عمان - تعرض فيلم 'الحارة' الأردني الذي يتم بثه منذ مطلع يناير/كانون الثاني على منصة نتفليكس للبث التدفقي لهجوم شديد من قبل بعض نواب البرلمان وعدد كبير من الأردنيين وذلك بسبب ما وصفوه بأنه تصوير فاحش للمجتمع واستخدام بذيء للغة. وتدور أحداث الفيلم المرشح لجائزة الأوسكار في حارة جبل النظيف الواقعة في شرق عمان والتي تحمل بين ثناياها قصصا كثيرة تشابكت أحداثها مراوحة بين الإثارة والكوميديا السوداء، فهي حارة تحكمها النميمة والعنف في شرق عمّان، حيث يقوم شاب مخادع بالمستحيل ليكون مع حبيبته، لكن والدتها تقف عائقا أمام اكتمال قصتهما. وأثار العمل جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي بين مواطنين مستائين من تصويره للمجتمع الأردني وآخرين يدافعون عن حرية التعبير. ويقول النائب محمد أبوصعيليك "حرية التعبير موصونة بالدستور، لكن يجب الحد من حريتك حين تصل إلى الاعتداء على الآخرين"، مضيفا "هذا اعتداء صارخ على حرية الآخرين وقيمهم ودينهم ومعتقداتهم، ينبغي أن يحاسب صاحب الفيلم وكل مموليه". وتابع "لو كنت من سكان الحي لرفعت دعوى قضائية بكافة محاكم الأردن ضد كل من مول وأنفق على هذا الفيلم الذي عمد إلى تصويره بطريقة تظهره بهذه الكآبة والشكل البائس وهو ما يجانب الواقع"، مؤكدا "وُلدنا بهذه الأحياء وعشنا فيها و90 في المئة مما تما تصويره لا يمثلنا ولا يمثل شعبنا ولا أحياءنا". وأشار إلى أنه لا ينكر أن الفيلم فيه شيء من هذا الواقع، لكن الفن بوصفه شكل من أشكال التطهير من واجبه أن يقدم صورة إيجابية عن المجتمع، وإن افترضنا أن هذه الألفاظ موجودة في الواقع فليس على الفن إبرازها والمساهمة في نشرها بقدر ما هو مطلوب منه إخفاءها والتكريس بدلا من ذلك لرسم صورة إيجابية وتعميمها". وغرد كاتب أردني عبر صفحته على تويتر "فيلم من دون رسالة أردنية، كما أنه فنيا دون المستوى". لكن رغم موجة الاستياء هذه، فإن الكثير من النشطاء على المواقع الاجتماعية دافعوا عن الفيلم وقالوا إنه يكشف بعض جوانب المجتمع وطالبوا بحماية حرية التعبير. ولفت فلاح محمود وهو من سكان حي جبل النظيف في شرق عمان حيث تم تصوير الفيلم إلى أن "هذا طبعنا في الحي وواقعنا". وذكر أحمد عيشة وهو ساكن آخر من سكان الحي أن هذا "الواقع يمثل كل الأحياء المهمشة بالأردن إن كان بالقرى أو بالبادية أو بالعاصمة تقريبا"، فيما اعتبر آخرون مثل الصحفية والناقدة الأردنية إسراء الردايدة النقاش العام الجاري أمرا طبيعيا. وقالت "القائمون على الفيلم وضعوا في مقدمته تنبيها للمشاهدين على أن ما يتم تناوله مهما قرب للواقع فهو لا يعد أن يكون من صنع خيال كاتبه، مشيرين إلى أنه ليس كل ما يتم بثه بالضرورة حقيقي". وأضافت "أي عمل يتيح مساحة جدلية، فالاختلاف في الرأي أمر طبيعي لأن الفيلم الذي لا يدفع بمشاهده للتفكير سواء بشكل إيجابي أو سلبي ويثير فيه الرغبة في النقاش والتحدث حوله، فإنه لم ينجح في ملامسته وبالتالي لم يحقق غايته". وحظي فيلم 'الحارة' الذي شارك في بطولته النجم منذر رياحنة والفنانة نادرة عمران والفنان العائد بعد طول غياب جودت صالح وآخرون، بإشادات واسعة ضمن جولة عروضه شارك خلالها في العشرات من المهرجانات الدولية من أبرزها مهرجان لندن السينمائي ومهرجان روتردام السينمائي الدولي. وشارك في بطولته عماد عزمي وبركة رحماني وميساء عبدالهادي ونديم ريماوي وهو من إخراج باسل غندور الذي شارك في تأليفه أيضا يوسف عبدالنبي ورولا ناصر وشاهيناز العقاد كمنتج مشارك ومن إنتاج بيت الشوارب. وحاز الفيلم على العديد من الجوائز مثل جائزة الجمهور في مهرجان مالمو للسينما العربية مع تنويه خاص من لجنة التحكيم. كما فاز بجائزة لجنة التحكيم لبرنامج صناعة الأفلام 'إيسترن بومسيز' ضمن فعاليات مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي بالتشيك وحصل على جائزتين من ملتقى القاهرة السينمائي للأفلام الروائية في مرحلة ما بعد الإنتاج ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وتلقى دعما من صندوق الأردن لدعم الأفلام التابع للهيئة الملكية الأردنية للأفلام ومؤسسة الدوحة للأفلام (قطر) ومعمل مهرجان البحر الأحمر السينمائي لتطوير الأفلام (السعودية).
مشاركة :