إيران تهدد أوروبا بالانسحاب من المعاهدة النووية (العربية.نت): على ضوء بعض التراجع على صعيدالاحتجاجاتالتي انطلقت في سبتمبر الماضي تحت شعار «امرأة، حياة، حرية» والتي لم تتوقف بالكامل، خاصة في محافظتي بلوشستان وكردستان، يرى المراقبون للشأن الإيراني أن موجة جديدة من الاحتجاجات المطلبية في الطريق، والتي سرعان ما تتحول هي الأخرى إلى سياسية بعيد انطلاقها. الوضع الاقتصادي المتأزم سيكون المحرك الرئيسي للاحتجاجات المتوقعة، وأبرز المؤشرات هو تراجع سعر العملة الإيرانية بشكل مطرد أمام العملات الأجنبية، وبحسب تقرير موقع «بُن بست» الذي ينشر أسعار العملات، فقد تجاوز كل دولار أمريكي الـ45 ألف تومان بضع ساعات، يوم أمس الأحد 22 يناير، وعاد إلى 44 ألف تومان مرة أخرى. يذكر أن سعر الدولار الأمريكي، كان قبيل انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي نحو 3 آلاف و600 تومان، ودفعت تقلبات أسعار العملات خلال الأشهر التي تلت الاحتجاجات الأخيرة بعض الخبراء الاقتصاديين إلى أن يتوقعوا حدوثا مبكرا لـ«جولة جديدة من الاحتجاجات الاقتصادية» في إيران. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن باحث إيراني بمعهد تابع للجامعة الأمريكية في بيروت، «علي فتح الله نجاد»، قوله: إن إيران عالقة في الظرف الراهن في مأزق، موضحا أن الحكوميين والمتظاهرين، غير قادرين على فرض أنفسهم على بعض، لكن مع الانخفاض الكبير في قيمة العملة الإيرانية، يمكننا أن نتوقع انطلاق مظاهرات منذ بداية العام الإيراني (21 مارس) تركز على الاقتصاد. وبحسب هذا المحلل، حتى لو بدأت الاحتجاجات لأسباب اقتصادية في إيران، «فإنها يمكن أن تصبح سياسية على الفور». من ناحية أخرى حذّرت إيران من الرد بالمثل على تصويت البرلمان الأوروبي لإدراج الحرس الثوري على القائمة السوداء للمنظمات «الإرهابية» والدعوة إلى فرض عقوبات عليه، وفق ما أكد وزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان. وكتب أمير عبداللهيان على تويتر إن مجلس الشورى الإيراني «يعتزم وضع أطراف من جيوش الدول الأوروبية على قائمة الإرهاب». وردا على سؤال من الصحفيين بشأن احتمال أن تنسحب إيران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية أو تقوم بطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من منشآتها النووية في حال صنّف الاتحاد الأوروبي الحرس الثوري منظمة «إرهابية»، أشار أمير عبداللهيان إلى أن كل الخيارات قد تكون مطروحة. رغم القمع الدامي.. المحتجون الإيرانيون يواصلون تحدي النظام باريس – (ا ف ب): رغم انحسار التظاهرات في ظلّ حملة القمع الدامية، ما زال المتظاهرون الإيرانيون يتحدّون النظام بعد أربعة أشهر من انطلاق حركة الاحتجاج، وفق ما يرى مراقبون. تراجع عدد التظاهرات اليومية في الشوارع على مستوى البلاد منذ نوفمبر، فيما تسعى السلطات إلى قمع الاحتجاجات بأساليب من بينها تسليط عقوبة الإعدام وتنفيذها حتى الآن في أربعة مدانين على خلفية أحداث مرتبطة بالتظاهر. لكنّ الغضب الذي أطلقته وفاة الشابة مهسا أميني في منتصف سبتمبر بعد توقيفها لمخالفتها قواعد لباس المرأة الصارمة في إيران، ولا يزال يشكل تهديدا محتملا للنظام الإيراني في ظل الأزمة الاقتصادية في البلد. واتخذت الاحتجاجات أشكالًا مختلفة، من بينها الإضرابات، والتظاهرات المستمرة في بعض المناطق، كما ظهرت بوادر انقسام داخل صفوف النظام. يرى الخبير في الشؤون الإيرانية علي فتح الله نجاد أنه «مع تراجع عدد التظاهرات منذ منتصف نوفمبر 2022، يبدو أن حالة جمود بدأت، إذ عجز كلّ من النظام والمحتجين على فرض إرادته». ويضيف الباحث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية بالجامعة الأمريكية في بيروت «رغم الانخفاض النسبي في عدد الاحتجاجات منذ ذلك الحين، تجدر الإشارة إلى أن المسارات الثورية عادة ما تنطوي على مراحل متعاقبة من الهدوء النسبي والزّخم». ويتابع في تصريح لوكالة فرانس برس «الآن، مع التراجع الكبير في قيمة الريال الإيراني منذ مطلع العام، يمكن توقع احتجاجات مدفوعة بالوضع الاقتصادي قد تتحول بسرعة إلى تظاهرات سياسية كما حصل سابقا». من جهته، يورد موقع «انقلاب.