بدأت جامعتان بريطانيتان منذ فترة في الإعداد لاختبار أنظمة شحن لاسلكية مثبتة تحت الطرق، يمكنها إعادة شحن البطارية أثناء القيادة. وأنفقت بريطانيا بالفعل 300 ألف دولار في أبحاث حول الجدوى الاقتصادية لهذه الأنظمة، وحددت 18 شهراً فترة اختبار للمركبات الكهربية على الطرق الجديدة، وإذا نجح المشروع، فسوف تضع البلاد نحو 500 مليون استرليني لتطوير المشروع. وثبتت فعالية تقنية الشحن اللاسلكي في الهواتف الذكية وفي الحافلات. باتت السيارات الكهربائية حقيقة لا يمكن تجاهلها في ظل سعي حثيث لعديد من شركات السيارات العالمية لاقتحام هذا المجال، بعد أن أصبحت مصادر الطاقة غير المتجددة المتاحة، مثل البترول، مشكلة تواجه العالم بأسره، بسبب نقص الموارد، ونسبة التلوث المرتفعة التي تضر بالبيئة. وتعتمد فكرة عمل السيارة الكهربائية على استبدال محرك كهربي بالمحرك الأصلي مع الإبقاء على المكونات الأخرى، ونظام تحكم كهربائي، وبطارية قوية يمكن إعادة شحنها، ويزود المحرك الكهربي بما يحتاج إليه من طاقة عبر بطاريات مخزن بها تيار كهربي. وعلى الرغم من مرور قرن على طرح فكرة هذا النوع من السيارات، وانتشارها إلى حد ما، على الشوارع الأمريكية، فإنه لا يزال هناك كثيرون لا يبدون اهتماماً مناسباً بها، لأسباب متعددة منها: تكلفتها المرتفعة ومداها القصير وعدم توفر محطات الشحن. فلا تتجاوز المسافة التي يمكن قطعها ببطاريتها 160 كيلومتراً من دون إعادة شحنها، لعدم صلاحيتها لتخزين قدر كبير من الطاقة الكهربائية. وركزت الشركات المصنعة جهودها في التغلب على مشكلة كفاءة البطاريات ومداها القصير، وبات التركيز على تقنية جديدة تمكن الطريق من شحن السيارات الكهربائية أثناء القيادة على حارات محددة، سعياً للتغلب على مشاكل شحن البطارية وعدم توفر العدد الكافي من المحطات المجهزة بمولدات شحن مناسبة. ومما لا شك فيه فإن تقنية مثل هذه سوف تحتاج إلى استثمارات هائلة في بنية تحتية ضخمة، علاوة على أنها تثير حالياً جدلاً واسعاً حول فلسفة الحركة الآلية. وسيطرت بالفعل حالة من الجدل بشأن هذه التقنية في وسائل الإعلام التي تساءلت عن إمكانية شحن السيارات الكهربية وإيجاد شبكات الطرق المناسبة. وأجريت تجارب واعدة على الحافلات التي أعيد شحنها عبر حلقات حثية في محطات التوقف. كما طرحت شركة رولز رويس فكرة أنظمة شحن تثبت في جراج السيارة، وطرحت جهات أخرى توسيع الفكرة وتزويد الطرق الرئيسية بأنظمة شحن، على امتداد أميال كثيرة لإعادة شحن المركبات المعدة لذلك. وبالاستعانة بما توصلت إليه التقنية في مجال صناعة البطاريات، يمكن الشروع في تطبيق بديل نافع للطرق الحالية. وبصرف النظر عن الكلفة الكبيرة التي يتطلبها إخراج هذه التقنية إلى الوجود، يطرح الخبراء سؤالاً عن مكان مصدر التحكم: هل ستكون في السيارة، أو ستكون مدمجة في البنى التحتية (الطرق)؟ فإذا وضعت التقنية في المركبة، فستخضع بشكل كبير لسيطرة قائد السيارة، أما إذا ثبتت في البنى التحتية، فسوف تخضع لسيطرة مزود الخدمة الذي يمكن أن يكون ممثلاً في الدولة أو شركة من الشركات. ولا ينحصر هذا السؤال في صناعة السيارات فقط، لكن يمتد ليطال فلسفة التكنولوجيا بشكل أشمل. ومن المتوقع في أغلب الأحوال أن الدول والمؤسسات والشركات المزودة ستحاول فرض سيطرتها على الأمر، وفي هذه الحالة، تظهر في مشهد صناعة السيارات تطورات أخرى. ومن أدلة تأثير المؤسسات التقنية التي ظهرت مؤخراً والمعروفة باسم الحوسبة السحابية إحدى طرق تخزين البيانات، إلا أنها تمنح مزودها سلطة الدخول إلى البيانات المخزنة التي تتسم بكل تأكيد بأهمية بالغة. كما يجب النظر بعين الاعتبار إلى تكلفة التقنية الجديدة، إذ تحتاج إلى بنى تحتية تناسبها، والارتباك الذي سيحدث في شبكة الطرق، مع عدم استبعاد إمكانية فشل التقنية. وتعتبر تقنية الشحن الحثي، جزءاً من عملية تطور أشمل، تطال فكرة مركبات الآلية الذاتية. وتعرض عدد القليل من تلك السيارات والشاحنات قيد التجريب في أماكن مثل كاليفورنيا ونيفادا، لحوادث مرورية، وإن كانت ليست بالخطيرة، كما شيدت كوريا الجنوبية طريقاً بطول 12 كيلومتراً يعيد شحن الحافلات أثناء سيرها، ويرمز لتلك التقنية اللاسلكية بالأحرف SMFIR، وهي تسمح بالشحن عن طريق الرنين المغناطيسي أثناء الحركة بنقل الشحنة الكهربية عبر مجالات مغناطيسية يتم توليدها واصطيادها بواسطة لفائف مثبتة في الطريق والسيارة على التوالي. ويجري المركز الدولي لأبحاث السيارات (ICAR) في جامعة كليمسون في جرينفيل اختبارات نظم شحن لاسلكية ثابتة وتعد حالياً لاختبار نظم شحن لاسلكية متحركة. ويتلقى مشروع الأبحاث والتطوير في الجامعة تمويلاً بملايين الدولارات من وزارة الطاقة الأمريكية، بالتعاون مع مختبر أوك ريدج ناشيونال، وشركتي تويوتا وسيسكو، وعدد آخر من الشركات. ويستخدم نظام الشحن الثابت التردد المغناطيسي، لتوليد مجال بين ملف شحن أرضي وآخر نحاسي مثبت في المركبة، وتعتمد تلك التقنية على أنظمة اتصال واي فاي، ابتكرها باحثو مركز أوك ريدج، وتسمح للأرض وأنظمة شحن المركبة بالتواصل. وطرحت شركتا إيفاترون وبوش تقنية الشحن اللاسلكية الثابتة في الأسواق بعد عرضها في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في لاس فيجاس في 2014، ويباع شاحن سيارات شيفروليه ب 1,260 دولاراً، وشاحن نيسان LEAF ب 1,540 دولاراً. وحسب يواكيم تايبر، أستاذ الهندسة الكهربية والحاسوبية في جامعة كليمسون، فإنه يوجد اختلاف كبير بين شواحن السيارات الكهربائية اللاسلكية التجارية وبين تلك التي يختبرها فريقه، ويتمثل الاختلاف الأساسي في أنظمة اتصالات جهاز الحركة وكمية الطاقة التي يمكن تحويلها. وطور فريق تايبر بالتعاون مع شركة سيسكو، تقنية للاتصال في حدود مدى قصير DSRC يمكنها دعم أنظمة الشحن الثابتة والمتحركة في أي بنية تحتية. وتعمل التقنية على توليد رابط اتصال سريع للغاية بين المركبات وتقنية الطريق يفوق سرعة تقنية الواي فاي، ومن ثم يمكن الاتصال حتى مع مرور المركبة بسرعة فائقة بشاحن لاسلكي. كما تدرس الإدارة الوطنية لسلامة الطرق السريعة تقنية DSRC لاستعمالها إجبارياً في الاتصال بين مركبتين لتجنب التصادم بينهما. فوجود التقنية داخل المركبة يمكّنها من كشف المركبات الأخرى أو البنى التحتية التي تتضمن تقنية DSRC، ومن ثم يمكنها تجنب الاصطدام بها.
مشاركة :