قـبـل أن يـجـــف الـمـطــر.. إدارة البنية التحتية المستدامة

  • 1/15/2023
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

جميعنا‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لا‭ ‬ينحصر‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الشوارع‭ ‬والمباني،‭ ‬وإنما‭ ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬فإننا‭ ‬نريد‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بمراحل،‭ ‬فإننا‭ ‬نقصد‭ ‬الهياكل‭ ‬التنظيمية‭ ‬اللازمة‭ ‬لتشغيلالمجتمع‭ ‬والمدن‭ ‬والبلاد‭ ‬كلها،‭ ‬وهذه‭ ‬تشمل‭ ‬المشروع‭ ‬والخدمات‭ ‬والمرافق‭ ‬اللازمة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استدامة‭ ‬المواطن‭ ‬والاقتصاد‭ ‬وما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬والاستقرار‭ ‬الخارجي،‭ ‬فببساطة‭ ‬شديدة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬بنى‭ ‬تحتية‭ ‬سليمة‭ ‬مستدامة‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬لدينا‭ ‬مجتمع‭ ‬سليم‭ ‬مستدام‭.‬ وعندما‭ ‬نتحدث‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬فإننا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الهياكل‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬المجتمع،‭ ‬مثلالطرقوالجسور‮‬وموارد‭ ‬المياه‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي‭ ‬والشبكات‭ ‬الكهربائية‭ ‬والاتصالات‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تعريف‭ ‬البنية‭ ‬التحية‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬المكونات‭ ‬المادية‭ ‬للأنظمة‭ ‬المترابطة‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭ ‬الضرورية‭ ‬اللازمة‭ ‬لتمكين‭ ‬أو‭ ‬استدامة‭ ‬أو‭ ‬تحسين‭ ‬ظروف‭ ‬الحياة‭ ‬المجتمعية‮»‬‭.‬ وعند‭ ‬دراسة‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬فإننا‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬ينص‭ ‬على‭ (‬الصناعة‭ ‬والابتكار‭ ‬والبنى‭ ‬التحتية‭)‬،‭ ‬بمعنى‭ ‬إقامة‭ ‬بنى‭ ‬تحتية‭ ‬جيدة‭ ‬النوعية‭ ‬وموثوقة‭ ‬ومستدامة‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬الصمود،‭ ‬لدعم‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ورفاه‭ ‬الإنسان،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تيسير‭ ‬سُبُل‭ ‬وصول‭ ‬الجميع‭ ‬إليها‭ ‬بكلفة‭ ‬ميسورة‭ ‬وعلى‭ ‬قدم‭ ‬المساواة‭.‬ وحتى‭ ‬لا‭ ‬نُفهم‭ ‬بصورة‭ ‬خاطئة،‭ ‬فنحن‭ ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬المستدامة‭ ‬فلا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬إقامة‭ ‬شارع‭ ‬هنا،‭ ‬وجسر‭ ‬هناك،‭ ‬ومركز‭ ‬صحي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المكان،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬فردية‭ ‬مجزأة‭ ‬وإنما‭ ‬الذي‭ ‬نتحدث‭ ‬عنه‭ ‬ونقصده‭ ‬بناء‭ ‬متكامل‭ ‬البنيان،‭ ‬فإقامة‭ ‬سوق‭ ‬مركزي‭ ‬لبيع‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬كالخضراوات‭ ‬واللحوم‭ ‬والأسماك،‭ ‬أو‭ ‬إقامة‭ ‬مستشفى‭ ‬أو‭ ‬مركز‭ ‬صحي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬ما‭ ‬–‭ ‬مثلاً‭ ‬–‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬دوره‭ ‬بكفاءة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لدينا‭ ‬شبكة‭ ‬متينة‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬النفايات‭ ‬الصلبة‭ ‬والخطرة،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لشبكة‭ ‬للنفايات،‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬بدورها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المعارف‭ ‬المكتسبة‭ ‬والمطبقة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والموارد‭ ‬اللازمة‭ ‬لإدارتها،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬مشروع‭ ‬سوق‭ ‬مركزي‭ ‬أو‭ ‬مستشفى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتضمن‭ ‬بناء‭ ‬شبكة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الطرق‭ ‬والشوارع‭ ‬والجسور‭ ‬المؤدية‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬المنشأة،‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬الاختناقات‭ ‬المرورية،‭ ‬وهكذا،‭ ‬فليست‭ ‬القضية‭ ‬بناء‭ ‬مركز‭ ‬صحي‭ ‬أو‭ ‬إقامة‭ ‬سوق،‭ ‬ونعتقد‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬الانتهاء‭ ‬أو‭ ‬إقامة‭ ‬بنية‭ ‬تحتية،‭ ‬فإدارة‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬قضية‭ ‬وأمر‭ ‬يختلف‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬إقامة‭ ‬المشاريع‭ ‬المجزأة‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬البنى‭ ‬التحتية،‭ ‬فإننا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الفهم‭ ‬الذي‭ ‬يتجاوز‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مألوف‭ ‬ومباشر،‭ ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬يُغفل‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬الأغلب،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬–‭ ‬فعلاً‭ ‬–‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬التفكير‭.‬ ولكن‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التفكير‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يُفهم‭ ‬أنه‭ ‬عملية‭ ‬سهلة‭ ‬ويمكن‭ ‬إنجازها‭ ‬بطريقة‭ ‬سهلة‭ ‬وفي‭ ‬بضع‭ ‬سنوات،‭ ‬وإنما‭ ‬تقتضي‭ ‬بناء‭ ‬هذه‭ ‬البنى‭ ‬وبهذه‭ ‬الأسلوب‭ ‬تخطيطًا‭ ‬منسقًا‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬يمتد‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬والسياسية‭ ‬والثقافية،‭ ‬تشترك‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬المنظومة‭ ‬الحكومية‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والأهالي،‭ ‬وهي‭ ‬عملية‭ ‬متعبة‭ ‬ومزعجة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬سيجني‭ ‬ثمارها،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تمتد‭ ‬لأجيال‭ ‬آتية،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإنها‭ ‬مستدامة‭.‬ وفي‭ ‬البحرين‭ ‬فنحن‭ ‬نعلم‭ ‬إننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬القديمة،‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬يتجاوز‭ ‬عمرها‭ ‬نصف‭ ‬قرن،‭ ‬ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬شوارعنا‭ ‬الداخلية‭ ‬قديمة‭ ‬وجزء‭ ‬منها‭ ‬بال،‭ ‬ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬الأمطار‭ ‬التي‭ ‬تهطل‭ ‬علينا‭ ‬ضئيلة‭ ‬جدًا‭ ‬ومعدودة‭ ‬لبضعة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬السنة،‭ ‬ونعلم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وهذه‭ ‬المشاكل‭ ‬كلنا‭ ‬يعرفنا،‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬بالغريبة‭ ‬وليست‭ ‬بالحديثة،‭ ‬وإنما‭ ‬معظم‭ ‬مشاكلنا‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬متوارثة‭ ‬منذ‭ ‬عشرات‭ ‬السنوات‭.‬ حسنٌ،‭ ‬هذه‭ ‬مشاكلنا،‭ ‬ولكن‭ ‬كيف‭ ‬ندير‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المشاكل‭ ‬بطريقة‭ ‬مستدامة؟ لسنا‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬يضع‭ ‬برنامجا‭ ‬لذلك،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬وإدارة‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬متضمنة‭ ‬في‭ ‬خطط‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬حكومي‭ ‬وأهلي‭ ‬وبمشاركة‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭:‬ 1-‭ ‬تتشكل‭ ‬لجنة‭ ‬وطنية‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬أطراف،‭ ‬مثل‭: ‬الحكومة،‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬أعضاء‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬وأعضاء‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬والأهالي،‭ ‬وظيفتها‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬الخطوط‭ ‬العريضة‭ ‬الأولية‭ ‬لفكرة‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬وإدارة‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬للبلاد،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بعمل‭ ‬عصف‭ ‬ذهني‭ ‬وتمارس‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التفكير‭ ‬الإبداعي‭ ‬لتضع‭ ‬التصور‭ ‬الأولى‭ ‬لذلك‭.‬ 2-‭ ‬تتحول‭ ‬كل‭ ‬نتائج‭ ‬اللجنة‭ ‬الاستشارية‭ ‬الوطنية‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬لجنة‭ ‬متخصصة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬مستشارين‭ ‬وبيئيين‭ ‬ومهندسين‭ ‬واقتصاديين‭ ‬لدراسة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تمخضت‭ ‬عنه‭ ‬نتائج‭ ‬اللجنة‭ ‬الوطنية‭.