ضمن فعاليات مهرجان الشارقة للشعر العربي، جدّد قصر الثقافة في الشارقة استضافته للإبداع والألق الشعري بقصائد لستة مبدعين، بحضور سعادة عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، ومحمد عبد الله البريكي مدير بيت الشعر، وجمع من المثقفين والأدباء ومحبي الكلمة. شارك في الأمسية الشعراء: خالد الحسن “العراق”، وآلاء القطراوي “فلسطين”، وأحمد اليمني “السودان”، ولؤي أحمد “الأردن”، وأبو فراس مبروك، “المغرب”، وعلاء جانب “مصر”، فيما أدار الأمسية د. أحمد الحريشي. وتبارى الشعراء المشاركين في الأمسية في تقديم فيوض من النصوص المحلقة في عوالم من الجمال والسحر، بمواضيع متنوعة بين الغزل تحتشد بمفردات الشوق والحنين، وتجارب روحية تغوص في النفس البشرية والوجود وتحفل بالمعنى، وحضور بديع للأوطان واستنطاق للأمكنة، ورصد لمشاهد من الواقع عامر بالصور. وفي المستهل، قدم خالد الحسن باقة متنوعة من النصوص امتدت مثل إيقاعات موسيقية فوق سلالم الشعر، حيث أن للشاعر عطرية خاصة ومقدرة فائقة على صناعة صور مملوءة بالمشهديات والذكريات، يقول: أمامك الآن موال وأغنية ورأس طفل إلى عينيك يلتفت. مشاهد شتى حفلت بها نصوص الحسن، تحتشد بذكر المكان والغوص في الذات بدفق شعوري بديع يخاطب الوجدان، وروح متأملة تنقب عن المعنى، وذلك ما يبدو جليا حينما يقول: من بعد ما حملته الشك والمعنى جاءت سماءً سماءً تجرح اللحن كنت تقص شريط العمر تفتحه على احتمالات خصر أوج الغصن. وخالد الحسن هو عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وشارك في عدد كبير من المهرجانات الشعرية والثقافية، وحصل على العديد من الجوائز، وله إصدارات شعرية عديدة من أهمها: “ملامح الظل الهارب”، و”حطاب المواعيد”. لشاعرة آلا القطراوي، نثرت هي الأخرى عطرية أنثوية خاصة بأريج تغلغل في نصوصها التي حفلت باللغة الباذخة والألق الإبداعي، ومفردات تحمل عبقا شعريا يحمل حسا جماليا مختلفا بمضامين ذات إشراق روحي فريد ينهل من التراث الإسلامي وقيمه الفاضلة، ويتجلى ذلك في نصها الذي تقول فيه: نسبي شريف وامتدادي نور واسمي من القرآن فيه حضور وفي نص أخر، تغزل الشاعرة نسيجا شعريا من خيوط الحب يحمل معاني أحلام الذات في سبيل المحبوب وتحمل آلام الهوى، فهي تقول: وأريده لونا إذا طلت عليه نوافذي يتمختر غيما به كل النوافير الصغيرة في التدفق تكبر. وآلا القطري، هي شاعرة وإعلامية، حاصلة على الدكتوراه في الأدب والنقد في اللغة العربية، حصلت على عدد من الجوائز في مجال الشعر، ولها العديد من المجموعات الشعرية. فيما اختار الشاعر السوداني أحمد اليمني، أن يعزف على أوتار قصائده أعذب ألحان الشعر، بمجموعة من النصوص التي حلقت في عوالم إبداعية مضيئة، والتي يلمح فيها ذلك الحس الشاعري الشفيف الذي ينطلق من الشاعر صوب قلوب الحاضرين، وكأنه حلم واسع، ولعل ذلك يبدو واضحا في نصه الذي استهل به باقة أشعاره، والذي يقول فيه: عندي جناحان عندك الأفق وعندي الليل وعندك الشفق فيما تسمى الرياح بوصلة لم يختبرني في حبرك الورق. وفي نص آخر بعنوان “سيرة غير ذاتية”، نلمس تلك الأحاسيس المرهفة، والموقف الذي يتأمل