أهمية التخطيط لتأهيل كوادر قيادية أكاديمية في مؤسسـات التعليم العالي

  • 1/14/2023
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يمثل‭ ‬التعليم‭ -‬بجميع‭ ‬مراحله‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬والتعليم‭ ‬العالي‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭- ‬قضية‭ ‬أمن‭ ‬قومي‭ ‬تشغل‭ ‬حيزاً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬اهتمامات‭ ‬سائر‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬تصبو‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬موقع‭ ‬استراتيجي‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬العولمة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬ولن‭ ‬تتسع‭ ‬إلا‭ ‬لمجتمعات‭ ‬المبدعين‭ ‬والمبتكرين‭. ‬ويشكل‭ ‬التعليم‭ ‬بؤرة‭ ‬الاهتمام‭ ‬لدى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬وذلك‭ ‬للدور‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الكوادر‭ ‬البشرية‭ ‬الوطنية‭ ‬اللازمة‭ ‬لمشروعات‭ ‬التنمية‭ ‬ودعم‭ ‬المواطنة‭ ‬وبناء‭ ‬الإنسان،‭ ‬لتحقيق‭ ‬تطلعات‭ ‬المجتمع‭ ‬وآماله‭ ‬وإحراز‭ ‬الرفاهية‭ ‬والتقدم‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬المستدامة‭. ‬وسعيا‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بتجهيز‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬المستقبليين‭ ‬ذوي‭ ‬الإمكانات‭ ‬العالية،‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬مستوياتها،‭ ‬لتلبية‭ ‬أي‭ ‬احتياجات‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستدامة‭. ‬ إن‭ ‬التحدي‭ ‬الرئيس‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬خلال‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين‭ ‬هو‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬مالها‭ ‬القيادي،‭ ‬وتوفير‭ ‬قادة‭ ‬مؤهلين‭ ‬والمحافظة‭ ‬عليهم‭ ‬لتحقيق‭ ‬خططها‭ ‬الإستراتيجية،‭ ‬لذلك‭ ‬على‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬أن‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تطبيق‭ ‬آلية‭ ‬التعاقب‭ ‬القيادي،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬وصفها‭ ‬بأنها‭ ‬عملية‭ ‬منظمة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬استمرارية‭ ‬الوظائف‭ ‬القيادية‭ ‬الأكاديمية‭ ‬الرئيسة‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تحديد‭ ‬الوظائف‭ ‬المستقبلية‭ ‬للقيادات‭ ‬الجامعية‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬المواهب‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬المحتملين‭ ‬لشغلها‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تأهيلهم‭ ‬وتطويرهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إكسابهم‭ ‬المهارات‭ ‬والخبرات‭ ‬القيادية‭ ‬اللازمة،‭ ‬واختيار‭ ‬المتميز‭ ‬منهم‭ ‬والاحتفاظ‭ ‬به‭ ‬ليصبح‭ ‬خط‭ ‬إمداد‭ ‬وصفا‭ ‬ثانيا‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬المعدين‭ ‬لتولي‭ ‬المناصب‭ ‬القيادية‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬وذلك‭ ‬لدعمها‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬اختصاصاتها‭ ‬وأدوارها‭ ‬الأساسية‭ ‬بفاعلية‭ ‬ونجاح‭.‬‏ إن‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بِلَّوْرَة‭ ‬سِحْرِيَّةٌ‭ ‬لاستشراف‭ ‬المستقبل،‭ ‬إنما‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تجلب‭ ‬المستقبل‭ ‬إلى‭ ‬أعضاء‭ ‬‏هيئة‭ ‬تدريسها،‭ ‬وترعى‭ ‬المتميزين‭ ‬منهم،‭ ‬لتهيئة‭ ‬الصف‭ ‬الثاني،‭ ‬فالقائد‭ ‬ذو‭ ‬النظرة‭ ‬الثاقبة‭ ‬لا‭ ‬يفرح‭ ‬بالجلوس‭ ‬على‭ ‬الكرسي،‭ ‬إنما‭ ‬يفكر‭ ‬‏وهو‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الْخَلفِ‭ ‬الْكُفُؤ‭ ‬الذي‭ ‬سيأتي‭ ‬من‭ ‬بعده‭. ‬‏إن‭ ‬آلية‭ ‬التعاقب‭ ‬القيادي‭ ‬سوف‭ ‬تساعد،‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك،‭ ‬‏في‭ ‬عملية‭ ‬الاستكشاف‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬المواهب‭ ‬القيادية‭ ‬واستقطابها‭ ‬وتقييمها،‭ ‬وتأهيل‭ ‬وإعداد‭ ‬صف‭ ‬ثانِ‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬وتطويرهم‭ ‬بشكل‭ ‬مثالي،‭ ‬لتولي‭ ‬الوظائف‭ ‬المحورية‭ ‬والقيادية‭ ‬المحتمل‭ ‬شغورها‭ ‬مستقبلا‭. ‬وبتوفير‭ ‬البدلاء‭ ‬الأكفاء‭ ‬الذين‭ ‬يتمتعون‭ ‬بالذكاء‭ ‬والفطنة‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والقيادية‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬الاستجابة‭ ‬لمتغيرات‭ ‬البيئة‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬للتعليم‭ ‬العالي،‭ ‬تحقق‭ ‬آلية‭ ‬التعاقب‭ ‬القيادي‭ ‬ضمان‭ ‬استمرارية‭ ‬القيادة‭ ‬دون‭ ‬توقف،‭ ‬وبخاصة‭ ‬في‭ ‬عمادة‭ ‬الكليات‭ ‬ورؤساء‭ ‬الأقسام‭ ‬العلمية‭.‬‎ ولذلك،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذ‭ ‬المنبر‭ ‬الإعلامي‭ ‬الوطني،‭ ‬أدعو‭ ‬جميع‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬رسمية‭ ‬واضحة‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬لتخطيط‭ ‬التعاقب‭ ‬للقيادات‭ ‬الأكاديمية‭ - ‬تنبثق‭ ‬من‭ ‬خطتها‭ ‬الاستراتيجية‭ - ‬وتطوير‭ ‬آلية‭ ‬متكاملة‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنشاء‭ ‬وحدة‭ ‬متخصصة‭ ‬ضمن‭ ‬بنيتها‭ ‬الهيكلية‭ ‬مزودة‭ ‬بقادة‭ ‬أكاديميين‭ ‬يتمتعون‭ ‬بقدر‭ ‬كافٍ‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ ‬الإدارية‭ ‬والتجريبية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التخطيط‭ ‬والقيادة‭ ‬وإدارة‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية،‭ ‬لتأسيس‭ ‬نظام‭ ‬ناجح‭ ‬لتخطيط‭ ‬التعاقب‭ ‬في‭ ‬نظامها‭ ‬الإداري،‭ ‬وعلى‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬التمويل‭ ‬الكافي‭ ‬لأنشطة‭ ‬تطوير‭ ‬القيادات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬بها،‭ ‬وربط‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬بمسارهم‭ ‬الوظيفي،‭ ‬وعليها‭ ‬أيضا‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬الكفاءات‭ ‬القيادية‭ ‬الواعدة‭ ‬لإنشاء‭ ‬مخزون‭ ‬قيادي‭ ‬احتياطي،‭ ‬وبناء‭ ‬صف‭ ‬ثانِ‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬لتفادي‭ ‬وقوعها‭ ‬في‭ ‬فراغ‭ ‬قيادي‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬ولمواجهة‭ ‬الأحداث‭ ‬المفاجئة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الاستقالة،‭ ‬أو‭ ‬النقل،‭ ‬أو‭ ‬الترقية،‭ ‬أو‭ ‬التقاعد،‭ ‬أو‭ ‬الوفاة‭.‬ وكذلك‭ ‬أدعو‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬سجل‭ ‬للنمو‭ ‬المهني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬لرصد‭ ‬مستوى‭ ‬التقدم‭ ‬لدى‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬التدريس‭ ‬المحتملين‭ ‬لتقلد‭ ‬المناصب‭ ‬القيادية‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬واستنبات‭ ‬برنامج‭ ‬مستمر‭ ‬لتنمية‭ ‬المهارات‭ ‬القيادية‭ ‬داخل‭ ‬كل‭ ‬مؤسسة‭ ‬لكي‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬التخطيط‭ ‬للتعاقب‭ ‬القيادي،‭ ‬الذى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬لتقييم‭ ‬مستمر‭ ‬لتطويره‭ ‬وتحسينه،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬إصدار‭ ‬تقرير‭ ‬سنوي‭ ‬عن‭ ‬تخطيط‭ ‬التعاقب‭ ‬للقيادات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مؤسسة،‭ ‬يتضمن‭ ‬إحصائيات‭ ‬تتعلق،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر،‭ ‬بعدد‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬التدريس‭ ‬المحتملين‭ ‬الذين‭ ‬تولوا‭ ‬بالفعل‭ ‬المناصب‭ ‬القيادية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬استهدافهم‭ ‬من‭ ‬أجلها،‭ ‬وعدد‭ ‬المناصب‭ ‬القيادية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬شغلها‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المرشحين،‭ ‬أو‭ ‬عدد‭ ‬المرشحين‭ ‬الذين‭ ‬أكملوا‭ ‬أهداف‭ ‬المؤسسة،‭ ‬أو‭ ‬الوقت‭ ‬اللازم‭ ‬لملئ‭ ‬المناصب‭ ‬القيادية‭ ‬الشاغرة‭. ‬ {‭ ‬زميل‭ ‬أكاديمية‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬البريطانية‭ ‬ عضو‭ ‬جمعية‭ ‬البحرين‭ ‬للإنماء‭ ‬والتطوير

مشاركة :