أرجو ألاّ يعتبر البعض هذه الرسائل بمثابة تمحُّك أو مماحكة في السلطة الحالية، أو ضرب في السلطة السابقة أو محض مقت للسلطة الأسبق فأمامنا بلد يغرق وما أعظمه من بلد. فحتى الآن لا يوحي الوضع القائم بالاطمئنان! حتى الآن ما زال "الشغل كله" على الشعب الفرحان لا على الشعب الغضبان.. والحق أنه بات الآن لدينا شعبان حتى ونحن في شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار.. رمضان! حتى الآن ما زالت الأخطاء التي ثار من أجلها الشعب الفرحان تتوالى إلى أبعد حد.. حد الاعتقال! قد يقول قائل إنها الإجراءات الاستثنائية في مرحلة استثنائية تتطلب إعلانات استثنائية لكن هذا شيء والتخبط والتردد في القرارات شيء آخر ثار عليه ومن أجله الشعب الفرحان! لقد استهلت المرحلة الاستثنائية الحالية مشوارها بالإعلان عن تعيين الدكتور البرادعي ثم سرعان ما غضب حزب النور فتم تسمية الدكتور زياد بهاء الدين، فلما استمر الغضب قالوا سمير رضوان فلما كان ما كان جاء الدكتور حازم الببلاوي ليحرج الدكتور رضوان ببيان يقول فيه إنه كان رئيسًا للحكومة قبل أن يتدخل فلان وعلان! من الأخطاء الملاحظة كذلك إهمال شباب 25 يناير حد التجاهل والإتيان بشباب 30 يونيو ليس فقط لصدارة المشهد وإنما لإيفادهم للدول العربية والأجنبية لإقناعها بأن ما كان لم يكن انقلابًا وإنما محض "تمرد" أسقطنا فيه الحكم فهل هذا يجوز للضيف أيًّا كان؟! من الملاحظ كذلك أن الطبقة أو الفئة العاقلة أو التي يفترض أن تتولى عملية الترطيب.. ترطيب الأجواء والنفوس انشغلت هي الأخرى بالفرح للشعب الفرحان ومن ثم تأجيج نفوس الشعب الغضبان! لقد بحت الأصوات والشكوى من شبح الإقصاء في المرحلة السابقة فماذا عن غلق القنوات الدينية الآن؟ وتعلمون ويعلم الجميع أن الممنوع في دولنا العربية مرغوب.. خاصة إذا كان الأمر متعلقًا ببعض من هذه القنوات التي لا تدعو لانقلاب أو لإرهاب أو لنحو ذلك. ولعل من أبسط وأوضح الأمثلة على خطورة ذلك، أن الناس في رمضان ستلجأ لمشاهدة التراويح والقيام والتهجد التي تبثها القنوات الممنوعة أو المحاصرة.. ذلك أن البديل الآن هو مسلسلات من نوعية خير رمضان حيث السقوط والانحدار والإسفاف ومشاهد العري الفاضح والخواء الفاضح على طريقة أفلام "ستة باب" وغيرها من أفلام منعتها الرقابة في عهد الرئيس مبارك! وبالإضافة إلى ذلك فإن التغييب مرفوض وممقوت، خاصة إذا كان المغيبون مهما فعلوا أو أجرموا والله أعلم بمن اتقى ليسوا من نوعية عزت الدوري أو قذاف الدم! كنت أفهم ويفهم كثير من العقلاء أن تنصرف القنوات التي أسقطت وهدمت نظامًا في البناء.. لكن ما نراه ونسمعه محض انتقام بامتياز! كنت أفهم أن تنخرط الصحف التي ساهمت في إزالة نظام أن تبشر بالأمل وأن تتخلى عن روح التشفي وكأن العذاب الماضي دام أعوامًا وأعوامًا! من الأخطاء الفاحشة كذلك استمرار التأكيد أو التركيز على أن السلطة السابقة كانت وما زالت ربيبة إسرائيل وأمريكا.. ذلك أن واقع الحال يؤكد العكس ويشير بوضوح إلى أن أمريكا تظل القاسم المشترك في أي اتجاه حالي أو مستقبلي لظروف تاريخية وسياسية واقتصادية بل وأمنية أكثر من أن تعد. ومن الأخطاء كذلك، نسيان أو تغييب موضوع أزمة مياه النيل في القنوات والصحف الخاصة والمستقلة والحكومية على السواء وهي الآن بطبيعة الحال كلها سواء.. لقد تصور الجميع قبل 30 يونيو بأيام أن الناس ستموت صباحًا من العطش وأن الأرض ستبور مساء من العطش، وأن الأسر ستتشرد ليلًا بعد أن اقترب العطش وبارت الأرض وهلك الزرع فما الذي حدث؟! أخيرًا فإن الترويج الزائد لمسألة المصالحة مع رموز النظام القديم "طالما لم يتورطوا في القتل أو السرقة" خطأ فاحش.. ذلك أن الشعب الفرحان والغضبان على السواء سيفهم من ذلك إمكانية عودة الدكتور سرور رئيسًا لمجلس الشعب "لأنه وبحكم القضاء لم يتورط في سرقة أو قتل"! وعودة السيد صفوت الشريف رئيسًا لمجلس الشورى لأنه كذلك وبحكم قضائي لم يتورط في سرقة أو قتل".. وهكذا! فإن قلت أن هذا مستحيل عمليًا ونظريًا سيقول لك الشعب إن لهم من المندوبين والممثلين الكثير والكثير فما الذي صنعناه؟ إنني أجزم أن السلطة الحالية لا تحتاج الآن لتطبيل أو تهليل فكم ساهم المطبلون والمهللون في زوال أكثر من نظام! وفي ضوء ذلك، أقول للمخلصين.. فقط للمخلصين لا تغالوا كثيرًا في توفير البنزين حتى لا يحترق الشعب أكثر وأكثر بنار الفتنة! لا تبالغوا كثيرًا في سكب السولار والحديث عن استقرار الدولار.. فالناس في مصر إذا خُدعوا غضبوا.. وإذا غضبوا همسوا... وإذا همسوا ثرثروا وقالوا.. وإذا قالوا شتموا ولعنوا وإذا لعنوا سلوا سيف الغضب.. وإذا غضبوا لن يوقفهم جزر ولا مد! وانتبهوا وتذكروا واستوعبوا. عاشت مصر وعاش شعب مصر متوحدًا وساجدًا لله الواحد الأحد.. sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :