وأدرج "الحداء" على لائحة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) في كانون الأول/ديسمبر. وتسلّط الممارسة مرة أخرى الضوء على العلاقة الوثيقة بين الإبل وسكان الجزيرة العربية. ويقول المري (36 عاما) الذي يملك مئة رأس من الإبل لوكالة فرانس برس في منطقة صياهد رماح على بعد 150 كلم شمال شرق الرياض "هناك لغة خاصة بين مالك الإبل وإبله"، مضيفا "الإبل تعرف نبرة صوت صاحبها وتستجيب له فورا. وإذا ناداها شخص آخر، لن تستجيب له". وتُعرف الجِمال باسم "سفن الصحراء"، وكانت تستخدم في الماضي للتنقل عبر رمال شبه الجزيرة العربية حتى أصبحت رمزا تقليديا لمنطقة الخليج العربي. وتنظم دول الخليج فاعليات مختلفة تشارك فيها الجمال على مدار العام تُكسب القيمين عليها والمشاركين في مسابقاتها أيضا مكانة اجتماعية عالية. ونجحت السعودية في تسجيل "حداء الإبل" على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، بالاشتراك مع الإمارات العربية المتحدة وعمان. ويقول المدير التنفيذي لهيئة التراث في السعودية جاسر الحربش لوكالة فرانس برس إنّ الحداء "يضرب في عمق حضارة الجزيرة العربية"، مشيرا إلى أنّ الهدف الرئيسي لتسجيله هو "حمايته وتوثيقه وإتاحة الفرصة لتطويره". ويشير إلى وجود "كثير من المنحوتات الصخرية التي رسمت الجمل وحكت قصة الجمل سواء استخدم في الحرب او التجارة". الإبل "تبادلني المشاعر" ويعد "حداء الإبل" أحد أشكال التعبير الشفهي التقليدي في الجزيرة العربية ووسيلة للتواصل بين الإبل وراعيها. وفي وصف اليونسكو لهذا الموروث، جاء "يقوم الرعاة بتدريب جمالهم على التعرّف على الفرق بين اليمين واليسار، وفتح أفواهها عندما يُطلب منها ذلك، والركوع ليمتطيها أصحابها". والحداء نوعان، "الهبال" و"العبال". ويشرح المري، وهو موظف حكومي ارتدى معطفا رماديا فوق عباءته الداكنة واعتمر الشماغ التقليدي، "الهبال يستخدم إذا كانت الإبل منتشرة فينبهها مالك الإبل لتتجمع حتى لا تشرد بعيدا". أما العبال فهو الغناء لها وقت سقي الماء حتى تشرب وهي سعيدة"، موضحا أن هذا النوع يتضمن "كلمات فيها غزل". وتصطف سيارات دفع رباعي فارهة تعود لأصحاب الإبل قرب خيم منصوبة في المكان للعناية بالإبل داخلها. وتنظم في المكان منذ أسابيع الدورة السابعة لمهرجان الملك عبد العزيز للإبل الذي تبلغ جوائزه الإجمالية 350 مليون ريال (93,3 مليون دولار). ويقول مالك آخر منصور القاتولة (34 عاما) "مالك الإبل ينادي إبله بأسماء خاصة بها ومن خلال التكرار تعرف اسمها وتتجاوب معه". وورث القاتولة، وهو رجل أعمال في قطاع العقارات يمتلك أكثر من 100 رأس من الإبل، فن الحديث مع إبله عن آبائه وأجداده، وهو عازم على تمريره لأبنائه. ويقول الأب لثلاثة أطفال "نتوارث رعاية الإبل أبا عن جد منذ أكثر من 200 سنة". ويتابع "الآن أبنائي يحبونها ويطلبون باستمرار المجيء إلى هنا وباتت (الإبل) تعرف أصواتهم أيضا". ويضيف "حينما يكون مالك الإبل مهتما بها ويزورها باستمرار، تبادله المشاعر". ويطلق بعض من جماله صوتا يشبه الهدير، فيبدأ بالغناء لها. ويقول وهو يضحك بعدما اقترب منه جمل "انظر، إنه يبادلني الشعور".
مشاركة :