صناعة الهواتف الذكية... على حساب معاناة أطفال الكونغو

  • 1/25/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ذكرت «منظمة العفو الدولية» أن أطفالاً تصل أعمارهم إلى سبعة أعوام في جمهورية الكونغو الديموقراطية يعملون في استخراج خام الـ«كوبالت» الذي يستخدم في الهواتف الذكية، واتّهمت المنظمة شركات عالمية كبرى مثل «آبل» و«سامسونغ» و«سوني» بالإهمال وعدم التأكّد من أن العناصر المستخدمة في منتجاتها لا يستخرجها أطفال. وقامت المنظمة من خلال تقرير نشرته على موقعها الخاص، بتوثيق الآثار الخطرة والأضرار الصحية القاتلة التي يعاني منها آلاف الأطفال أثناء أعمالهم اليومية لفترات طويلة في انتشال الصخور من أنفاق عميقة تحت الأرض وتكسيرها، إضافة إلى استخراج الـ«كوبالت» الذي يستخدم في الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، باستخدام أدوات يدوية بسيطة من المناجم الموجودة في الكونغو. وأشار التقرير إلى أن «تعريض الآلاف من الكبار وأطفال لا تتجاوز أعمارهم السبع سنوات إلى ظروف محفوفة بالمخاطر من أجل توريد الخام إلى العديد من الشركات التجارية الرائدة في العالم، انتهاك لحقوق الإنسان في الكونغو». ووجد باحثون في المنظمة أن الغالبية العظمى من عمال المناجم تقضي ساعات طويلة تصل إلى 12 ساعة يومياً مع الـ«كوبالت»، من دون توفير أبسط المعدات الوقائية مثل القفازات وملابس العمل أو أقنعة الوجه لحمايتهم من أمراض الرئة و الالتهابات الجلدية. ومات ما لا يقل عن 80 شخصاً من عمال المناجم الحرفية تحت الأرض في جنوب الكونغو في الفترة بين أيلول (سبتمبر) 2014، وكانون الأول (ديسمبر) 2015 ،ولا يمكن الجزم بالعدد الحقيقي للوفيات، نظراً لعدم توثيق جميع الحوادث التي تقع وبسبب ترك الجثث تحت الأنقاض. وبحسب «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» (يونسيف) عمل نحو 40 ألف طفل في المناجم جنوب الكونغو، وكثير منهم في استخراج الـ«كوبالت» العام 2014. وقال الباحث في «العفو الدولية» مارك دوميت، إن «أطفال الكونغو يحملون أكياساً من الصخور في أنفاق ضيقة من صنع الإنسان، تعرضهم لخطر الإصابة بتلف الرئتين المزمن»، مضيفاً أن «الملايين من الناس تتمتع بفوائد التكنولوجيا الجديدة من دون العلم كيف تمت صناعتها؟ وحان الوقت لتتحمل العلامات التجارية مسؤولية استخراج مواد منتجاتها الخام، التي تحقق لها الأرباح». ويوضح التقرير كيف أن التجار يقومون بشراء المادة الخام من المناطق التي يعمل فيها الأطفال، ويقومون ببيعه إلى شركة «كونغو دونغ فانغ للتعدين» (هويو)، وهي شركة تابعة مملوكة بالكامل إلى شركة المعادن الصينية العملاقة «تشجيانغ» المتخصصة في تجارة «كوبالت»، والتي تقوم في معالجته قبل تصديره إلى ثلاث شركات متخصصة في تجارة البطاريات في الصين وكوريا الجنوبية، ثم يقومون بدورهم ببيعه إلى الشركات المصنعة للبطاريات مثل «آبل» و«مايكروسوفت» و«سامسونغ» و«سوني» و«دايملر» و«فولكس فاغن». ولا تزال الانتهاكات في المناجم بعيداً عن الأنظار لأن مستهلكي الأسوق العالمية ليس لديهم أدنى فكرة عن الظروف التي يعانيها عمال المناجم، إذ وجد أن تجار الشركات العالمية يشترون الـ«كوبالت» من دون السؤال كيف وأين يستخرج. وتنتج الكونغو حوالى 50 في المئة على الأقل من المادة الخام في العالم، في حين تحصل «هويو» على أكثر من 40 في المئة منه. وتدعو «منظمة العفو» الشركات إلى استخدام  الـ«ليثيوم أيون» في منتجاتها، والأخذ بالاعتبار حقوق الإنسان، ويشدد دوميت على أنه «يتعين على الشركات أن تقطع ببساطة علاقاتها التجارية مع المورد أو تفرض حظراً على الكوبالت الوارد من جمهورية الكونغو بمجرد ما يثبت وجود مخاطر متعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، وعليها أن تتخذ إجراءات  تعوض المتضررين الذين تعرضت حقوقهم إلى الانتهاك». وأجرت «يونيسيف» تحقيقاً العام 2009 في كيبوشي بالكونغو في اليوم العالمي لمناهضة عمل الأطفال، الذي يحتفل به في 12 حزيران (يونيو)، لتسليط الضوء على التحديات المستمرة المتعلقة بالقضاء على أسوء أشكال عمل الأطفال، مع التركيز على استغلال الفتيات. وتوصلت في تحقيقها إلى أن «هناك أطفالاً يعانون من عمل المناجم المضني، ووجد طفل يبلغ عامين فقط يدعى سيليفيان، كانت ملامحه تختفي وراء الغبار، وهو يقبع بجانب أمه بيتشي بانزا (40 عاماً) التي تقوم مع عائلتها بطحن الصخور بمطرقة خشبية يدكون بها كومة من الركاز في أحد المحاجر في الكونغو»، وتأتي العائلات للعمل ابتداءاً من الخامسة صباحاً حتى الغروب في كل يوم، وتعمل الأم كادحةً من أجل مساعدة أطفالها، وبعد كدها ومعاناتها تحصل على نحو ستة دولارت يومياً فقط. وفي حين أن لا أحد من أبنائها ملتحق بالمدرسة، شأنهم في ذلك شأن كل الأسر التي تعمل في المحجر وعددها 500 أسرة، توضح بانزا قائلة: «كانت هذه المدينة إحدى مدن المناجم، وعمل آباؤنا في شركة المناجم إلى أن أغلقت أبوابها، وحينئذ لم يعد لدينا ما نفعله»، وتضيف «إذا توقفنا عن العمل، توقفت الحياة في المدينة».

مشاركة :