عندما انطفأت الأنوار في مدرج البصرة الدولي، بدأ الحفل، وبرز السندباد، ذلك البحار الأسطوري من قصص «ألف ليلة وليلة»، في الظلام كي يحيي الجمهور، وتراقصت الأضواء وأشعة الليزر في أنحاء المدرج الرياضي. ولساعة كاملة نقل الموسيقيون، والراقصون والممثلون العراقيون الجمهور في رحلة عبر آلاف السنوات من التاريخ العراقي، وصدح المطرب العراقي الشهير حسام الرسام مغنياً «نحن شعلة العالم». ومثل المشهد في السادس من يناير بداية بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم الـ25، والتي استضافها العراق للمرة الأولى منذ عام 1979، بالنظر إلى أن هذه الدولة تسعى إلى طي صفحة العقود الماضية التي تميزت بالعنف، وانعدام الاستقرار، والعزلة. وقال رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني، الذي حضر مراسم افتتاح البطولة، إلى جانب عدد من المسؤولين العرب ورئيس الفيفا جياني إنفانتينو «تعتبر هذه البطولة فرصة يمكن أن تساعد على تعزيز العلاقات بين العراق وبقية دول الخليج. وستكون مؤشراً على التعافي من السنوات العجاف والاضطرابات السياسية». الفرصة الأولى وتشارك في هذه البطولة التي تجري كل عامين دول من مجلس التعاون لدول الخليج العربي، إضافة إلى اليمن والعراق. وكما أسهمت بطولة كأس العالم في الدوحة في تعريف ثقافة الخليج العربي للعالم الخارجي، أسهم قيام بطولة الخليج في البصرة في منح العديد من مواطني الخليج فرصتهم الأولى لزيارة العراق. وبالنسبة للسكان المحليين في البصرة، فقد كانت بمثابة الفرصة النادرة لمشاهدة منافسات دولية لكرة القدم في مدينتهم، وكذلك الإعراب عن فخرهم الوطني. وقال سائق التاكسي في البصرة حسام المثنى، (27 عاماً)، «على الرغم من المنافسة الشديدة بين دول الخليج للفوز بالبطولة، كان الأمر المهم بالنسبة لنا في المقام الأول هو تكريم ضيوفنا بعد طول غياب. ونحن جيران وأبناء عمومة، حتى لو اضطررنا إلى الابتعاد عن بعضنا بسبب الظروف السياسية». تخفيف القيود على التأشيرة وبلغ تعداد الزوار الخليجيين نحو 50 ألفاً، تدفقوا خلال الأسبوعين الماضيين، وفق السلطات العراقية، بالنظر إلى أن السلطات خففت من القيود المفروضة على حدود البصرة، وقدمت تأشيرة دخول مجانية. وتوجهوا جميعاً نحو البصرة، ثاني أكبر مدينة في العراق، حيث كان الترحيب بهم بالرايات والأعلام الخليجية. وتدفق الزوار على الكورنيش الموازي لنهر شط العرب، وهي مركز جذب السياح الرئيس في المدينة، وكانت الشوارع تضج بالحماسة خاصة أثناء المباريات. وعندما فاز الفريق العراقي بنتيجة 5-صفر على اليمن، اندلعت الحفلات الراقصة، وامتلأت السماء بالألعاب النارية. وتجاوز ذلك الفرح مجرد الرياضة. وقال بائع القهوة العراقي محمد، على الكورنيش، والذي كان يرفض قبول ثمن قهوته من الزوار الخليجيين «نشعر بسعادة عامرة بوجود أشقائنا، ونتمنى ألّا تنتهي هذه البطولة». وعلى الرغم من أن البصرة تعوم على بحر من النفط الذي تعادل قيمته مليارات الدولارات، إلا أن شعبها لا يستفيد من هذه الثروة، حيث يعيش نصف سكان المدينة تقريباً تحت خط الفقر، في حين أن ربع الشبان عاطلون عن العمل. سخاء غير محدود ولكن نتيجة بطولة الخليج الكروية، أصبحت فنادق المدينة محجوزة بالكامل، في حين فتح السكان المحليون منازلهم للخليجيين. وللمرة الأولى شعر سكان المنطقة بالارتباك أمام هذا السخاء الذي يرونه. وقال إبراهيم علي، (40 عاماً)، وهو مشجع عماني «من دون مبالغة الجميع كانوا مستعدين لاستضافتك في منازلهم، كما أن المدينة بقيت في حالة سهر طيلة الليل». وقال الكويتي سليم مبارك، وهو في حالة ذهول، «جئت من الكويت بسيارتي قبل أسبوع، وإلى الآن لم أنفق ديناراً واحداً، كل شيء نحصل عليه مجاناً». جياني إنفانتينو: «تعتبر هذه البطولة فرصة يمكن أن تساعد على تعزيز العلاقات بين العراق وبقية دول الخليج. وستكون مؤشراً على التعافي من السنوات العجاف، والاضطرابات السياسية». مصطفى سليم : مراسل «واشنطن بوست» في بغداد تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :