كأن أسباب النزاعات المسلحة على الأرض قد انتهت حتى تهطل علينا أخرى من الفضاء تهدد بنشوب صراعات سياسية مؤهلة للتطور إلى حروب ستكون أطرافها القوى العظمى الفاعلة في مجال الفضاء. فمنذ بداية السباق نحو الفضاء في ستينات القرن الماضي، كان التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا فقط، إلا أن دخول فاعلين جدد رسم خريطة أخرى تضم قوى متعددة مثل الصين، والهند، واليابان، ووكالة الفضاء الأوروبية، وعشرات الدول الأخرى المشاركة في مشروعات استكشاف الكواكب، أو صاحبة مئات الأقمار الصناعية السابحة في مدارات فضائية تختلف مهامها ما بين عسكرية، أو تلك الخاصة بالاتصالات، أو مراقبة التغيرات المناخية على الأرض وغيرها. وقبل خمس سنوات، ارتفعت حدة التحذيرات الدولية من مخاطر الخردة الفضائية الناتجة عن أقمار صناعية ضلت مدارها الفضائي، أو تلك الناتجة عن تحطم أقمار قديمة انتهت مهامها ونتج عن انفجارها ملايين الشظايا السابحة التي تكفي واحدة منها لا يتعدى حجمها سنتيمترات عدة، لتفجير أي مركبة فضائية أو قمر صناعي تصطدم به بسبب سرعتها الهائلة التي تصل إلى 30 ألف ميل/ساعة. الباحثون في الأكاديمية الروسية للعلوم في موسكو حذروا في دراسة حديثة، من أن الخردة الفضائية تشكل خطراً سياسياً خاصاً، لأنه من الصعب تحديد ما إذا كان تحطم أي قمر صناعي ناتج عن اصطدام شظايا هائمة، أو تمت مهاجمته عن عمد من قبل دولة أخرى. وفى دراسة نشرتها مجلة ACTA ASTRONAUTICAقال عالم الفيزياء الفلكية الروسي فيتالي أدوشكين الخردة الفضائية قد تثير صراعاً سياسياً، أو حتى مسلحاً، بين البلدان الرائدة للفضاء. وأضاف الدول لن تكون قادرة على معرفة ما إذا كانت أي أضرار مستقبلية قد تلحق بالأقمار الصناعية العسكرية ناتجة عن اصطدام خردة فضائية بالصدفة، أو تمت عن طريق العمد. المثير إن الدراسة تناولت حالة تحطم القمر الصناعي الروسي BLITSعام 2013، مؤكدة أن تحطمه كان بسبب اصطدامه بشظايا ناتجه عن تدمير الصين أحد أقمارها الصناعية القديمة الخاصة بمراقبة المناخ بعد انتهاء مهمته. تجدر الإشارة إلى إن وكالة الفضاء الأمريكية ناسا كانت نشرت قبل أيام عدة، شريط فيديو أعدته بالتعاون مع مجموعة من العلماء بالمعهد الملكي البريطاني يوثق مشكلة النفايات الفضائية، ويوضح النمو الهائل في حجم الخردة الدائرة حول الأرض منذ عام 1957 حتى الآن. كما حذرت وكالة الفضاء الأوروبية في أحدث تقاريرها من خطر وجود ملايين القطع الصغيرة التي تدور في الفضاء، والتي قد تتسبب بسقوط قمر صناعي، أو مقتل رائد فضاء يسبح أثناء مهمة، مؤكدة إن السرعة التي يطير بها مسمار صغير في الفضاء تزوده بقوة تفجيرية تعادل عدة قنابل يدوية عند اصطدامه بالأجسام الأخرى، ونظراً لأهمية وخطورة قضية النفايات أرسلت الوكالة قمرين صناعيين مختصين بمراقبتها وتمكنا من رصد نصف مليون قطعة نفاية أكبر من سنتيمتر، ونحو 300 مليون نفاية أقل من سنتيمتر. وفي محاولة لحل هذه المشكلة وقعت 67 دولة في العالم عام 2009 على اتفاقية رعتها الأمم المتحدة لحماية الفضاء الخارجي تحمل اسم كوبوس، وضعت تصوراً للعلاج، مثل إنشاء بلدية فضائية لنزح وجمع القمامة، وآخر لربط الأقمار الصناعية الجديدة بنظام استشعار يجعله يتحول إلى مدار جديد في حالة اقترابه من آخر قديم، وأكثر الاقتراحات خيالية كانت تخصيص مدار كمقبرة فضائية.
مشاركة :