استنساخ تجربة البنوك توقف مغامرة منصات تشفير العملات الرقمية

  • 1/25/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يتفق خبراء على أن انطفاء جذوة العملات الرقمية رغم ارتفاع قيمة هذه السوق المثيرة للجدل مؤخرا، ينطوي على اتباع منصات التشفير لسياسات لطالما كانت تقليدا لدى البنوك، لكنها تفتقد أساسا للضمانات أو للتأمين لتحمي المتعاملين من الأخطار. نيويورك - حاول عدد من شركات العملات المشفرة العمل على مدى السنوات القليلة الماضية كمكافئ للبنوك التقليدية، واعدة بعائدات مربحة للمودعين الذين قاموا بإيداع عملات بيتكوين الخاصة بهم أو الأصول الرقمية الأخرى. وخلال فترة تقل عن عام واحد، فشلت جميع أكبر هذه الشركات تقريبا بشكل مذهل. ولعل منصة أف.تي.إكس كانت من أبرز اللاعبين الذين زلزلوا سوق العملات المشفرة. والأسبوع الماضي قدمت منصة جينيسيس طلبا لإشهار إفلاسها طبقا للإجراءات المعمول بها في السوق الأميركية، ولتنضم بذلك إلى فوايجر ديجيتال وسيلسيوس وبلوك أف.آي في قائمة الشركات، التي تقدمت بطلب للحماية من الإفلاس أو توقفت عن العمل. ونمت هذه المجموعة الفرعية من صناعة التكنولوجيا المالية بعدما كان المتحمسون للعملات المشفرة يتطلعون إلى بناء عالمهم الموازي في التمويل غير المرتبط بالعملات المصرفية التقليدية والعملات الصادرة عن الحكومة. ولكن بسبب الافتقار إلى الضمانات ودون دعم حكومي، فشلت المنصات أو البورصات للعملات الافتراضية بطريقة تشبه الدومينو، ما بدأ بانهيار شركة تشفير واحدة في مايو الماضي امتد إلى شركة إقراض عملات رقمية ثم الشركة التالية وهكذا. ◙ الافتقار إلى الضمانات كان أكبر عيب في إقراض العملات الرقمية، إذ لا يوجد تأمين على الودائع في حال انهارت بورصة التشفير وعلاوة على ذلك، بدأ المنظمون الحكوميون وخاصة بالولايات المتحدة في تضييق الخناق على قدرة شركات الإقراض المشفر على الإعلان عن خدماتهم، قائلين إن "منتجاتهم كان ينبغي أن تخضع للتنظيم من قبل منظمي الأوراق المالية". ويذكّر هذا الأمر بالأزمة المالية لعام 2008، ولكن على نطاق أصغر بكثير مما يحدث اليوم. ويقول خبراء إنه لا داعي للقلق من أن انهيار هذه الشركات المشفرة سيؤثر على الاقتصاد الأوسع. وكانت شركات الإقراض بالعملات المشفرة مثل فوايجر وسيلسيوس وبلوك أف.آي تحاول القيام بما تفعله الصناعة المصرفية على مدار عقود في التمويل التقليدي. وتتم العملية عبر الحصول على الودائع المشفرة، ومنح المودعين أرباحا على عملاتهم الرقمية المخزنة، ثم تقديم قروض لكسب ربح. ويعد الافتقار إلى الضمانات أكبر عيب في إقراض العملات المشفرة، حيث لا يوجد تأمين على الودائع، أو حماية حكومية مؤقتة، أو حتى كيان يديره القطاع الخاص لحماية المودعين. ويؤكد المختصون في الصناعة أن هذا الوضع ظل جيدا عندما كانت أسعار العملات المشفرة ترتفع لأن القطاع المصرفي تقبلها في مقابل القروض التي تزداد قيمتها. ◙ القيمة الإجمالية للعملات المشفرة العالمية ارتفعت بنسبة خمسة في المئة لتصل إلى 871 مليار دولار منذ بداية هذا العام ◙ القيمة الإجمالية للعملات المشفرة العالمية ارتفعت بنسبة خمسة في المئة لتصل إلى 871 مليار دولار منذ بداية هذا