الى جانب خدمته الطويلة في خدمة الوطن والمواطن فقد اتجه العم هلال زيد الحارثي لشغل جل وقته في حل مشاكل الناس واصلاح ذات البين وبتوفيق من الله فقد ساهم في حل العشرات بل المئات والالاف من القضايا حتى ذاع صيته بين الناس وخاصة في محافظة الطائف والقرى والارياف التابعة لها واصبح من الرجال المشهود لهم بذلك ونحن هنا نلتقيه في هذا الحوار الخاطف لنقف معه على العديد من الجوانب المتعلقة بقضايا الاصلاح ورحلته الوظيفية العصامية التي بدأت من البدايات الاولى حتى اصبح من كبار موظفي الشئون الصحية بالطائف . في البدء نود ان تعرف بنفسك عم هلال للقراء الكرام ؟ وعلى ماذا تحتوي بطاقتكم الشخصية ؟ انا هلال زيد العمراني الحارثي من سكان محافظة الطائف ، تلقيت تعليمي الابتدائي في مدرسة الشاعيب بمحافظة ميسان ثم اكملت المرحلة المتوسطة بمدرسة دار التوحيد بالطائف، ثم اضطررت للتوقف عن الدراسة والالتحاق بالوظيفة بمستشفى الملك فيصل بالطائف عام 1383هـ الا ان حبي للتعليم دفعني لاكمال مشواري التعلميي فالتحقت بالمرحلة الثانوية عن طريق المنازل وحصلت عليها ولله الحمد عام 1394هـ . نعلم ان لكم مسيرة حافلة بالعطاء الوظيفي فهل حدثتنا عنها ؟ كما سبق ذكرت لك انني التحقت عام 1383هـ بوظيفة كاتب بمستشفى الملك فيصل بالطائف على المرتبة 33 خارج الهيئة ، ثم سابقت على وظيفة بالمرتبة الثانية داخل الهيئة وحصلت عليها ولله الحمد ثم تدرجت في العمل الوظيفي بالشئون الصحية بالطائف وبعض المناطق الاخرى من محاسب الى رئيس شعبة الى مدير مراقبة المخزون بصحة جدة الى مدير للشئون الصحية بالطائف بالتكليف حتى ترقيت للمرتبة 11مديراً للشئون الادارية في المجمع الطبي بالرياض ثم احلت بعدها للتقاعد بعد خدمة (37) عاماً . وكيف كانت أحوال الشئون الصحية وخدماتها في ذلك الوقت بالطائف ؟ الفرق شاسع وكبير جداً فقد كانت الخدمات آنذاك أي قبل أكثر من (45) عاماً تفي بالغرض مقارنة بعدد السكان القليل أيضاً،وكان عدد الأطباء في مستشفى الملك فيصل لايتجاوز(30) طبيباً واغلبهم من المقيمين وعدد الأطباء السعوديين نادر جدا ويكاد يكون الطبيب السعودي الوحيد آنذاك بالطائف الدكتور محمد مهدي طبيب جراح ، وكان عدد موظفي الشئون الصحية لايتجاوز (25) موظفاً ، ولم يكن يوجد بالطائف غير المستشفيات الكبيرة فقط كمستشفى الأمراض الصدرية ومستشفى الأمراض النفسية ومستشفى الأمير منصور العسكري ، أما الآن فعدد المستشفيات الحكومية والخاصة بالطائف بالمئات والمراكز الصحية والمستوصفات الخاصة أيضاً بالمئات وأعداد الأطباء والممرضين بالآلاف ، وهذا يدل دلالة واضحة على مدى اهتمام حكومتنا الرشيدة اعزها الله بتوفير الخدمات الصحية للمواطن السعودي في كل مكان من هذا الوطن . متى بدأت ممارسة الإصلاح بين المتخاصمين ؟ ومن اين استقيت خبراتك في هذا المجال ؟وما الذي شجعك على ذلك ؟ أولاًمن فضائل شريعتنا الإسلامية أنها أمرت وشرعت للإصلاح بين الناس وإصلاح ذات البين وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى في سورة الأنفال : ? فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ? ويقول الحق جل شانه في موضع اخرمن سورة الحجرات : ? إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ? وغيرها من الآيات والأحاديث التي تحث على أهمية الإصلاح بين الناس وأنها تودي الى طهارة القلوب من الحقد والكراهية وتقوية صلة الأرحام والتالف والتقارب بين الناس ، ولذلك فهي مهمة جليلة وعمل خير ينال الوسيط فيها أجراً عظيماً رغم أن كثير من الناس قصر وفرط في هذا العمل مع قدرتهم عليها وتوفر الأسباب المعينة لهم على ذلك . وقد بدأت ممارسة هذا العمل منذ وقت مبكر وفي مرحلة الشباب وقبل زواجي وكنت احرص منذ صغري على الجلوس في مجالس الإصلاح وخاصة مجالس القبيلة ومجالس الإصلاح بين الزملاء في العمل وبين الجيران واستفدت منها كثيراً في معالجة الكثير من القضايا المتنوعة مابين المشاكل العائلية الأسرية وتوزيع التركات والمشاكل الجنائية وغيرها من المشاكل التي كنت أسعى لحلها بالشكل الودي وخاصة الأسرية التي تحمل معها الكثير من الأسرار والتي يجب أن تظل طي الكتمان والستر بدلاً من أن تصل إلى الجهات الرسمية وقد يطول حلها وتتسبب في تفاقمها بدل حلها ، ومن فضل الله علي في هذا الجانب فقد كان احد قضاة محكمة الطائف يرسل لي خطابات لحل بعض القضايا بالطريقة الودية ووفقني الله لحل الكثير منها . الى من تدين بالفضل فيما حققته من نجاح في هذا المجال ؟ الشكر اولاً واخيراً لله على توفيقه وتسديده ولاشك ان هناك الكثيرين ممن تعلمت منهم وكما اشرت من خلال حرصي على حضور مجالسهم واولهم عمي شيخ قبيلة العمارين الشيخ حسين بن خليفه رحمه الله وخالي الشيخ زايد بن احمد الحارثي رئيس المحكمة الكبرى وحكمة التميز الاسبق بمكة المكرمة اطال الله في عمره الى جانب العشرات بل المئات من شيوخ القبائل ورجال الاصلاح الذين اشتركت معهم في حل العديد من القضايا والمشاكل ولايتسع المجال لذكركم جميعاً سواء من شيوخ قبائل بني الحارث او شيوخ عتيبة اورجال الاصلاح المعروفين بالطائف ومكة المكرمة ولجنة اصلاح ذات البين وغيرهم . ماهي اسرع قضية انجزتها ؟ هي قضية تتعلق بالقتل واعداد هذه القضايا التي مرت علي كثيرة جداً الا ان هناك قضية لم يتجاوز انهائؤها صلحاً بين اطرافها وانهاء اجراءات القضية ودفن الجثمان سوى (17) يوماً فقط ، ولايفوتني ان اذكر في هذه القضية من كان عوناً لي في انجازها وهو الشيخ محمد بن عواض الحارثي رحمه الله وهو من الرجال المشهود لهم بالصلاح والتقوى والإصلاح بين الناس والذي عندما علم بظروف القاتل وعدم استطاعته دفع الدية تكفل بدفعها كاملة وشاركني في الاجر والمثوبة وإتمام عملية الصلح بين الأسرتين التي تربطهما روابط أسرية كبيرة ، ولذلك فهي أسرع قضية مرت علي حتى الان . هل تلجا إلى الكذب في الإصلاح بين الناس ؟ الكذب بطبيعته سلوك وعمل مذموم ممنوع حسب ما نصت عليه الشريعة الغراء إلا إن المصلح قد يحتاج أحياناً إلى بعض الكذب ليُقَرِّب بين المتخاصمين، ويزيل ما بينهما من الضغينة والشحناء، ويهيئ بذلك أسباب المصالحة وقبول الصلح والعفو؛ ومن هنا اكتسبت هذه الرخصة المحددة بنية الإصلاح، وفي هذا المعنى يقول ابن بابويه رحمه الله تعالى (إن الله تعالى أحب الكذب في الإصلاح، وأبغض الصدق في الإفساد ) . وماهي أهم مقومات الإصلاح بين الناس ؟ وهل تحتاج إلى المال ؟ أهم المقومات النية السليمة والرغبة في الأجر من الله لا من اجل السمعة بين الناس إضافة إلى الخبرة والمعرفة بالكثير من أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة والأعراف القبلية ، ولاشك أن الإصلاح بين الناس يستقطع الكثير من الوقت والجهد والمال في أحيان كثيرة وبعض القضايا تحتاج إلى التعويض المادي وقد يغرم المصلح من ماله لإرضاء احد الخصمين ، وقد أباح الشرع للمصلح أن يأخذ ماغرمه من الزكاة ،وثبت أن من أهل الزكاة المنصوص عليهم في كتاب الله تعالى: الغارمين، سواء غرموا لِحَظِ أنفسهم أم لحق غيرهم. على ذكر التعويض المادي لبعض القضايا ترى ماهو رأيكم في انتشار ظاهرة المبالغة في الديات التي أصبحت حديث المجتمع مابين حين وأخر؟ هذه وكما قلت ظاهرة غير مقبولة تماماً ويرفضها كل ذي عقل وعلم ولان من ترك شيئاً لله عوضه الله بخير منه فكيف بمن يأخذ أضعاف مضاعفة لما حدده وأمر به الشرع من قدار وتعويض لبعض القضايا وخاصة القتل ، ومنهجي الذي سرت عليه في مثل هذه القضايا أنني لا أسعى للإغراء بالمادة أبداً والقضايا التي على هذه الشاكلة لا ادخل فيها مطلقاً اما أصحاب الجنايات فانا احرص على ا ن اوفي صاحبها حقه وفق ما أمر به الشرع . من واقع خبرتكم في مجال الاصلاح بين الناس ماهي اهم اسباب الخلافات الزوجية ؟ لقد اكرمني الله ايضاً بان عملت مأذون شرعي لعقد انكحه الزواج لمدة (6) سنوات محتسباً هذا العمل لله ولم اقبل أي مبلغ مالي او هدايا لان هذا العمل اعتبره خدمة للناس ولأبنائي الشباب المقبلين على الزواج ، وخلال هذه المدة اكتشفت ان معظم القضايا والخلافات الزوجية التي تصل في اغلب الاحوال الى الطلاق يكون وراها المأذون الشرعي الذي لم يحرص على الاستماع الى موافقة الزوجة عند عقد النكاح والاكتفاء بموافقة والدها او اخوها او وليها وقد تكون مرغمة على هذا الزواج ولاتستطيع ان تعارض رغبة والدها او والدتها وتكون النتيجة فيما بعد هذه الخلافات والقضايا التي تمثل نسبة كبيرة من قضايا مجتمع اليوم . ماهي كلمتكم في الختام ؟ أدعو الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه وان يحفظنا من التقصير والغفلة وان لايعدم المجتمع من الرجال العقلاء الذين يستطيعون السعي لإزالة الخلافات بين الناس واذكر الجميع بقول الله تبارك وتعالى 😕 فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ?.
مشاركة :