فيما يحاول العراقيون لملمة جراحهم، وتنظيف البلاد من آفة الإرهاب والتطرف والاحتلال، التي يمثلها تنظم داعش الارهابي، والمنظمات المماثلة له، تقفز الممارسات الطائفية التي تمارسها المليشيات الشيعية الطائفية إلى السطح مجدداً، لتعكر صفو المخطط المرسوم لتخليص العراق من آفة الإرهاب، ولتلقي الضوء من جديد على الأجندات الحقيقية لهذه المليشات، والدوافع التي تحركها، والتي لم تعد خافية على أحد ففي تقرير جديد اتهمت منظمة (هيومن رايتس ووتش)، المليشيات العراقية هذه بارتكاب أعمال عنف وخرق لقوانين الحرب ابان احداث تكريت في مناطق عراقية يقطنها العرب السنة في ديالى والمقدادية. قوى وطنية تعقد مؤتمرات وندوات في الدول الأجنبية لإنقاذ ماتبقى في المقدادية التقرير لم يكن مجرد تكهنات، او شهادات لفظية من هذا الطرف او ذاك، كانت تظهر على شاشات التلفزة، مثل مقاطع الفيديو المقززة والصور المخيفة لحجم التصفيات والقتل وتعليق الجثث امام المارة وقطع اجزاء الاجسام وقطع الرؤوس واللعب بها والتمتع بدم بارد ورفع اهازيج الشعارات الطائفية واصبح العراقيون يأكلون لحم بعضهم بعض علنا بطريقة بشعة ووحشية وصادمة. تقرير المنظمة استعان بصور الاقمار الصناعية للتثبت من شهادات الشهود الذين أفادوا بالدمار الكبير اللاحق بالبيوت والمتاجر والقتل والتهجير في مدن عربية وسط العراق وشماله على مرمى حجر من اعين الحكومة التي تبرر احيانا وتنفي احيانا مايجري لتصفية العرب السنة فى مناطق عراقية لم يشهدها العراق من قبل. ويوضح التقرير بأن كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق المدعومتان من الحكومة العراقية واللتان تشكلان العمود الاساس لمقاتلي الحشد الشعبي اختطفت أكثر من مئتي عراقي من الاهالي السنة من ضمنهم أطفال ونساء وشيوخ والتمثيل بجثثهم بشكل بشع، بالقرب من قضاء الدور جنوب مدينة تكريت ومدينة المقدادية، مع بقاء اكثر من مئة وستين مدنيا على الاقل مايزال مصائرهم مجهولة. قال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط جو ستورك: "على السلطات العراقية ضبط ومساءلة الميليشيات المارقة التي تدمر بيوت العرب السنة ومتاجرهم بعد دحر داعش. وبحسب المنظمة: تعهد قادة للميليشيات الشيعية قبيل الحملة بالانتقام من مذبحة داعش في يونيو 2014 التي اشتملت على مقتل ما لا يقل عن 770 شيعياً مسلحاً في معسكر سبايكر، على مقربة من تكريت. في مقاطع فيديو لهدم البيوت، يظهر مسلحو الميليشيات الشيعية وهم يشتمون السكان السنة ويرددون شعارات طائفية شيعية. واضاف التقرير: تتلقى الميليشيات رواتب وأسلحة حكومية، لكنها تصرف شؤونها بتنسيق غير محكم فيما بينها ومع الجيش العراقي وقوات الأمن الأخرى. في 7 أبريل اعترفت الحكومة العراقية بقوات الحشد الشعبي كقوة أمن منفصلة تتبع رئيس الوزراء حيدر العبادي. واذا عدنا لآلية تشكيل وعمل هذه المليشيات، التي تطلق على نفسها اسم الحشد الشعبي، والتي تشكلت في صيف 2015 في اعقاب ظهور تنظيم داعش الارهابي، وسيطرته على مدينة الموصل، نلاحظ انها بغالبيتها من المقاتلين الشيعة المتطوعين تلبية لدعوة المرجعية الدينية في مدينة النجف حيث انخرط الالاف بعد تلقيهم الدعم من قبل الحكومة العراقية والتي قامت بتجهيزهم بالمعدات العسكرية. ان ما اظهرته منظمة هيومان رايتش ووش باعتبارها منظمة تهتم بحقوق الانسان، لا يشكل في الواقع ادانة للمليشيات الشيعية، التي تتصرف كقوة خارج القانون، وانما يمثل ايضا انتقاداً، يصل الى حد الادانة لحكومة العبادي، خاصة وانها