في الذات، ويقول في الشاعر في ذلك النص: لأنني اثنان في أدنى احتمالاتي أحن إلى الآخر المخفي من ذاتي. والشاعر أحمد اليمني، يعمل مهندس شبكات بالمملكة العربية السعودية، حاز على عدد من الجوائز، وله مجموعة شعرية بعنوان: “معارج الانتظار”. الشاعر أبو فراس بروك، يمتلك قدرة خاصة على رسم الدهشة على الحضور، عبر ممارسات إبداعية شعرية تصنع المقربات والمفارقات، وذلك ما يتجلى في نصوصه المفعمة بالحب والمحتشدة بمفردات الشوق والحنين، ويقول في أحد تلك النصوص التي ألقاها: مزاجي الطباع ونرجسي وأدري أنني صعب المراس أغار عليك من عين البرايا ومن أهلي ومن صحبي وناسي. والشاعر أبو فراس بروك، يعمل أستاذا للغة الفرنسية بالتعليم الثانوي، ونشرت قصائده في عدد من المجلات العربية، وله مشاركات في أمسيات وملتقيات شعرية عربية ومحلية، وله مجموعة شعرية بعنوان “سيرة التفاح”. أما الشاعر الأردني لؤي أحمد، فقد قدم باقة من النصوص الشعرية ذات الإيقاع الموسيقي واللغة الباذخة، فهو واحد من المبدعين الذين يمتلكون قدرة على تحشيد القصيدة بالمواقف الفكرية والاشراقات الجمالية ويحضر فيها الوطن، وذلك يظهر واضحا في قصيدته “إلى شمس شتائية”، وفيها يتلفت الشاعر إلى عمان العاصمة الأردنية التي عاش فيها الشاعر، ويقول في النص: يأتي الشتاء فلا شمس تكاد ترى شمس الشتاء تحب الصحو لا المطر يأتي الشتاء فتجتاحين أخيلتي بذكريات غدت في لحظة عمر. وفي نص أخر محتشد بالمعاني الروحية والرؤى الفلسفية، يسافر الشاعر بالحاضرين إلى عوالم بعيدة حالمة، وهو يقول في ذلك النص الذي يحمل عنوان “شيخ الطريقة”: بحر وإيقاع وقافية أنيقة هي فتنة المهجور من لغتي العتيقة بيضاء في عيني القصيدة إن تكن فيها النوافذ لا تطل على حديقة الشعر أن يطوي المكان مع الزمان فم سيختزل العوالم في دقيقة الشعر أن تهب المؤول معنيين تنام بينهما الكناية مستفيقة. ولؤي هو شاعر وإعلامي، فاز بالعديد من الجوائز الشعرية، وله دواوين “ناقف الحنظل”، و”تولى إلى الظل”، وكذلك له عدد من الإصدارات الأدبية والنقدية. وكان ختام القراءات مسكا مع الشاعر المصري القدير علاء جانب، الذي قرأ هو الأخر عدد من قصائده الشعرية التي تؤكد جزالة لغته، ويقول في واحدة من تلك القصائد التي يفوح منها أريج روحاني يتجمل بذكر الأماكن المقدسة: يُغاديني الهوى صحوًا فأبكي وسلمى في الهدوء وفي السكينة وقالوا: عاشقٌ يهذي بسلمى فقلت: نعم. وسلمايَ المدينة ثراها ضمّ خير الخلق طُرّاً وفيها أظهر الرحمن دينه وقال العاذلون: هويت أخرى؟ على أم القرى العليا المكينة فقلت لهم: كفاكم إن قلبي تقلب بين مكةَ والمدينة. وفي نص أخر، يعود الشاعر إلى حيث مراتع الطفولة الأولى وسحرها الذي يبقى في الذكريات، ويقول: مطّري يا مطرة خالعي اثوابنا كنا نغني نحن اطفال جنوبيون تغرينا السماء عندما تفرح بالرقص البدائي فتعطينا رغيفا من ضياء مطري ويعد علاء جانب من أبرز الشعراء المصرين في الوقت الراهن. صدر له مجموعة من الدواوين الشعرية منها ديوان “متورط في الياسمين”. وفي ختام الأمسية قام كل من سعادة عبد الله العويس، ومحمد القصير بتكريم الشعراء المشاركين
مشاركة :