البيطار يستأنف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت بعد أشهر من التجميد

  • 1/23/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - استأنف طارق البيطار قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في أغسطس/آب 2020 اليوم الاثنين عمله بعد تجميد التحقيق لأكثر من عام بسبب دعاوى قضائية رفعها سياسيون كبار من بينهم وزراء سابقون مقربون من حزب الله اتهموه بتسييس الملف وطالبوا بتنحيه. وكان قد طالب باستجوابهم في القضية التي أثارت انقسامات عميقة رغم أنها تتعلق بكارثة أودت بحياة ما لا يقل عن 215 شخصا، بينما تأتي هذه التطورات الجديدة بعد حوالي أسبوع على لقاء البيطار وفدا قضائيا فرنسيا أدى زيارة إلى بيروت للاستفسار عن معلومات طلبها القضاء الفرنسي بشأن سقوط ضحايا فرنسيين في الانفجار وإصابة آخرين. ورفض القاضي اللبناني إطلاع الوفد الفرنسي على مضمون التحقيق أو تزويده بأي وثائق مبررا ذلك بأن يده مرفوعة عن الملف بسبب القضايا المرفوعة ضده وكانت النيابة العمومية في باريس قد كلفت أحد القضاة بفتح تحقيق قضائي في الانفجار بتهمتي "القتل غير المتعمد" و"التسبب في إصابات بشكل غير متعمد". وأمر البيطار اليوم بإطلاق سراح خمسة محتجزين من بينهم عمال ومتعاقدون كانوا يعملون في المرفأ قبل انفجاره ووجه الاتهامات إلى 8 مسؤولين لبنانيين من بينهم مسؤولان أمنيان كبيران، هما: المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، والمدير العام لأمن الدولة طوني صليبا، بحسب ما أفاد مسؤول قضائي وكالة "فرانس برس". وأجرى قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروات مؤخرا دراسة قانونية توصل على إثرها إلى اتخاذ قرار يقضي باستئناف التحقيقات رغم الدعاوى المرفوعة ضده. وذكرت صحيفة "النهار" اللبنانية أن هذا القرار يأتي استنادا إلى اجتهاد صادر عن رئيس المجلس العدلي الأسبق القاضي الراحل فيليب خيرالله اعتبر بموجبه أن عضو المجلس العدلي لا يجري رده أو الادعاء عليه من محكمة أدنى، إضافة إلى أن البيطار له صلاحية استدعاء مسؤولين أمنيين كمدعى عليهم وكذلك التحقيق مع قضاة.  وكان البيطار قد ادعى في التحقيق الذي يجريه قبل أكثر من عام على رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزراء سابقين بينهم وزيرا الأشغال يوسف فنيانوس وغازي زعيتر ووزير المال السابق علي حسن خليل، كما طلب الاستماع إلى كل من إبراهيم وصليبا لكنه جوبه بتدخلات سياسية عرقلت إتمام عمله، ما أدى إلى تأجيج غضب أهالي الضحايا الذين اتهموا السلطات بمحاولة طمس الحقيقة. كما أصدر مذكرة توقيف في حق وزير المالية السابق علي حسن خليل النائب عن حركة أمل (الشيعية)، وأحد المقربين من رئيس الحركة رئيس مجلس النواب نبيه بري لكنه اصطدم بعدم تنفيذها في سابقة اعتبرت تمردا على قرارات السلطة القضائية. وكان أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت قد نفذوا الأسبوع الماضي اعتصاما أمام قصر العدل في بيروت احتجاجا على محاولات تعيين قاض رديف في تحقيقات القضية. وتجمع الأهالي حاملين صور أبنائهم وذلك بالتزامن مع اجتماع أعضاء مجلس القضاء الأعلى للبحث في مقتضيات سير التحقيق العدلي في القضية، مؤكدين رفضهم تعيين قاض آخر وطمس التحقيق، مطالبين بالعدالة وإطلاق مسار التحقيق الذي يتولاه القاضي البيطار وأعلنوا أن "أي قرار سيتخذه مجلس القضاء الأعلى لغير صالح أهالي ضحايا انفجار المرفأ سيواجهونه بردود فعل غاضبة".   