كان من غير المعتاد أن أتوقف عن الكتابة لفترة كالتي مررت بها، بدا لي أن القلق الذي كان يحملني على الرغبة في الكتابة باستمرار خشية أن أفقد هذه القدرة لم يكن حقيقيا -كما كنت أعتقد-، كما كانت الأيام التي خلت من عادتي هذه مميزة حقًا، جميلة ورتيبة، وخاصة في روتينها المختلف دون هاجس الكتابة المقلق، وهذا ما دفعني للتساؤل حول صحة ما كنت أستجيب له من خوف أن تجفوني القدرة على الكتابة لمجرد التوقف عنها لفترة؟ لماذا لم أفكر حينها في أن الكتابة تحت ضغط الإنجاز وخوف فقدان القدرة ربما سيجعل من نصوصي رتيبة لا متجددة ويمنعني من قراءة الحواس لما حولها من إشارات وعلامات؟ حقًا، كم كان جميلاً تخلصي من هذا الخوف الوهميّ الذي تسلل لعقلي على حين غرّة لتستحيل الهواية والشغف إلى عمل مكلف ومقلقٍ يسجن عقلي داخل السطور والصفحات البيضاء التي تستحثني باستعجال! هكذا كنت أشعر، والآن أبتسم بينما أخبرك عزيزي القارئ كيف أن جنة الإنسان في عقله، وجحيمه في مخاوفه. ماذا لو أصبح الخوف دافعًا للتساؤل والبحث بدلاً من التوقف عند حاجز يتجذر بالتقادم ليصبح منيعًا أكثر لدرجة أن يصبح تجاوزه مهمة شاقة ومكلفة؟ هل كنت سأحظى بجمال الاكتشاف والدهشة من عيش تفاصيل الحياة الرتيبة دون بحثِي السابق عن فكرة لكتابتها أو إلهام لوصفه وتصويره؟ ما هو الكم الذي نخسره بالتمسك بأفكار تقلقنا ومشاعر تعكر صفونا كلما مرّت وحلّت؟ لقد زادني هذا الموقف ثقةً بأن الحاجة للتفكر والبحث والتأمل بعد كل فترة زمنية؛ لهو أجمل بكثيرٍ من التمسك برتابة مهما كانت مثرية كالكتابة أو مريحة كطريقتي في قراءة المتغيرات الداخلية والخارجية من منظور الكاتب فقط. كاتب وناقد سعودي عبدالله الصليح*
مشاركة :