‬ 3-‭ ‬يتم‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬متكاملة‭ ‬لبناء‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬وإدارة‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للبلاد‭ ‬لخمسين‭ ‬سنة‭ ‬قادمة،‭ ‬تشمل‭: ‬بناء‭ ‬مدن‭ ‬جديدة‭ ‬بجميع‭ ‬مرافقها‭ ‬وخدماتها،‭ ‬هندسة‭ ‬الشوارع‭ ‬الرئيسية‭ ‬الدائرية،‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المدارس‭ ‬الجديدة،‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والمراكز‭ ‬الصحية،‭ ‬بناء‭ ‬المساجد‭ ‬ودور‭ ‬العبادة،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الأخرى‭ ‬مثل‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬السواحل‭ ‬والمنشآت‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬ 4-‭ ‬توضع‭ ‬الميزانيات‭ ‬اللازمة‭ ‬لبناء‭ ‬هذا‭ ‬المخطط،‭ ‬ككل‭.‬ 5-‭ ‬يتم‭ ‬تقسيم‭ ‬المخطط‭ ‬على‭ ‬سنوات،‭ ‬بحسب‭ ‬الأولويات،‭ ‬فهل‭ ‬المستشفى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬ذو‭ ‬أولية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬أو‭ ‬بالعكس،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬ترابط‭ ‬المنشآت‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬بعضها‭ ‬ببعض،‭ ‬كما‭ ‬قلنا‭ ‬سابقًا،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬بناء‭ ‬مركز‭ ‬صحي‭ ‬أو‭ ‬مجمع‭ ‬تجاري‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬توفير‭ ‬المرافق‭ ‬والخدمات‭ ‬اللازمة‭ ‬مثل‭ ‬الشوارع،‭ ‬ومواقف‭ ‬السيارات،‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬المخلفات‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬ 6-‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬توزيع‭ ‬الميزانية‭ ‬بحسب‭ ‬أولويات‭ ‬البناء‭ ‬والتشييد‭ ‬والهيكل‭ ‬التنظيمي‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭.‬ 7-‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬ننتقل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬التنفيذ‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬اللجان‭ ‬العاملة‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬عوامل‭ ‬مهمة؛‭ ‬وهي‭: ‬أولاً‭: ‬القضايا‭ ‬المناخية‭ ‬مثل‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬والمشاكل‭ ‬الناجمة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المتغير‭ ‬الذي‭ ‬يسبب‭ ‬اليوم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأضرار‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬أيًا‭ ‬ما‭ ‬كانت،‭ ‬وهنا‭ ‬يأتي‭ ‬العامل‭ ‬الثاني‭: ‬وهي‭ ‬الصيانة،‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬صيانة‭ ‬دورية‭ ‬للمنشآت‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬بناؤها،‭ ‬فلا‭ ‬ننتظر‭ ‬حتى‭ ‬تتهدم‭ ‬وتنكسر‭ ‬وتتحطم‭ ‬المرافق‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬صيانة‭ ‬الشوارع‭ ‬والطرقات‭ ‬والمباني‭ ‬وترميمها‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬تحطمها‭. ‬وثالثًا‭: ‬الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬المطردة‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬بصورة‭ ‬سنوية،‭ ‬فكم‭ ‬سيكون‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬مثلاً،‭ ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬توضع‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬أثناء‭ ‬كتابة‭ ‬المخططات‭ ‬الأولى‭ ‬ويستمر‭ ‬التفكير‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬النهاية‭ ‬أثناء‭ ‬التنفيذ‭.‬ 8-‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬يبدأ‭ ‬التنفيذ،‭ ‬ولكن‭ ‬بمراقبة‭ ‬دقيقة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جهات‭ ‬محايدة،‭ ‬وخاصة‭ ‬أننا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬أمرين،‭ ‬أولهما‭: ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الميزانيات‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع،‭ ‬وثانيًا‭: ‬الفترات‭ ‬الزمنية‭ ‬الطويلة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الاسترخاء‭ ‬والإرهاق،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬قد‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬الاختلال‭ ‬الإداري‭ ‬والمالي،‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬المراقبة‭ ‬وكتابة‭ ‬التقارير‭ ‬الإدارية‭ ‬والمالية‭ ‬الدقيقة‭.