الاجتماعات مستمرة في دافوس السويسرية، وبرودة الطقس لم تهدأ من حرارة الاجتماعات الصاخبة التي تحدث في غرف الاجتماعات المغلقة وأروقة المنتدى العريق.. فما الذي يطغى اليوم على المشهد في «دافوس 2023»؟ التضخم وارتفاع الأسعار عالمياً من أهم الملفات التي أشعلت نقاشات حول ما تقوم به البنوك المركزية العالمية من رفع لأسعار الفائدة والضرر الذي لحق بمعدلات النمو الاقتصادي، ومعدلات الدين المرتفعة عالمياً والدعوة إلى مساعدة البلدان النامية في المديونية. من جانب آخر حظيت التوترات الجيوسياسية وحرب فرض العضلات والنفوذ في العالم على اهتمام الاطراف المشاركة في المنتدى في ظل وجود أقطاب متناحرة تؤخر خروج العالم من الأزمة الحالية لا وبل تضعه رهن التطورات. ارتفاع معدلات الفقر في العالم وتراجع دور المرأة والمساواة الاجتماعية كان لها حضور بارز على قائمة الأجندة، فكل ما حققه العالم من تقدم على هذه الأصعدة فقده في ظل الأزمات المتلاحقة والظروف المعيشية الصعبة. نقاط الاختلاف كثيرة لكن هناك نقاط توافق اجمع عليها المشاركون رغم الاختلاف حول التكلفة والسرعة وآلية التنفيذ أبرزها، ضرورة استمرار مساعدة أوكرانيا في حربها مع روسيا، وجهود مكافحة التغيير المناخي، فهل ينجح الحوار الدائر هناك بتوصيات عملية وخطط واضحة؟ البحرين، شاركت أيضاً في المنتدى - الذي يجتمع فيه نخبة من رجال السياسة والأعمال من مختلف دول العالم للتباحث حول قضايا سياسية واقتصادية - بوفد رفيع المستوى تحت عنوان «التعاون في عالم منقسم». وتهدف مشاركة وفد المملكة برئاسة نور بنت علي الخليف وزيرة التنمية المستدامة إلى إبراز الفرص الاستثمارية في المملكة أمام صنّاع القرار في قطاعات الأعمال من مختلف أنحاء العالم، بهدف استقطاب الاستثمارات إلى المملكة للمساهمة في خلق الوظائف الواعدة وترسيخ أفضلية المواطن الخيار الأول في سوق العمل، بما يتماشى مع أهداف خطة التعافي الاقتصادي. البحرين التي تحاول أن تصبح مركزاً مالياً في المنطقة وأن تكون مركزاً مستقطباً للمبادرات الشبابية وأن تكون السباقة في المبادرات المتعلقة بالاستدامة، وحول نوعية هذه المبادرات، صرحت وزيرة التنمية المستدامة نور الخليف بأن خطة التعافي الاقتصادي التي تم إطلاقها نهاية عام 2021 والتي تضم 27 برنامجا تحت 5 مرتكزات. وأضافت: البحرين ملتزمة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة في العديد من القطاعات، وتحسين بيئة الأعمال الموجودة لاستقطاب الاستثمارات الخارجية. ولفتت إلى حرص وفد المملكة المشارك في «دافوس» على عرض الفرص الاستثمارية المختلفة الموجودة في مملكة البحرين. وأشارت الخليف إلى أن مملكة البحرين قدمت تقريرها الطوعي الأول في 2018. وقالت، حالياً نعمل على التقرير الطوعي الثاني والذي سيتم إصداره في عام 2023 ويتم الإعداد لهذا التقرير بالتعاون مع منظمة الامم المتحدة والذي يتضمن جهود مملكة البحرين التي حققتها على مستوى الأجندة الوطنية والدولية في سعيها لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 وأهداف التنمية الحضرية، موضحة أن المملكة وقعت اتفاقية استراتيجية مع مكتب الأمم المتحدة لتعزيز التعاون المستمر وسيركز التقرير الطوعي الثاني على الفترة التي مضت بين 2018 إلى 2023، وخاصة بعد اعتماد برنامج عمل الحكومة التي تمت الموافقة عليها مؤخراً. وحول أصداء «دافوس» حول أول وزارة مختصة بالتنمية المستدامة في الشرق الأوسط، وتم تشكيلها في يونيو 2022 في البحرين، أكدت الخليف أن الأصداء كانت إيجابية وخاصة أنها الأولى من نوعها في المنطقة، مشيرة أن هدف الوزارة هي التنسيق مع بقية الوزارات في البحرين وزيادة الوعي ومساعدتهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتمكنت المملكة من إحراز تقدم ملحوظ في تنفيذ الخطة الحضرية الجديدة (NUA) تمثلت في المشاريع التنموية والتطويرية الكبرى التي تحققت في جميع المجالات، إذ كانت المملكة سباقة في إدراجها في خطط وبرامج الحكومة من خلال رؤية وإستراتيجية وطنية واضحة ومتكاملة استندت على توجيهات ودعم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، والجهود الحثيثة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء. ويلتقي قادة العالم وممثلي الحكومات والنخب الاقتصادية في مؤتمر دافوس، في واحدة من أهم وأصعب اللقاءات، وسط أزمة مزدوجة ضربت الاقتصاد العالمي بدأت بجائحة كورونا في 2020، إذ مازال العالم مستمر بالتعامل مع تبعاتها حتى اليوم، ومن ثم حرب أوكرانيا وروسيا في 2022، والتي لا تزال تضيق الخناق على إمكانية تعافي الاقتصاد العالمي وعودته لما كان عليه قبل كورونا. ومن أبرز النشاطات في دافوس ستجري كما في كل سنة في الكواليس، إذ يغتنم رؤساء الشركات والمستثمرون والسياسيون وجودهم في المكان ذاته لإجراء مشاورات على هامش المؤتمر الرسمي.
مشاركة :