غادر الرئيس الإيراني حسن روحاني طهران، أمس، متجها إلى إيطاليا في أول زيارة رسمية له إلى أوروبا، التي تتمحور بشكل كبير حول الاقتصاد مع رغبة شركات عدة في الاستفادة من رفع العقوبات للعودة أو افتتاح مقار لها في إيران. ونقل التلفزيون الإيراني عن روحاني قوله في المطار إن هذه الرحلة «في غاية الأهمية، خصوصا أنها تأتي بعد تنفيذ الاتفاق النووي، وكذلك بعد إلغاء الحظر عن إيران مما يضاعف من أهميتها»، مشددا على «ضرورة استثمار أجواء ما بعد الاتفاق النووي للتنمية في البلاد وتوفير فرص العمل»، على ما أشارت وكالة الرسمية «إيرنا». وأضاف: «نحن نريد الاستفادة إلى أقصى الحدود من أجل تنمية البلاد وتوظيف الشباب، من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي وتسهيل الاستثمارات للشركات الإيطالية والفرنسية في إيران». وفي السباق نحو إبرام العقود، كانت شركة «إيرباص» السباقة، إذ أعلن وزير النقل الإيراني السبت الماضي شراء الجمهورية الإسلامية 114 طائرة، في صفقة سيوقعها روحاني غدا الأربعاء في باريس. وأوضح روحاني في المطار أنه «في مجال النقل، سيتم توقيع وثائق في فرنسا، نحن في حاجة إلى تحديث أسطولنا الجوي والتزود بعربات» للنقل عبر السكك الحديدية، مشيرا أيضا إلى أنه سيبحث «وثيقتين مهمتين، هما خريطة طرق التعاون المتوسط والبعيد الأمد مع إيطاليا وفرنسا، وكذلك وثيقة المؤسسات التي تمنح ضمانة للصادرات». وهذا أول إعلان عن صفقة تجارية مهمة منذ رفع العقوبات الدولية عن إيران، مع دخول الاتفاق النووي التاريخي حيز التنفيذ في 16 يناير (كانون الثاني). وسبق إرجاء هذه الزيارة لروحاني إلى أوروبا، التي تشمل فرنسا، حيث كانت مقررة بداية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتأجلت في اللحظة الأخيرة بعد اعتداءات باريس التي تبناها تنظيم «داعش». وبعد غداء جمعه بنظيره الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، التقى روحاني مساءً رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، ثم البابا فرنسيس. وكان الفاتيكان رحب بلهجة إيران الأكثر اعتدالا منذ انتخاب روحاني. ويفترض أن يبحث البابا مع الرئيس الإيراني الدور الذي يمكن أن تلعبه إيران في استقرار الشرق الأوسط، وتهدئة التوتر مع الرياض، وحمله إلى الضغط على معسكر الرئيس السوري بشار الأسد. وتعود آخر زيارة لرئيس إيراني إلى الفاتيكان إلى 1999، وقام بها الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي. ومن المرتقب أن يتحدث روحاني أيضًا في منتدى اقتصادي إيطالي - إيراني ينتظره صناعيو البلاد بترقب. ويسعى الأوروبيون للبدء في مبادرات تجارية لغزو السوق الإيرانية، لتعويض ما خسروه لصالح روسيا ودول ناشئة مثل الصين وتركيا. أما في مسألة إبرام العقود فيبدو الأوروبيون في الواقع أفضل حالا من الأميركيين، نظرا إلى إبقاء واشنطن التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع طهران منذ 35 عاما، على العقوبات النفطية ضد أي شركة يشتبه في تمويلها الإرهاب. وقبل أشهر عدة، أكدت وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية، فيديريكا غيدي، أن بلادها «كانت الشريك الاقتصادي والتجاري الأول لإيران قبل فرض العقوبات». وقبل بدء نفاذ العقوبات، ارتفع حجم التجارة بين إيطاليا وإيران إلى سبعة مليارات يورو. أما حاليا، فهو 1.6 مليار يورو، 1.2 مليار منها هي صادرات إيطالية. ويتعلق الجزء الأكبر من الصادرات الإيطالية إلى إيران حاليا بالميكانيك (58 في المائة)، تليه بفارق كبير المنتجات الكيميائية (8 في المائة). وكان نائب وزير التنمية الإيطالي كارلو كاليندا زار طهران في نهاية نوفمبر على رأس وفد ضم ممثلي 178 شركة، وعشرين هيئة للمقاولات، و12 مجموعة مصرفية. ومن بين الشركات الحاضرة، عملاق الطاقة «إينيل»، ومجموعة «إيني» النفطية، وشركة «بريزمان» لصناعة الكابلات. وقالت الوزارة الإيطالية لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذه البعثة رصدت أن «قطاعات البنية التحتية والطاقة هي التي تشكل الفرص الأهم لشركاتنا»، مشيرة إلى أن «بعثة جديدة لتنظيم مشاريع (كانت مرتقبة) في بداية فبراير (شباط)، مع إيلاء اهتمام خاص لهذين القطاعين». وكما من المفترض أن تتبعها بعثات أخرى. من جانبها، أعلنت شركة «إينيل» عن معاينة الفرص المحتملة لها في قطاع الطاقة المتجددة، خصوصا في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية، من خلال شركتها التابعة «إينيل غرين باور». أما مجموعة البناء الإيطالية «بيسينا كوستروزيوني»، فكانت قد أعلنت بدورها في 19 يناير أنها وقعت مذكرة تفاهم مع إيران لبناء خمسة مستشفيات، ثلاثة منها في طهران بسعة ألف سرير لكل مستشفى. وحتى الشركات الصغيرة تشارك في المنافسة، علما بأن السوق الإيرانية التي تشمل 79 مليون نسمة توفر بعد سنوات من العزلة فرصا كبيرة على مستوى تحديث البنية التحتية، واستكشاف النفط والغاز وأيضًا في مجالي السيارات والطيران.
مشاركة :