الشركات الناشئة الصديقة للبيئة تتصدى للبلاستيك في مصر

  • 1/18/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في مصنع في ضواحي القاهرة تديره الشركة الناشئة "تايل غرين"، يطغى هدير مطحنة البلاستيك على كل الأصوات، وتبتلع الآلة كمية ضخمة من البلاستيك من كل الألوان، لتخرجها على شكل طوب داكن اللون "صلابته ضعف صلاية الأسمنت"، وفق ما يقول أحد مؤسسي الشركة خالد رأفت (24 عاما) بينما يلقي بطوبة على الأرض ويستخدم الطوب لتغطية الأرصفة والمسالك في الهواء الطلق ومواقف السيارات. ويوضح رأفت أن العديد من المنتجات البلاستيكية مثل أكياس التغليف التي تستخدم في عدد من المواد الاستهلاكية (البطاطا المقرمشة على سبيل المثال) مكوّنة من طبقات عدة ملتصقة من البلاستيك والألومنيوم التي يستحيل فصلها. ويقول شريكه عمرو شعلان (26 عاما) "هذا البلاستيك الذي لا قيمة له تقريبا ينتهي معظم الوقت في المكبات أو يتم حرقه أو ينتشر في البيئة المحيطة بنا أو في أبحارنا و أنهارنا"، مضيفا أن كل طوبة "تتكوّن من 125 كيسا من البلاستيك". وتعتبر مصر، البلد الأكثر كثافة سكانية في العالم العربي، أكبر ملوّث بالبلاستيك في الشرق الأوسط وإفريقيا، وفق دراسة أجرها خبراء متعددو الجنسيات ونشرتها مجلة "ساينس" العلمية. وتنتهي معظم نفابات البلاستيك التي تصل الى 5,4 مليون طن سنويا في مصر، في مكبّات غير قانونية ويتم التخلص منها بعد ذلك في النيل والبحر المتوسط حيث تتسبب في تسميم الحياة البحرية. بلاستيك أكثر من السمك وحذّرت دراسة في العام 2020 من أن ثلاثة أرباع الأسماك التي يتم اصطيادها في القاهرة تحوي جزئيات صغيرة جدا من البلاستيك. في الاسكندرية على شاطىء المتوسط في شمال مصر، تبلغ نسبة الأسماك التي تحوي تلك الجزئيات 92%، وفق باحثين في المعهد المصري لعلوم البحار والمصايد. وتسعى "تابل غرين" الى تدوير ما بين ثلاثة الى خمسة مليار كيس بلاستيكي بحلول العام 2025. وكانت بدأت بيع الطوب العام الماضي، وأنتجت حتى اليوم أربعين ألف طوبة. وتعهّدت مصر ذات ال104 ملايين نسمة - والتي يؤكد البنك الدولي أن 67% من النفايات فيها "لا تعالج بشكل مناسب" - بخفض استهلاكها من البلاستيك ذي الاستخدام الأحادي بمقدار النصف بحلول العالم 2030. ولكن شبابا ساعين الى حماية البيئة ومهندسين لم ينتظروا ذلك، بل قرروا استخدام نفايات البلاستيك على الفور: فبدأوا باستخراج البلاستيك من النيل ويتولى المهندسون الإشراف على تحويله الى طوب وهو البديل الأخضر للطوب الإسمنتي الذي يؤدي تصنيعه الى توليد كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون الملوث للبيئة. في جزيرة القرصاية في القاهرة، بدأ صيادون ملء شباكهم بالبلاستيك الذي يبيعونه بعد ذلك الى منظمة "فيري نايل" غير الحكومية التي تقوم كذلك بعمليات تنظيف منتظمة لأكبر نهر في إفريقيا. ويقول مسؤول المشروع لدى "فيري نايل" هاني فوزي إنه "يشتري ما بين 10 و12 طنا من البلاستيك شهريا" من 65 صيادا يجمعون النفابات ويفرزنوها في مراكبهم. ويضيف هاني فوزي أنه يتم بعد ذلك كبس البلاستيك لإعادة استخدامه في الصناعات البلاستيكية مرة أخرى أو يتم بيعه لمصنع طوب اسمنتي في أسيوط (جنوب) الذي يستخدمه كوقود. والمشروع مدعوم من وزارة البيئة المصرية. ووفق منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في أوروبا، يتمّ تدوير أقل من 10% من البلاستيك في العالم، وذلك بسبب صعوبة عملية التدوير أو كلفتها العالية. نقطة في بحر ويشرح شعلان أن "11% الى 15% فقط من نقابات البلاستيك يتم تدويرها سنويا في مصر". ويضيف "نحن نعمل مع شركات تدوير ونأخذ منها ما لا يمكنها استخدامه". ولكن عمل الشركات الناشئة ليس كافيا بعد. ذلك أن الإنتاج السنوي من البلاستيك سيزيد ثلاث مرات بحلول 2060 ليصل الى 1,2 مليار طن. في الوقت ذاته، ستتضاعف كمية النفايات البلاستيكية غير المدورة او المتروكة في الطبيعة والبالغة الآن 100 مليون طن. ويقول محمد كمال، أحد مسؤولي شركة غرينيش التي ساهمت في إنشاء "فيري نايل"، "البلاستيك لن يختفي ولكن هذه المبادرات أدت الى خلق سوق، ورأينا أن هناك بالفعل طلبا". ويضيف "كل ما يخلق قيمة اعتمادا على النفايات في مصر يعد خطوة الى الأمام، حتى لو بقينا على السطح ولم نتمكن من حلّ جذور المشكلة".

مشاركة :