هي المسؤولة عن الاوضاع في العراق، ولاسيما ان هذه المليشيات تخضع ايضا لسيطرته. ولو ابتعدنا قليلا عن المسرح العراقي يمكننا في الواقع الربط ايضا بين ما تقوم به هذه المليشيات، وما يصدر عن طهران من مواقف وممارسات، دلت وتدل باستمرار على نهج طائفي يريد تفتيت هذه المنطقة، وتحويلها الى ساحة صراعات طائفية، وما يجري في العراق على ايدي المليشيات الشيعية يشابه الى حد بعيد تلك الممارسات الطائفية التي تمارسها المليشيات الحوثية في اليمن، الامر الذي يعني ان كل هذه الاطراف انما جوقة تعمل عند مايسترو واحد وهو ملالي طهران، الغارقين حتى اذنيهم في التآمر على المنطقة العربية، لاهداف توسعية لم تعد تخفى على احد. وقد ندد السيد علي السيستاني بالمجازر الوحشية في ديالى وإحراق المساجد فيها دون ان يشير الى الميليشيات، أما مفتي الديار العراقية السيد رافع الرفاعي طالب المرجعيات الشيعية بفتوى لحل الميليشيات لأنها اي المرجعية هي من أفتى بتشكيلها وإطلاق يدها دون حساب. سليم الجبوري رحب بكلام السيستاني، وحتى الساعة الحالية فان مدينة المقدادية مازالت محاصرة من ميليشيات شيعية لم تنته بعد من إتمام ما اوكل لها من عمليات إبادة للسكان السنة فيها دون ان تحرك الحكومة الطائفية ساكنا وسط صمت المجتمع الدولي تجاه جرائم الميليشيات الإيرانية. وعقدت قوى عربية وطنية عراقية في اسطنبول مؤخرا حملة تضامنية لإنقاذ ما يمكن انقاذه من العرب السنة في المقدادية واصدروا بينات ومناشدات للأمم المتحدة والمنظمات العالمية والدول العربية للتدخل السريع لانقاذ المكون العربي السني في المقدادية التي تتعرض لتصفية شاملة وقتل على الهوية والتشنيع بهم علنا وطردهم وتهجيرهم من مناطقهم واحلال اغراب من فئات اخرى في مناطقهم مستنكرين الصمت العربي والدولي والاسلامي حيال هذه الجريمة البشعة النكراء. وفي بيان صدر مؤخرا من القيادة العامة للقوات المسلحة للجيش العراقي الوطني السابق تلقت "الرياض" نسخه منه كان نصه كالتالي.. تتعرض محافظة ديالى الى حملة مليشياوية شرسة تستهدف قتل وتهجير سكانها الأصليين والقيام بحملة منظمة للتغيير الديموغرافي لصالح المشروع الصفوي لما يمثله موقع المحافظة المحاذية للحدود الايرانية في القاطع الاوسط من اهمية استراتيجية لاقترابها من العاصمة بغداد وكونها تشكل حلقة وصل بين ايران وسامراء في محافظة صلاح الدين. وضمن هذا المخطط الإجرامي قامت المليشيات الطائفية بقتل مايقارب عن 100 شاب على الهوية وتدمير وحرق ستة مساجد في مركز قضاء المقدادية الذي تسكنه عشائر عربية معروفة والقريب من الحدود الايرانية والذي يمر منه طريق بغداد – بعقوبة – المقدادية – خانقين ومن ثم الحدود الايرانية. أن جرائم المليشيات في عموم مدن العراق وفي ديالى بشكل خاص تجري امام أنظار الأجهزة الحكومية دون رد فعل وترتقي الى جرائم حرب من دون محاسبة الجهات الفاعلة ووسط سكوت المجتمع الدولي والعربي ومنظمة الامم المتحدة الذي لم نلمس منهم أي تفاعل وتعاطف مع الشعب العراقي وأدانة ما يتعرض له من جرائم أبادة وتطهير عرقي وتغيير ديموغرافي تنفذه المليشيات التابعة للنظام المخابراتي الايراني. الجيش العراقي الوطني يستنكر الاعمال الاجرامية التي تقوم بها المليشيات الطائفية في محافظة ديالى وتتحمل الحكومة واجهزتها العسكرية والأمنية المسؤولية عن تلك الجرائم ويجب الحذر من خطورة هيمنة المليشيات على الشان العراقي باعتبارها أحد ادوات المشروع الايراني التوسعي الساعي للهيمنة على العراق والمنطقة.
مشاركة :