‬ فالقضية‭ ‬التي‭ ‬نتحدث‭ ‬عنها‭ ‬هنا‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬بعض‭ ‬الصهاريج‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬الجهات‭ ‬التنفيذي‭ ‬لإزالة‭ ‬بقايا‭ ‬المطر‭ ‬أو‭ ‬مجرد‭ ‬شبكة‭ ‬مجاري‭ ‬لإزالة‭ ‬بقايا‭ ‬الأمطار،‭ ‬أو‭ ‬مشكلة‭ ‬السوق‭ ‬المركزي‭ ‬مثلا،‭ ‬فالموضوع‭ ‬تكاملية‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬بل‭ ‬واستدامتها،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬الحلول‭ ‬لمنطقة‭ ‬معينة‭ ‬وننسى‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬يتحدث‭ ‬عنها‭ ‬حتى‭ ‬العضو‭ ‬البلدي،‭ ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬ونكرر‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الموضوعات،‭ ‬فنحن‭ ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬الموضوع‭ ‬شُبع‭ ‬حديثًا،‭ ‬وإنما‭ ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬نريد‭ ‬حلولا‭ ‬مستدامة‭ ‬وأفكارا‭ ‬إبداعية‭ ‬وإدارة‭ ‬متكاملة،‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬هذه‭ ‬المنهجية‭ ‬سنجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬بعد‭ ‬بضع‭ ‬سنين‭ ‬نعيد‭ ‬طرح‭ ‬نفس‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الموضوعات‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬ وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬فنحن‭ ‬نحتاج‭ ‬–‭ ‬أيها‭ ‬السادة‭ ‬–‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالبنية‭ ‬التحتية‭ ‬الخضراء‭ ‬المستدامة،‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬أنها‭ ‬شبكة‭ ‬مخططة‭ ‬استراتيجيًا،‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الطبيعية‭ ‬وشبه‭ ‬الطبيعية‭ ‬مع‭ ‬ميزات‭ ‬بيئية‭ ‬أخرى،‭ ‬يجري‭ ‬تصميمها‭ ‬وإدارتها‭ ‬لتقديم‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬النظام‭ ‬البيئي‭ ‬مثل‭ ‬تنقية‭ ‬المياه،‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الهواء،‭ ‬وتوفير‭ ‬مساحة‭ ‬للترفيه،‭ ‬وتخفيف‭ ‬حدة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬والتكيف‭ ‬معه،‭ ‬واستغلال‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭. ‬ويمكن‭ ‬لهذه‭ ‬الشبكة‭ ‬من‭ ‬المساحات‭ ‬الخضراء‭ (‬الأرضية‭) ‬والزرقاء‭ (‬المائية‭) ‬تحسين‭ ‬الظروف‭ ‬البيئية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬صحة‭ ‬المواطنين‭ ‬ونوعية‭ ‬حياتهم،‭ ‬كما‭ ‬تدعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر،‭ ‬وتخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل،‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬التنوع‭ ‬البيولوجي‭.‬ وكذلك‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬ونحن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الخضراء‭ ‬المستدامة‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالازدحام‭ ‬المروري‭ ‬وموضوع‭ ‬مواقف‭ ‬السيارات‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الأحياء‭ ‬التي‭ ‬تبنى‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬القديمة،‭ ‬ويجب‭ ‬ألا‭ ‬ننسى‭ ‬موضوع‭ ‬المدن‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬المناطق‭ ‬العشوائية‭ ‬التي‭ ‬تختلط‭ ‬فيها‭ ‬ورش‭ ‬صيانة‭ ‬السيارات‭ ‬والورش‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭ ‬بالمنازل‭ ‬والمطاعم‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حادث‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬عراد‭ ‬وسلماباد،‭ ‬وربما‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬يصعب‭ ‬هنا‭ ‬طرحها،‭ ‬وإنما‭ ‬على‭ ‬اللجان‭ ‬الوطنية‭ ‬دراستها‭ ‬والاهتمام‭ ‬بها‭.‬ إن‭ ‬كنا‭ ‬فعلاً‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نحل‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬والمشاكل،‭ ‬فإن‭ ‬الحلول‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬بثمارها‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬الحلول‭ ‬مبتورة،‭ ‬أو‭ ‬حلول‭ ‬بندولية،‭ ‬وإنما‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نفكر‭ ‬بالأساليب‭ ‬المنهجية‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬المشكلات،‭ ‬لأن‭ ‬حينئذ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نقدم‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬ترضي‭ ‬الجميع‭. ‬ Zkhunji@hotmail‭.‬com

مشاركة :