لا تزال مجالات التجارة بحياة الإنسان في شؤون كثيرة مباحة بسبب افتقادنا لكثير من الأنظمة والقوانين التي تضبط من تستهويهم هذه التجارة ويتهورون في ممارستها بصورة علنية مقيتة، تزداد جرأتها عندما تغيب الرقابة والمحاسبة الصارمة، وعندما تصبح خيارات الناس ضيقة بحيث يصبحون مضطرين إلى اللجوء لهذا السوق. نحن نتحدث هنا عن بعض مرافق القطاع الصحي الخاص دون تعميم، وإذا أردنا الحقيقة فنحن نتحدث عن «كثير» من هذه المرافق، لأنه لم يبق منها إلا القليل الذي يخاف أصحابه الله في المرضى الذين لا يستطيعون الحصول على الخدمات الحكومية لأكثر من سبب. الملفت في الأمر أن التأمين الصحي الذي يظن البعض أنه نقلة إيجابية ساعدت من حصلوا عليه، يبدو أنه ليس كذلك في بعض جوانبه، بل ربما أصبح ضارا للبعض. وكنا قد تحدثنا هنا قبل أيام قريبة عن قضية خطيرة هي صرف أدوية متدنية الجودة والفعالية لمرضى التأمين، والعكس لمرضى «الكاش» وذلك باتفاقية بين عدة أطراف لا يعلم عنها المريض المسكين. وحتى إن كانت هذه واحدة من أخطر القضايا فإن غيرها كثير. على سبيل المثال قد لا يستطيع المريض الحصول على موعد مناسب لحالته بمجرد معرفة أنه مريض تأمين، بينما باستطاعته الحصول على موعد سريع مع نفس الطبيب لو كان سيدفع نقدا. وهذا المريض قد لا يحصل على التحاليل المخبرية أو غيرها من الفحوصات اللازمة لحالته بسبب تكاليفها التي تحاول المستشفيات ضغطها في أدنى الحدود، وباختصار فإن هذا المريض لا يستفيد عمليا إلا في نطاق ضيق من بعض بطاقات التأمين الصحي وبعض المرافق الصحية، والأهم أنه قد يتضرر بدلا من أن يستفيد، وهذا ما لا يجب أن يحدث. نحن نتحدث عن كثير من النقلات في الخدمات ونحلم بأن تتماشى مع ما يحدث في بقية بلدان العالم المتطورة ولكننا لا نفكر في ما هو أهم، أي البنية التشريعية والأنظمة التي تضبطها بشكل جيد، بحيث لا تصبح ضررا على المستخدمين لها. وطالما تطرقنا إلى التأمين الصحي فلكم نرجو أن تبحث الجهات المعنية التفاصيل الخطيرة التي تحدث في بعض حالاته.
مشاركة :