أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل جميل غزاوي المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، وأنه سبب للفوز والنجاة، فيقيهم في الدنيا مِنَ المخالفات، ويحميهم في الآخرة من العقوبات. وبين أن الله سبحانه باري البرايا هدى كل نفس لجلب ما يصلحها وينفعها، ودفْعِ ما يضرها ويفسدها، لذا فإن الإنسان بفطرته يحتمي من الآفات، ويجتنب الأذى والمخاطر والشرور والهلكات. وأشار إلى أن صور الحمية والاحتماء كثيرة، فيحتمي المرء مما يصيب جسده من العوارض والمحن كالحر والبرد، ويحتمي مما يُعرِّض جوارحه وأعضاءه للأذى وخاصة سمعه وبصره، وقد يحتمي عن بعض الأطعمة والأشربة للمصلحة، كأن يمتنع عن أكل اللُّحوم التي تضر بصحته. وأوضح غزاوي أن للحمية الغذائية فوائد متنوعة، وهي علاج ناجح مجرب، إلا أن هناك من تضعف إرادته وتفتر عزيمته فلا يقوى على الامتناع عما ألفه واعتاده من الأطعمة والمشتهيات، وليس بمقدوره ترك ما نصح بتركه منها، فهو يرغب فيها ولا ينفك عن تعاطيها، الأمر الذي يتطلب مجاهدةَ نفسه ومساويها حتى تمتنع عما يضر بها ويؤذيها. ومثل هذا الكلام يوجه لمن ابتلوا بتناول ما يضرهم ويفسد صحتهم كالدخان، أو بتعاطي ما هو أعظم من ذلك كالمسْكرات والمخدرات وغيرها من الخبائث، ويقال لهم: ما دمتم حريصين على سلامة أبدانكم وحفظ صحتكم وبقاء عافيتكم فلا بد من مجاهدة أنفسكم وحمايتها من تلك السموم والآفات وصيانتها عما يضر بكم من الأسقام والمساوئ والآثام، قال تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) فقد دلت الآية الكريمة على أن ما كان سببًا للضرر في دين المرء أو دنياه فإنه داخل في النهي، وكل شيء يضر البدن فإنه منهي عنه. وأضاف خطيب الحرم المكي: منا من يحرص على الحمية البدنية ويعتني بها عناية فائقة ويسأل عن تفاصيلها، وإذا ذُكرت عنده تجرِبةٌ أن هناك نوعًا من الطعام أو الشراب فيه فائدة ومنفعة صحية للبدن أقبل عليه وتنافس على الحصول عليه، وإذا ذكر عن طعام أو شراب فيه من الخطر والمضرة بالبدن اتقَاه وتجنَّبه وحذَّر منه. وقد يتخذ المرء أحيانًا حمية شديدة يتكبدها دفعًا للداء الذي أصابه. وأكد أن هذا التعامل من الاحتماء البدني بهذه الصفة لا اعتراض عليه ولا حرج فيه، بل هو مما أباحه الشرع من الأخذ بأسباب التداوي والوقاية من الأمراض وهو لا ينافي التوكل على الله سبحانه، لكن الشيء الذي يسترعي الانتباه والتأمل ويدعو إلى العَجب، ألّا يكون مثلُ هذا التعاملِ والحرصِ في الاحتماء مما هو أولى وأجدر. ولفت إلى أن الله سبحانه وتعالى أكد ضرورة صيانة الفطرة وحمايتها من الانحراف، والأخذ بالاحتياطات والتدابير الشرعية الواقية من العقائد الفاسدة والأفكار المنحرفة والسلوكيات الخاطئة والأخلاق الفاسدة ليظل الفرد على الصراط المستقيم والمنهج القويم. وأردف “غزاوي”: من المشكلات التي تعترض الشباب المسلم اليوم وتعمل على هدم بنائهم النفسي والاجتماعي والأخلاقي والسلوكي إدمان متابعة المواقع الفاسدة الفاتنة الآثمة بأنواعها التي قد تدمر مستقبلهم وتلحق بهم الخسران، لكن المأمول من الآباء والأمهات والمربين جميعًا أن يستشعروا مسؤوليتهم ويؤدوا الأمانة التي حُّمِّلُوها وأن يتقوا الله فيمن تحت أيديهم ومن استرعاهم الله فيحرِصوا عليهم ويسعوا سعيًا حثيثًا في استنقاذهم ووقايتهم وحمايتهم من هذه المخاطر الداهمة والأدواء القاتلة، بالشفقة عليهم وكثرة دعاء الله أن يهديهم ويصلح شأنهم مع تعاهدهم بالنصح والتوجيه والإرشاد مما يقوي الوازع الديني لديهم ويعزز الحصانة الذاتية حتى يتبصروا ويصبحوا على يقين من معرفة أضرار ذلك، فيبادروا إلى قطع كل ما من شأنه إبعادهم عن الجادة وترك كل سبيل يؤدي بهم إلى الزيغ والانحراف. وتابع: مِن أَوْلى الأَوَّلِيَّات وأعظمِ مهام التحصين والدورِ الوقائي للأسرة المسلمة حماية الناشئة من الأفكار الإلحادية التي تسللت عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل التقنية المعاصرة من مواقع وشبكات مختلفة. وأشار إلى أن من سبل اجتناب الخطايا والموبقات حفظ ما أمر الله بحفظه، فاللسان يُحمى ويصان من الوقوع في الحرام وكسب الآثام، وبحفظه يحمي المرء نفسَه من موارد الهلاك والخسار، والفَرْجُ كذلك يُحمى ويصان، فتَوقِّي المرءِ سماعَ الحرام ورؤيةَ الحرام مطلب، ومن محبة الله لعبده المؤمن أن يحميه من كل ما يضر بدينه وينجيَه من فتن الدنيا .
مشاركة :