انفو» الذي يتابع حجم النشاط الاحتجاجي، إنه في حين تراجع عدد الاحتجاجات في الشوارع، زاد عدد الإضرابات وغيرها من الأنشطة المعارضة مثل كتابة الشعارات وإتلاف لافتات حكومية. ويؤكد القائمون على الموقع في بيان لوكالة فرانس برس أن «الانتفاضة في أنحاء البلاد ما زالت حيّة رغم تغيّر الطريقة التي يعبّر من خلالها الناس عن معارضتهم بسبب حملة القمع الدامية التي شنّتها السلطات في الخريف». ووفق منظمة «حقوق الإنسان في إيران» غير الحكومية ومقرها النرويج، قُتل 481 شخصًا على الأقل في حملة القمع، ويواجه ما لا يقل عن 109 أشخاص عقوبة الإعدام في قضايا تتعلق بالاحتجاجات، إضافة إلى الأربعة الذين أعدموا حتى الآن. وتضيف المؤسِّسة المشاركة لمركز عبد الرحمن بوروماند الحقوقي ومقره الولايات المتحدة، «لقد انحسرت بالتأكيد... نشهد أيضًا حالات قتل خارج نطاق القضاء، وبطبيعة الحال يتوخى المواطنون المزيد من الحذر». لكنها تؤكد أن الأنشطة الاحتجاجية مستمرة، ومن بينها التظاهرات المنتظمة في شوارع منطقة سيستان بلوشستان الشاسعة والفقيرة في جنوب شرق البلاد، وإضرابات عمال النفط والاحتجاجات أثناء جنازات متظاهرين وأربعينياتهم. أحد الأمثلة البارزة على تواصل التحركات كان الاحتجاج هذا الشهر خارج جدران سجن رجائي شهر في كرج قرب طهران، بعدما سرت إشاعات عن قرب تنفيذ حكم الإعدام شنقا في السجينين محمد غباديو ومحمد بوروغاني على خلفية الاحتجاجات. لكن ما زال كلاهما على قيد الحياة. وتابعت بوروماند «هذه الاحتجاجات، سواء تراجعت أم لا على المدى القصير، لم تنته». وهي ترى أن الاحتجاجات «غيّرت السرديّة التي فرضتها الجمهورية الإسلامية على مدى عدة عقود فيما يتعلق بمن هم الإيرانيون وماذا يريدون». في مواجهة التظاهرات، لم تظهر مؤشرات تذكر إلى استعداد السلطة بقيادة المرشد الإيراني علي خامنئي لتقديم تنازلات ذات مغزى، بل إنّها قد تعمد إلى تشديد القمع أكثر. وفي خطوة لقيت تعليقات على نطاق واسع هذا الشهر، عيّن خامنئي قائد شرطة طهران السابق أحمد رضا رادان قائدا لقوة الشرطة الوطنية. ورادان متشدد يعرف عنه أنه لعب دورًا رئيسيًا في قمع التظاهرات اثر انتخابات عام 2009 المتنازع على نتيجتها. في غضون ذلك، فاقمت حملة قمع الاحتجاجات عزلة إيران، مع تعثّر المحادثات مع الغربيين بشأن إحياء اتفاق 2015 حول برنامجها النووي. كما أن إيران مستاءة من إنشاء الأمم المتحدة، بطلب من الدول الغربية، مهمّة للتحقيق في حملة القمع. ويرى محللون بوادر انقسامات ناشئة داخل السلطة حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات، في وقت لم تستخدم السلطات بعد ترسانتها القمعية الكاملة رغم إراقة الكثير من الدماء. وفي تطور غير عادي في هذا السياق، أعدمت إيران هذا الشهر نائب وزير الدفاع السابق علي رضا أكبري الذي حصل على الجنسية البريطانية بعد ترك منصبه، لإدانته بتهمة التجسس لصالح لندن. ويرى الباحث في مركز كارنيجي أوروبا كورنيليوس أديبهر أن «الحكم غير المتوقع» قد يشير إلى «صراع قوى» داخل صفوف السلطة حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات. وكان أكبري يعتبر مقربا من أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني وشخصيات أخرى دافعت عن اتخاذ خطوات إصلاحية لمعالجة مطالب المحتجين. ويعتبر فتح الله نجاد أنه «رغم غياب تصدّعات واضحة في السلطة بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات، إلاّ أنّ هناك مؤشرات إلى حدوث انقسامات»، واصفًا الإعدام بأنه «علامة أخرى على انعدام الثّقة داخل صفوف النظام». ثلاثون سجينة سياسية في إيران يطالبن بوقف إعدام المتظاهرين باريس - (أ ف ب): وقعت 30 سجينة سياسية في إيران بينهن الباحثة الفرنسية الإيرانية فريبا عادلخاه وابنة الرئيس الاسبق هاشمي رفسنجاني، مذكرة نشرت أمس تطالب بوقف إعدام المتظاهرين. جاء في النص الذي تلقت فرانس برس نسخة منه «نحن السجينات السياسيات في جناح النساء بسجن إيفين، نطالب بوقف إعدام المتظاهرين وإنهاء الأحكام الجائرة بحق السجناء في إيران». وأضاف النص «مهما كانت معتقداتنا الدينية والسياسية وأصولنا، حكم علينا جميعا بالسجن مدة 124 عاما بعد محاكمات غير عادلة وغير شفافة. وهو ما يعادل عدة أجيال من الحياة البشرية». ومن الموقعين على المذكرة الباحثة الفرنسية الإيرانية فريبا عادلخاه التي اعتقلت في يونيو 2019 ثم حُكم عليها بالسجن خمس سنوات بتهمة المساس بالأمن القومي، والمدافعة الألمانية الإيرانية عن حقوق المرأة ناهد تقوي التي حُكم عليها بالسجن عشر سنوات في عام 2021 لأسباب مماثلة. ووقع على النص ايضا فايزة هاشمي النائبة السابقة وابنة الرئيس الإيراني الاسبق هاشمي رفسنجاني، والتي حُكم عليها في يناير 2022 بالسجن 5 سنوات لانتقاد النظام، ونيلوفر بياني الناشطة البيئية التي حكم عليها عام 2020 بالسجن عشر سنوات بتهمة «التجسس».
مشاركة :