أعطت منظمة التجارة العالمية الحق بصورة نهائية للصين، التي تعارض الاتحاد الأوروبي منذ عام 2009 في نزاع طويل حول رسوم مكافحة إغراق تم فرضها على منتجات معينة من الحديد والصلب الصينية. وعلمت "الاقتصادية" من البعثة التجارية الصينية أن هيئة تسوية المنازعات، التي فحصت الشكوى الصينية من ناحية مدى تطابق تدابير بروكسل مع قواعد التجارة الدولية، وجدت أن التدابير التي مضى عليها سبع سنوات لا تزال غير متوافقة مع قواعد التجارة الدولية، حسب تعبير مسؤول صيني في البعثة التجارية. وهذا يعني أن جميع الممارسات التمييزية وتدابير مكافحة الإغراق التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد المنتجات والمصدرين الصينيين "لا أساس لها"، وأن تدابير مكافحة الإغراق التي فرضها الاتحاد الأوروبي في الحديد والصلب (مسامير، براغ … إلخ) "هي مخالفة لقواعد التجارة الدولية، وأنها أدينت" من قبل منظمة التجارة العالمية، حسب البعثة التجارية الصينية في جنيف. وهذا هو القرار النهائي لمنظمة التجارة العالمية في هذا النزاع الطويل بين بكين وبروكسل، وكانت المنظمة قد اتخذت بالفعل ثلاثة قرارات لمصلحة الصين حول هذه القضية ذاتها. وبالنتيجة، فهذه هي آخر خطوة في العملية القضائية في تسوية المنازعات التجارية لمنظمة التجارة العالمية. وإذا ما رغبت بكين، فيمكن للصين أن تطالب بسهولة الحصول على تعويض من الاتحاد الأوروبي لتعويضها عن الأضرار كافة التي لحقتها من جراء هذه الرسوم طول مدة فرضها، وفي هذه الحالة، ينبغي للصين أن تقدم طلبا محددا إلى منظمة التجارة العالمية، تحدد فيه بدقة مقدار خسارتها الناجمة عن التدابير الأوروبية. وعلى الرغم من أن الصين سبق أن ذكرت في مرافعاتها القضائية أمام المنظمة أنها عانت بسبب هذا النزاع خسائر اقتصادية قدرها نحو 918 مليون يورو، فضلا عن فقدان 100 ألف فرصة عمل، غير أن البعثة التجارية الصينية رفضت تماما الكشف عن خططها المقبلة حول قضية التعويض، ولم تحدد موعدا لإعلان أي شيء عن الموضوع. وقال لـ"الاقتصادية" يو جيانهاو كبير الوفد التجاري الصيني لدى منظمة التجارة، إنه في الوقت الذي ترحب فيه البعثة بقرار منظمة التجارة، فإنها تؤكد من جديد تصميم الحكومة الصينية على فرض قواعد التجارة الدولية حماية لمصالحها، وحث الاتحاد الأوروبي على سرعة الامتثال للقرار النهائي للمنظمة، وإلغاء تدابير مكافحة الإغراق غير المشروعة في أسرع وقت ممكن. وبدأت هذه القضية في عام 2009 بإيداع شكوى مقدمة من الصين ضد الاتحاد الأوروبي أمام منظمة التجارة العالمية. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2010، أعطت منظمة التجارة الحق للصين في حكمها الأولي، وفي تموز (يوليو) 2011 أعطت الحق ذاته في الدرجة الثانية من الحكم، أو ما يعرف بالحكم في الطعن الأولي، أي رفض الاستئناف الأوروبي. وفي عام 2013 أبلغت الصين منظمة التجارة أن الاتحاد الأوروبي لم يغير بما فيه الكفاية من سياسته حول الرسوم، وعادت من جديد إلى المعركة أمام منظمة التجارة، طالبة من المنظمة إنشاء هيئة تحكيمية (فريق مختصين) لاتخاذ قرار بشأن مطابقة التدابير الأوروبية مع حكم المنظمة الأولي. وأعطى هذا الفريق الحق للصين مرة أخرى في آب (أغسطس) 2015، واستأنف الاتحاد الأوروبي مرة أخرى الذي تم رفضه اليوم. وتتعلق القضية بقرار أوروبي في كانون الثاني (يناير) 2009 بفرض رسوم مكافحة الإغراق تراوح بين 26.5 في المائة و85 في المائة على عناصر معينة من مثبتات الحديد والصلب المستوردة من الصين. واعتبرت منظمة التجارة العالمية أن بروكسل كانت مخطئة في فرض رسوم مكافحة الإغراق على هذا النوع من منتجات الحديد والصلب كحزمة واحدة، وفي الصين بأسرها. ووفقا للحكم، فإنه كان ينبغي للاتحاد الأوروبي تطبيق تدابير مختلفة، وفرض رسوم مختلفة لمكافحة الإغراق على كل شركة من الشركات الصينية المعنية، حسب درجة إغراق كل شركة لمنتجها، وليس رسوما ثابتة لكل نوع من أنواع هذه المنتجات. ويعتقد مختصو منظمة التجارة العالمية أن هذا النزاع يمكن أن تكون له ثلاث مسائل: إما أن يضع الاتحاد الأوروبي حدا للرسوم، وإما أن تفتح بروكسل مفاوضات مع بكين في محاولة للتوصل إلى حل توفيقي، أو تجاهل الاتحاد الأوروبي حكم المنظمة، ما قد يدفع الصين إلى ممارسة حقها في الرد باتخاذ تدابير إضافية وذلك بفرض "رسوم عقابية" عالية على وارداتها من الاتحاد الأوروبي للتعويض عن خسائرها من الرسوم القديمة، والخسائر الناجمة عن الاستمرار في فرضها، وهو ما يعرف باسم " آلية تسوية المنازعات حسب الأحكام القضائية المتخذة"، حسب مصطلحات منظمة التجارة. من جانبها، رفضت البعثة التجارية الأوروبية تقديم أي تعليق حول الحكم، قائلة إنها لا تزال تدرسه.
مشاركة :