا وشبكة ومأذونًا وربما يأخذ الزوجة أو بالأحرى الضحية إلى بلده بعد انتهاء أشهر الصيف أو يتركها فى منزل أهلها. كانت مهمتى أنا وصديقتى أن نقنع الأب بأن يترك ابنته المتفوقة لتكمل تعليمها ولا يجنى عليها بمثل هذه الزيجة، خاصة أن شقيقتها الكبرى طلقت بعد ثلاثة أشهر، والأخرى بعد عامين من الشقا فى الغربة. ما لفت نظرى أن الرجل كان يؤكد لنا أنه يريد الستر لابنته وأن التبكير بزواج الفتاة سنة، ولم أناقشه فى هذه القصص، ولكننى أكدت له أننا سنقدم إعانة شهرية للفتاة لتكمل تعليمها وأنها لم تضطر إلى البهدلة فى المواصلات أو التعرض لأى مضايقة. كانت الأم فى صفنا، وذكرته بما حدث لابنتيهما الكبرى فقد طلقها زوجها الثرى بعد أشهر، ولم تتزوج إلا بعد عامين من رجل مصرى. والأخرى تزوجها ابن خالها بعدما عادت مطلقة هى الأخرى. قال الأب إن البنات اتستروا بما لهم من مال.خطر لى أن أسأله هل تعرف يا حاج أن زواج المتعة حرام؟ لما فكر وانطلق السؤال من فمى فانتفض الرجل مرددا: أعوذ بالله يا أستاذة.. زواج متعة إيه.. فردت صديقتى: معلش يا حاج هو العريس دا متزوج بنتك ليه.. واحد أكبر منها بـ٣٠ سنة، ولا يعرفك أو يعرف عائلتك ولا يعرف البنت، وعايز يتجوز بنت صغيرة وحلوة يبقى اسمه إيه؟ تعلثم الرجل وأكد أن شيخ الزاوية أكد أن الزواج صحيح.وأن كل فتيات القرية يتزوجن بهذه الطريقة. سألته هل جربت تسأل شيخ تانى، سكت وقال بصراحة لا أصبح الآن يكلم نفسه أكثر مما يلتفت إلينا أو يحدثنا.. راح يقول: هو الراجل قالى إنه ممكن يطلق البنت قبل ما يسافر أو يأخذها معاه، ولكنه هيدفع لها المؤخر اللى أنا هاطلبه..سكت قليلا.. وقال فى شيخ أزهرى يسكن فى القرية سأله واطمن. صديقتى المتشائمة قالت لى مصيبة لو الشيخ الأزهرى قال إنه زواج صحيح.فقلت لها بتفاؤلى التلقائى لو شيخ أزهرى بحق وحقيقى هيعرف أنه بيع وليس زواجًا.بعد عدة أيام أعدنا الزيارة للأب بناء على دعوته، وقال لنا إن الشيخ نصحه بالابتعاد عن مثل هذه الزيجات فلا يوجد تكافؤ فى السن أو الظروف، وكل الشواهد تشير إلى أن هذا الرجل يهدف للمتعة ولا ينوى أن يكون الزواج سكنا ومودة. على الرغم من أن الشيخ الأزهرى رفض أن يجزم بأن مثل هذه الزيجات باطلة، إلا أنه نجح فى دفع الأب لرفض تزويج ابنته وتكمل تعليمها. أذكر أننى قابلت هذا الشيخ الصالح فى منزله وشكرته. وحينما سألته لماذا لم يحرم مثل هذا الزواج الذى يعد دعارة بوثيقة ومهر، خاصة أن مئات بل آلاف الفتيات فى القرية والقرى المجاورة تطلقن بعد فترة بسيطة أجابنى أنه ليس مجددًا أو مؤهلًا لهذه الخطوة. أضاف الشيخ: شروط الزواج متوافرة فى هذا الزواج الولى والديانة والإشهار، ونبهنى إلى زواج المتعة له صيغة معينة. كان الرجل مقتنعا بأن هذا الزواج أقرب إلى المتعة، ولكن الإفتاء ببطلانه يحتاج إلى اجتهاد كبار العلماء. الآن وبعد سنوات لم تنقطع خلالها سيل زوجات المتعة، ويتم فى كثير من الأحيان رغما عن الفتاة، وينتهى بطلاق سريع هل آن الأوان أن يواجه الأزهر وشيخنا الجليل هذه الظاهرة التى تتخذ من الزواج شماعة، وهى فى حقيقتها دعارة.. أريد أن أسمع من مولانا إجابات على بعض أسئلتى. هل تكفى موافقة الولى لرمى فتاة فى السادسة أو الخامسة عشرة فى جحيم شيخ أرسل وسيطًا أو بالأحرى سمسارا للزواج بفتاة صغيرة لمتعتة؟ هل طريقة الزواج من خلال محام يبحث عن شرط وحيد لزوج (فتاة صغيرة وحلوة) وغالبا فقيرة هو الزواج الشرعى. السكن والمودة أم زواج متعة وأن يستخدم الطرفان صيغة زواج المتعة. إن مولانا الإمام الطيب اتخذ موقفا رافضا قاطعا لإباحة بعض الشيوخ زواج المتعة.. فهل يمتد هذا الموقف للأزهر مؤسسة وشيخ جليل إلى وقف بيع الفتيات باسم الزواج وبموافقة ولى لا يهمه استقرار الزواج أو التكافؤ وتعمى وفير الجنيهات عينه وقلبه ليجبر ابنته على معاشرة من لا ترضى ولا يتخذها سكنا؟ افتينا يا مولانا
مشاركة :