بيروت - في خطوة قد تشكل رضوخا لرغبة حزب الله الشديدة في استبدال قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار واستبعاده أو تشتيت التحقيقات، قالت مصادر لبنانية إن السلطة القضائية تفكر في تعيين قاض ثان لمباشرة هذا الملف شديد التعقيد والحساسية والذي تعثر بسبب التدخلات السياسية في بلد استشرت فيه ظاهرة الإفلات من العقاب والمحاباة لاعتبارات النفوذ والمصالح. وتسلط هذه التطورات الضوء على الانقسامات العميقة بشأن الجهود المبذولة لمحاسبة المسؤولين على مأساة أودت بحياة أكثر من 220 شخصا. وتحقيق القاضي طارق البيطار في انفجار عام 2020، الذي سوّى أجزاء من المدينة بالأرض عندما انفجرت مئات الأطنان من نترات الأمونيوم المخزنة في المرفأ، لا يزال عالقا منذ أواخر عام 2021 بسبب دعاوى رفعها سياسيون كبار سعى إلى استجوابهم، بينهم وزراء سابقون مقربون من حزب الله الموالي لإيران. ولم تخف الجماعة الشيعية رغبتها في استبعاد البيطار بل وضغطت عبر تهديدات غير مباشرة واتهامه بالتسييس. كما امتنع ثلاثة وزراء سابقون تحوم حولهم شبهة الاهمال والمسؤولية عن الانفجار عن المثول أمامه ولجؤوا إلى رفع دعاوى قضائية للتشكيك في أهليته وبالتالي تجميد التحقيق في أكثر من مرة. وأدى ذلك إلى عدم قدرته على استدعاء المشتبه بهم أو توجيه اتهامات إليهم، كما أن الأفراد الذين احتُجزوا بعد الانفجار ثم برئت ساحتهم ما زالوا قيد الاحتجاز. وطلب وزير العدل هنري خوري في الرسالة المؤرخة يوم الاثنين من مجلس القضاء الأعلى في البلاد مناقشة تكليف محقق قضائي "لمباشرة الأمور العاجلة والضرورية في قضية انفجار مرفأ بيروت". وبحسب نسخة من الرسالة سيبقى القاضي الثانوي في منصبه "طالما أن المحقق الأصلي لا يمكنه تنفيذ مهامه بما في ذلك طلبات الإفراج"، مشيرة إلى تدهور صحة بعض المحتجزين باعتباره الدافع وراء تقديم الطلب. وقال مصدر قضائي رفيع إن مجلس القضاء وافق وإن خوري سيقترح الآن مرشحا واحدا أو أكثر، مضيفا أن القاضي الجديد لن يكون مفوضا بتوجيه اتهامات. وقال مصدر قضائي ثان إن البيطار فوجئ بالخطوة التي اعتبرها "غير قانونية" وإنه لن يتنحى عن دوره ويحرص على العودة للتحقيق بشكل كامل. وغالبا ما يخضع القضاة لتأثير النخبة الحاكمة في لبنان حيث أدى تقسيم السلطة على أسس طائفية إلى إغراق البلاد في أسوأ أزمة سياسية واقتصادية منذ عقود. واحتج بعض من أقارب ضحايا الانفجار على الخطة أمام وزارة العدل اليوم الأربعاء واتهموا السياسيين بالتلاعب بالتحقيق عبر إبقائه معلقا وإطلاق سراح بعض المحتجزين. وقالت ميراي خوري التي قُتل ابنها إلياس في الانفجار "يا عيب الشوم على كل حدا بموقع مسؤولية... على كل مسؤول كل قاضي بيجرب يلعب هيدي اللعبة"، مضيفة "نحن موقوفين ومسجونين للأبد... أنا حبسي كثير أكبر من الموقوفين.. الموقوفين راح يظهروا يشوفوا أولادهم...أنا شو؟ أنا حبسى، حزنى. أنا محبوسة للأبد بهذه الحياة لأن ما عندي الخيار، أنا ميتة عايشة". وشجبت مجموعة من المشرعين المستقلين الخطوة مشيرة إلى "انتهاكات جسيمة" للعملية القضائية وقالت إن الهدف منها توجيه "ضربة قاضية" لدور البيطار، وفقا لما جاء في بيان. ودعا أمس الثلاثاء نائبان في البرلمان من التيار الوطني الحر وهو حزب مسيحي بارز أسسه الرئيس ميشال عون، علانية إلى الإفراج عن المعتقلين الذين لم يعودوا يعتبرون أطرافا في الانفجار.

مشاركة :