العام وكان الطلب على الودائع المشفرة مرتفعا للغاية بعدما أبدت الشركات استعدادها لدفع عائد بنسبة 10 في المئة أكثر على ممتلكات المودعين من العملات المشفرة. ولكن بعد ذلك بدأت أسعار العملات المشفرة في الانخفاض واستمرت في التراجع بشكل مفزع. وعلى سبيل المثال، تراجعت عملة بيتكوين من أكثر من 65 ألف دولار في نوفمبر 2021 إلى أقل من 17 ألف دولار في نوفمبر الماضي. ونتيجة لذلك، أصبحت قيمة الكثير من الضمانات الأساسية، التي كانت تحتفظ بها الشركات أقل من القروض، التي أصدرتها، مما أدى فعليا إلى إفلاس العديد من "البنوك المشفرة". وكانت أول شركتين لإقراض العملات المشفرة تنهار هما فوايجر وسيلسيوس، والتي اضطرت للتصفية، والتوقف عن العمل في يونيو الماضي. وتعرضت الشركتان لهبوط أسعار العملات المشفرة كما قدمت قروضا محفوفة بالمخاطر لصناديق التحوط المشفرة مثل ثري أرواوس كابيتال لم تتمكن من تغطيتها في ما بعد. ولجأت بلوك أف.آي، وهي جهة إقراض أخرى للعملات المشفرة، إلى أف.تي.إكس العملاقة للتشفير آنذاك، والتي أسسها سام بانكمان فريد حيث أعطى شريان حياة ماليا. وأكسبت تلك العملية بانكمان فريد الثقة واستحسان الكثير من الشركات باعتباره المنقذ أو داعما رئيسيا لصناعة تشفير العملات. غير أن إفلاس أف.تي.إكس في نوفمبر الماضي بسبب الإقراض عالي المخاطر لصندوق التحوط التابع لها، ألاميدا ريسيرش تسبب في تلاشي شريان الحياة المالي لشركة بلوك أف.آي حيث أصبح إعلان إفلاسها أمرا لا مفر منه. وفي عرض آخر لكيفية تشابك مقرضي العملات المشفرة، قدمت جينيسيس قروضا بالمليارات من الدولارات إلى ألاميدا، لكنها اليوم باتت "خارج التغطية". وواجهت العديد من شركات التكنولوجيا الفائقة، المثقلة بالقروض المعدومة، ظاهرة قديمة جدا، حيث أراد المودعون استرداد أموالهم، وبدأت حينها تحاول إدارة الوضع مثل البنوك التقليدية. ◙ الطلب على الودائع المشفرة كان مرتفعا للغاية بعدما أبدت الشركات استعدادها لدفع عائد بنسبة 10 في المئة أكثر على ممتلكات المودعين وينتظر عشرات الآلاف من المودعين في شركات الإقراض المشفرة هذه الآن لمعرفة ما إذا كان من الممكن استرداد أصولهم أو العثور عليها في محكمة الإفلاس، الأمر الذي قد يستغرق شهورا أو حتى سنوات. وفي جينيسيس، مثلا تم الآن إغلاق أكثر من 900 مليون دولار من أموال المودعين في حالة إفلاس. وليس من الواضح ما إذا كان إقراض العملات المشفرة سيشهد عائدا في أي وقت قريبا. وبعد فشل أف.تي.إكس، أعلنت شركة بينانس العملاقة لتبادل العملات الرقمية أنها ستبدأ صندوقها الخاص لتوفير تمويل إنقاذ لشركة تشفير تواجه مشكلة. ويقول خبراء إنها فكرة تعود أصولها إلى الخدمات المصرفية المركزية التي ترعاها الحكومة أو تأمين الودائع. وعلاوة على ذلك، يبدو أن صناعة العملات المشفرة تتجه نحو فكرة وجود نوع من التنظيم، والذي من شأنه أن يوفر الحد الأدنى من الضمانات للمودعين أو المستثمرين غير الموجودين في الوقت الحالي. وارتفعت القيمة الإجمالية للعملات المشفرة العالمية بنسبة خمسة في المئة لتصل إلى 871 مليار دولار منذ بداية هذا العام. ومع ذلك لا تزال منخفضة بنسبة 57 في المئة عن هذا الوقت من العام الماضي.

مشاركة :