على الرغم من أن الإنجازات المتوالية، التي تحققها المرأة في دولة الإمارات لم تعُد أمراً مفاجئاً أو جديداً، فإن إعلان شرطة دبي، يوم 11 يناير 2023، تأهيل وتأسيس أول «فريق تكتيكي تخصصي للعمليات الخاصة» من النساء يُعدُّ تطوراً له خصوصيته، ذلك أن الطبيعة الدقيقة للمهام التي يُكلف بها هذا النوع من الفرق الشرطية، وما تنطوي عليه من خطورة، وتستلزمه من قدرات ومهارات ذهنية وبدنية فائقة، تؤكد أن بيئة العمل في الدولة توفر للمرأة الظروف الملائمة لاستخراج أفضل ما تمتلكه من قدرات ومهارات، والعمل بجدٍّ من أجل صقلها وتطويرها والارتقاء المستدام بها، والاستفادة الكاملة من هذه القدرات في المؤسسات الوطنية. إن بناء فريق نسائي للعمليات الشرطية الخاصة ليس بالأمر اليسير، إذ تمرُّ المتدربات بسلسلة من برامج التأهيل الصعبة التي يواجهن فيها تحديات قاسية لاختبار صلابتهن وكفاءتهن وقدرتهن على العمل في أصعب الظروف، وتشمل هذه البرامج الرماية التكتيكية والاقتحام والمداهمات والقناصة والتحمُّل، ومستويات متصاعدة من التقييم الدقيق لأدائهن من جميع النواحي، ذلك أن المهام المستقبلية لا تحتمل رفاهية الخطأ. ولا يتوقف الأمر عند اجتياز هذه الفترة التدريبية الصعبة، فالحفاظ على الجاهزية العالية في كل الأوقات، وعلى اللياقة البدنية والذهنية، وتطوير القدرة على التعامل مع المواقف الخطرة والحرجة، كلها سمات تجعل الملتحقات به يعرفن أنهن يُقدمْنَ على تحدٍّ لا يفتأ يتجدَّد كل يوم. لقد أثبتت عضوات الفريق جدارتهن وكفاءاتهن في مسابقات ذات تنافسية عالية، أكَّدت أنهن سيمثّلن إضافة حقيقية إلى منظومة حماية الأمن والأمان في الدولة، وما كان ذلك ممكناً لولا توافر عدد من العناصر، أولها رؤية القيادة الرشيدة التي آمنت بقدرات المرأة وبدورها في بناء المجتمع وشجّعتها على دخول كل مجالات العمل. والعنصر الثاني هو طبيعة المرأة الإماراتية التي أثبتت تفوقها وأكدت أنها على قدر المسؤولية في كل المواقع. والعنصر الثالث هو رسوخ الولاء للقيادة والانتماء إلى الوطن، لأن هذا الدافع القوي وحده هو ما يجعل المرأة تُقدِم باختيارها على اقتحام مجالات عمل محفوفة بالمخاطر. والعنصر الرابع هو نضج المجتمع وحيويته واستيعابه وقدرته على التكيف مع التطورات مع الاحتفاظ بثوابته وقيمه الأصيلة والاعتزاز بها. وكما هو شأن التجارب الناجحة في الدولة، فإن تشكيل هذا الفريق النسائي للعمليات التكتيكية الخاصة، سيكون نواة لتشكيل فِرَق مشابهة تُعزز من دور المرأة في المجال الأمني، وتتيح للمرأة الإماراتية أن تضيف سطوراً جديدة ومهمة إلى سجلّات نجاحها وتفوقها. *عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.