مضى عام 2022 ثقيلا لما شهده من أزمات في كل مكان تقريبا وهيمنت على أشهره من بدايته إلى نهايته أوجاع وتحولات تسببت فيها الأزمة الأوكرانية التي طالت شظاياها السياسية والاقتصادية أغلب دول العالم من دون استثناء. ففي وطننا العربي الكبير استمرت خلال العام المنصرم الازمات المتصاعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، فليبيا ظلت كما كانت منذ عام 2011 في انقسام وصراع وقتال وخلاف بين القوى السياسية المختلفة، ولم تفلح الجهود والوساطات الدولية والعربية في إنهاء أزمة هذا البلد العربي الشقيق المتصاعدة التي افضت إلى انقسام كبير بين الشرق والغرب والجنوب والغرب وحل بدل الوئام القتال وانتشار المليشيات المسلحة وغياب الأمن في ظل فوضى عارمة يعاني منها القطر الليبي الشقيق. أما سوريا فمازالت تعاني الأمرين من الحرب التي فرضت عليها ومع ذلك مازالت صامدة رغم المآسي التي حلت بالشعب السوري الشقيق، ولا يختلف وضع العراق الشقيق عن وضع سوريا كثيرا فمازالت المليشيات ترتع فيه وتثير المشاكل وتمنع عودة العراق العربي إلى لعب دوره القومي السابق ومازالت إيران تعبث في هذا البلد العربي الشقيق والصراعات الاجتماعية تتواصل من دون توقف، وها هو اليمن السعيد الذي لا تزال ترتع فيه المليشيات الحوثية الإرهابية وتفسد أي سبيل للمصالحة والوحدة الوطنية وتفضل الاستمرار في الحرب والفوضى لخدمة الاجندات الإيرانية المعادية لدول مجلس التعاون، أما السودان الشقيق الذي حتى بعد انقسامه مازال في حالة يرثى لها من الصراع والانقسام والعجز عن إيجاد مخرج لحل مشكلاته السياسية والاقتصادية المتفاقمة. ولسنا في حاجة إلى التوسع أكثر في استعراض هذه الأحوال التي عشناها ولانزال؛ لأن أغلب الدول العربية تعاني من أوجاع متفاقمة وأزمات مالية واقتصادية. على المستوى الإقليمي مازالت إيران تتسيد قائمة الإرهاب والترهيب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة والإصرار على الهيمنة على جيرانها وزعزعة أنظمتها المستقرة إضافة إلى التهديد الناجم عن المشروع النووي الإيراني الذي لا يهدد المنطقة فقط بل يهدد الشعوب الإيرانية، وخاصة في ظل نظام مغامر وعقائدي متطرف يؤمن بالثورة الدائمة. على المستوى الدولي أظهرت الأزمة الأوكرانية وما تسببت فيه من تحولات ومشكلات وأدت إلى مزيد من الصراعات وأصبح العالم أكثر من أي وقت مضى تحت تهديد السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل كما تسببت هذه الأزمة في الكشف عن طبيعة الغرب وشعاراته الكاذبة في الحرية والديمقراطية والتجارة الحرة، حيث تم التراجع كليا عن جميع تلك المبادئ والشعارات وكشف هذا الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عن طبيعته القائمة على أيديولوجية الهيمنة والاستغلال والتفرد بالقوة ورفض أي توجهات دولية نحو التعددية القطبية خاصة في ظل بروز قوة جديدة عسكرية واقتصادية ذات وزن كبير وتسعى إلى أن تحتل مكانة في العالم تتناسب مع ما تملكه من قدرات وإمكانيات مثل الصين وروسيا الاتحادية والهند والبرازيل والمملكة العربية السعودية والجزائر وغيرها من القوى الصاعدة التي من حقها أن تدافع عن مصالحها، وان يكون لها وزن وثقل في العالم يتناسب مع ما تقدمه لهذا العالم من انتاج وإبداع في شتى المجالات. ويطل علينا عام 2023 وجميع هذه الملفات والمشكلات لا تزال قائمة ومتصاعدة، ولذلك فإن امانينا أن تشهد جميع هذه المشكلات زحزحة وأن يكون العام الجديد 2023 عاما لحل هذه المشاكل والصراعات والأزمات، لأن استمرار هذه الملفات مفتوحة يعني بالضرورة المزيد من الحروب والإرهاب والأزمات المالية والاقتصادية والغذائية والطاقية وبالتالي المزيد من معاناة مئات الملايين من البشر في مواجهة التضخم. على الصعيد الوطني في بلدنا العزيز مملكة البحرين، فإن كل ما نتمناه ونتطلع إليه كشعب او كمواطنين هو استمرار معدلات التقدم والنمو في الاقتصاد البحريني ونجاح خطط الدولة في تنويع إمكانيات وقدرات اقتصادنا خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي سينعكس حتما وبشكل إيجابي على زيادة معدلات تحسين مستويات معيشة المواطنين، ليكون العام الجديد عاما مباركا على بلادنا وعلينا وعلى عائلاتنا.
مشاركة :