في الوقت الذي كان أهالي مدينة الطيبة (فلسطينيي 48)، يعدون بيوتهم وبساتينهم لمواجهة موجة الصقيع ورياحها الثلجية، حضرت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية، وهدمت بيتين بحجة أنهما بنيا بلا ترخيص، وشردت سكانهما في العراء. وقد أثار الهدم غضبًا شديدًا في صفوف المواطنين العرب في إسرائيل. وحمل النائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مسؤولية الجريمة وما قد ينجم عنها. وكان نتنياهو قد هدد، الأسبوع الماضي، بهدم البيوت العربية التي بنيت من دون ترخيص. وقال مقربون منه، إنه يفعل ذلك لكي يسكت قوى اليمين في حكومته، التي تعترض على خطته تخصيص نحو 4 مليارات دولار للبلدات العربية، بهدف ردم هوة التمييز الذي تعاني منه. لكن القيادات السياسية للمواطنين العرب في إسرائيل، اعتبرت تهديداته جدية وخطيرة. وتوجه إليه النائب عودة بخطة لتسوية المشكلة، إذ إن هناك 50 ألف بيت عربي صدرت بحقها أوامر هدم. فاقترح تجميد قرارات الهدم طيلة سنة، وبالمقابل تتعهد القيادة العربية بأن لا تؤيد أي شخص عربي يبني بيتًا بلا ترخيص. ووعد نتنياهو بدراسة الاقتراح، لكنه رد بمباشرة الهدم. وصبيحة أمس، تلقى كل من سليم أبو حجاج وإبراهيم زبارقة، اتصالاً هاتفيًا من ضابط شرطة يبلغهما بأن «اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء، قد أرسلت لهما أوامر لهدم بيتيهما». والحديث عن بيتين لعائلة زبارقة وبيت لعائلة أبو حجاج، يعيش فيها 22 شخصًا. وقال إبراهيم زبارقة، تعقيبًا على الموضوع: «لقد فوجئنا من البلاغ، لأن هناك اتصالات لتسوية الموضوع بالطرق السلمية». وقال سليم أبو حجاج، إن الهدم يعتبر اعتداءً فظًا على المواطنين «فمن جهة يرفضون إعطاءنا تصاريح بناء ويرفضون توسيع مسطحات بلداتنا، ومن جهة ثانية، يمنعوننا من البناء، ويهدمون ما نبنيه بشقاء العمر. هذه دولة ظالمة بشكل جنوني ولا تعرف الرحمة. انظروا إلى الأطفال الذين شردوهم بهذه الجريمة». وأثار القرار موجة غضب عارمة في الوسط العربي ولدى الحركات التي تطرح قضايا حقوق الإنسان. وأصدر الفرع الإسرائيلي لمنظمة العفو الدولية، بيانًا جاء فيه: «تصر الحكومة الإسرائيلية على التحدث بلغة الهدم والدمار عندما يتعلق الأمر بالجمهور الفلسطيني في إسرائيل. هدم المنازل في مدينة الطيبة اليوم، بالمقابل فإن عمل الرافعات في مستوطنة (تسور يتسحاق) المجاورة، هو بمثابة بصقة في وجه كل المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. نحن نشهد مرة أخرى، موجة من التدمير ومحاولة تبريها بالقانون، من دون تقديم أي حل أو بديل مناسب للمعاناة التي أقامتها إسرائيل منذ نشأتها». وأكمل البيان: «من واجب الدولة إيجاد حل حقيقي لأزمة السكن في المجتمع العربي، والكف عن أعمال الهدم والتدمير. هدم المنازل هو هدم حياة بأكملها وله تأثير على كل جانب من جوانب الحياة لضحايا الهدم، وتحد من قدرتهم على ممارسة حقوقهم الأساسية. هذا بالإضافة إلى واجب الدولة القيام بتوفير سكن بديل لجميع الأشخاص الذين تم إجلاؤهم».
مشاركة :