فازت المكسيك وكندا في نزاع تجاري مع الولايات المتحدة بشأن السيارات التي يجري شحنها عبر الحدود الإقليمية، ما يوفر لشركات صناعة السيارات حافزاً أكبر لتصنيع المركبات في تلك الدول. جاء القرار في تقرير نهائي أصدرته مؤخراً لجنة لحلّ النزاعات مكونة من خمسة أعضاء، وتشكلت بموجب اتفاقية موقعة في 2020 بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا. أصدرت اللجنة حكمها الأولي في نوفمبر 2022، لكن لم يُعلن عنه حتى الأسبوع الماضي، بعدما اجتمع قادة الدول الثلاث في مكسيكو سيتي. قالت اللجنة إن المحكمين "خلصوا إلى أن واشنطن انتهكت" مادة من قانون الاتفاقية بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA). قالت لوز ماريا دي لا مورا، وكيلة وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة في المكسيك، والتي ساعدت في تقديم الشكوى التي تطعن بتفسير الولايات المتحدة لاتفاقية التجارة: "سيشجع القرار الشركات على الاستثمار أكثر في المكسيك وكندا للاستفادة من التصدير المعفى من الرسوم الجمركية إلى الولايات المتحدة، وتوفير المزيد من فرص العمل بشكل عام في أميركا الشمالية". غالباً ما تعبر قطع غيار السيارات الحدود بين هذه الدول مرات عدة قبل أن تكتمل عملية إنتاج السيارة. خاطرت الولايات المتحدة من خلال موقفها، بجعل القواعد مرهقة للغاية، لدرجة قد تدفع صانعي السيارات إلى التنازل عن التقدم بطلب للحصول على إعفاء من الرسوم الجمركية، ليدفعون بدلاً عن ذلك تعريفة قدرها 2.5% تفرضها الولايات المتحدة بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية. من شأن هذا الأمر، بحسب دي لا مورا، أن يعيق الاستثمار الإقليمي، ويفرغ اتفاقية التجارة الحرة من مضمونها. قالت دي لا مورا التي تركت وزارة الاقتصاد المكسيكية في أكتوبر: "التكلفة الإدارية لمتطلبات قواعد المنشأ الجديدة مكلفة للغاية"، مقارنة باتفاقية التجارة الحرة السابقة لأميركا الشمالية، أو "نافتا". وأضافت في مقابلة: "أنا واثقة من أنه لو فازت الولايات المتحدة في هذا النزاع، لكان أصبح من غير المدي بالنسبة إلى العديد من الشركات، الامتثال لاتفاقية (USMCA)". وصف مكتب الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي الحكم بأنه "مخيب للآمال". وقال المتحدث باسم المكتب آدم هودج في رسالة بلبريد الإلكتروني، إن الولايات المتحدة "تراجع التقرير وتدرس الخطوات التالية". وتعهد "بإشراك المكسيك وكندا في حل محتمل للنزاع، بما في ذلك الآثار المترتبة على نتائج تقرير اللجنة بالنسبة إلى الاستثمار في المنطقة". طلبت المكسيك مساعدة اللجنة في يناير 2022، وانضمت إليها كندا بعد أيام، لحل نزاع حول كيفية تحديد مصدر السيارة التي تأتي بشكل جماعي من الدول الثلاث بموجب اتفاقية بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، والتي حلّت محل اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، والمعروفة أيضا باسم "نافتا". قمة "الأصدقاء الثلاثة" قالت المكسيك وكندا إن الاتفاقية مع الولايات المتحدة تنص على أنه يجب احتساب المزيد من الأجزاء المنتجة إقليمياً ضمن الشحن المعفى من الرسوم الجمركية، أكثر مما تريد الولايات المتحدة السماح للمركبات ذات المحركات، وهي أبرز المنتجات المصنعة المتداولة بين البلدان الثلاثة. قالت وزيرة التجارة الكندية ماري نج للصحفيين في مكسيكو سيتي :"هذا هو المفهوم الذي تتبناه كندا طوال الوقت.. هذا ما تفاوضنا عليه". جاء نشر الحكم بعد يوم من اجتماع رؤساء الدول الثلاث في قمة قادة أميركا الشمالية أو ما يُعرف بشكل غير رسمي بـ"الأصدقاء الثلاثة"، والتي أسفرت عن توقيع اتفاق للتعاون في تطوير أشباه الموصلات ومكافحة تغير المناخ. لا تزال البلدان تواجه نقاط اختلاف فيما بينها، خصوصاً ما يتعلق بالطاقة. شكَت الولايات المتحدة وكندا من جوانب سياسات قطاع الكهرباء في المكسيك، وتقولان إنها ترفع الأسعار للمصانع التي تعتبر أساسية للقدرة التنافسية في المنطقة. كما شكَت الولايات المتحدة من خطط المكسيك لحظر استيراد الذرة المعدلة وراثياً في الولايات المتحدة، ما قد يؤدي إلى إغلاق أكبر سوق للمزارعين الأميركيين. حسابات المحتوى في الخلاف بشأن السيارات، أصرت الولايات المتحدة على تبنّي طريقة صارمة لحساب منشأ الأجزاء الأساسية، بما في ذلك المحركات، في الحساب الإجمالي لمحتوى السيارة. من شأن التفسير الأميركي أن يصعّب على المصانع في المكسيك وكندا تلبية المتطلبات الجديدة للإعفاء من الرسوم الجمركية البالغة 75% من المحتوى المصنع إقليمياً، ارتفاعاً من 62.5% بموجب اتفاقية "نافتا". على سبيل المثال، إذا كان جزء أساسي يستخدم محتوى إقليمياً بنسبة 75%، قالت المكسيك وكندا إن الاتفاقية بين الدول الثلاث تسمح لهما بتقريب المحتوى إلى 100% بهدف تلبية المطلب الثاني الأوسع للمحتوى الإقليمي للسيارة. مع ذلك، لم ترغب الولايات المتحدة في السماح بالتقريب، الأمر الذي سيجعل من الصعب الوصول إلى حد الإعفاء من الرسوم الجمركية. ترحيب بالحكم قال مايرون بريليانت، نائب رئيس غرفة التجارة الأميركية ورئيس الشؤون الدولية، في بيان، إن الغرفة التجارية، وهي أكبر تجمع للشركات التجارية الأميركية "ترحب بهذا الحكم واليقين الذي سيوفره للصناعة في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا والمكسيك". أضاف: "نحث الإدارة على التنفيذ السريع لقرار اللجنة- كما نحث الأطراف الثلاثة على الوفاء بالتزاماتهم تجاه اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، في مجالات مثل الطاقة والزراعة التي تخضع أيضاً للتدقيق". انتقدت نقابة عمال الصلب الأميركية القرار، قائلة إنه يلحق الضرر بالعمال في جميع أنحاء أميركا الشمالية ويمثل انتصاراً للمنتجين الصينيين وغيرهم من المنتجين الأجانب. قالت النقابة إن القرار يجعل من الصعب بناء الثقة بشأن إبرام اتفاقيات جديدة لخفض الرسوم الجمركية. قال توم كونواي رئيس نقابة "عمال الصلب المتحدين" في بيان:" القواعد التي تحكم أصل مكونات السيارات مهمة لضمان أن المنتجات المؤهلة لحالة الإعفاء من الرسوم الجمركية تدعم حقاً الوظائف المحلية، بدلاً من تأجيج السباق نحو خفض الأجور وتدهور ظروف العمل". للاطلاع على الخبر في منصة
مشاركة :