طهران - أعلنت إيران اليوم الأربعاء فرض عقوبات جديدة على 34 شخصا وكيانا من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ردا على العقوبات الجديدة التي فرضت عليها الاثنين على وقع تعمّق الخلافات الإيرانية الأوروبية بسبب قمع الاحتجاجات وجمود إحياء المحادثات النووية فضلا عن تواصل انتهاج طهران لدبلوماسية الرهائن التي جعلتها في مرمى الانتقادات الدولية. وأضافت طهران إلى قائمتها السوداء 25 فردا وكيانا من الاتحاد الأوروبي بينهم 10 فرنسيين أبرزهم رئيسة بلدية باريس وتسعة أفراد من المملكة المتحدة فيما لم تعلن عن أي عقوبات جديدة على الولايات المتحدة. وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن "طهران تتهم هؤلاء الأشخاص والكيانات بدعم الإرهاب والجماعات الإرهابية وتشجيع العنف ضد الشعب الإيراني ونشر معلومات خاطئة عن إيران". وكانت إيران قد لوّحت الثلاثاء بأنها ستتخذ إجراءات ردا على العقوبات الجديدة التي أقرتها بروكسل ولندن الاثنين بإضافة 37 فردا وكيانا إيرانيا إلى قائمة العقوبات لانتهاك حقوق الإنسان. كما أضاف البريطانيون خمسة أشخاص وكيانين إلى قائمتهم، بينما وضعت الولايات المتحدة عشرة أفراد وكيانا على قائمتها، وهي الإضافة التاسعة منذ بدء الاحتجاجات. وتأزمت العلاقات الإيرانية الأوروبية خلال الأسابيع الأخيرة في خضم استمرار الاحتجاجات بإيران واتهامات بتزويد روسيا بطائرات مسيرة في سياق الحرب الروسية الأوكرانية وهو ما تدحضه طهران. كما تصاعد التوتر بين الطرفين على وقع تحريك ملف المعتقلين الغربيين في إيران وإعدام الإيراني البريطاني علي رضا أكبري في 14 يناير/كانون الثاني والتصويت غير الملزم للبرلمان الأوروبي لصالح إدراج الحرس الثوري على لائحة المنظمات الإرهابية. ويبرز الفرنسيون الأكثر عددا على القائمة الإيرانية الجديدة حيث بلغ عددهم تسعة أفراد وكيان في حين أدرج عليها خمسة ألمان وهولنديان وإيطالي وإسباني. ومن بين المدرجين على القائمة آن ايدالغو رئيسة بلدية باريس الاشتراكية التي قصت خصلة من شعرها في أكتوبر/تشرين الأول "دعما للإيرانيات"، بالإضافة إلى الفيلسوف برنار أنري ليفي المدافع عن حقوق الإنسان وجيلبير ميتران ابن الرئيس السابق فرنسوا ميتران ورئيس مؤسسة دانييل ميتران: فرنسا للحريات. كما شملت ثلاثة مديرين في مجلة شارلي إيبدو التي سبق إدراجها ككيان في حزمة العقوبات السابقة بعد أن أثارت بسخريتها غضب طهران مطلع يناير/كانون الثاني بنشرها رسوما كاريكاتورية للمرشد الأعلى علي خامنئي. ومن بين الكيانات الثلاثة المستهدفة "راديو جي" ومقره فرنسا ومجموعة "أصدقاء إسرائيل الأوروبيين" المكونة من نواب في البرلمان الأوروبي. وتضم القائمة أيضا أسماء ستة أعضاء حاليين وعضوين سابقين في البرلمان الأوروبي، إلى جانب المتطرف اليميني السويدي الدنماركي راسموس بالودان الذي أحرق السبت نسخة من المصحف في السويد ما أدى إلى احتجاجات في أنقرة وفي العديد من عواصم العالم الإسلامي. ومن بين البريطانيين التسعة ليام فوكس وزير الدفاع السابق والنائبة عن حزب المحافظين فيكتوريا برنتيس وباتريك ساندرز رئيس الأركان العامة للجيش وتشمل العقوبات الإيرانية المفروضة عليهم إجراءات مالية وحظر إصدار تأشيرات لدخول البلاد. وفي المقابل يفرض الاتحاد الأوروبي تجميد الأصول وحظر التأشيرات وحظر تلقي تمويل من الاتحاد الأوروبي على ما يقارب 100 مسؤول وكيان إيراني. ورغم هذا السياق المتوتر إلا أن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الثلاثاء أعلن عزمه زيارة إيران في فبراير/شباط لإجراء مباحثات وصفها بـ"الأساسية" تهدف إلى حمل هذا البلد على استئناف التعاون حول أنشطته النووية، فيما قالت السلطات الإيرانية الأربعاء إن مثل هذه الخطوة قيد الدرس دون تأكيد موعد. وكان الحرس الثوري الإيراني قد وجه تحذيرا شديد اللهجة إلى الاتحاد الأوروبي مما أسماه "ارتكاب خطأ إدراجه على القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية"، وذلك بعد دعوة البرلمان الأوروبي إلى فرض عقوبات عليه. وقال قائد الحرس اللواء حسين سلامي إن "على الأوروبيين تحمّل العواقب في حال أخطأوا"، مضيفا أن "أوروبا لم تتعلم من أخطائها الماضية وتعتقد أنها بهذه البيانات يمكنها أن تهز هذا الجيش العظيم المليء بقوة الإيمان والثقة والقدرة والإرادة"، مشددا على أن "الحرس لا يقلق على الإطلاق من تهديدات كهذه لأنه كلما أعطانا أعداؤنا فرصة للتحرك، نتحرك بشكل أقوى". لكن جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد استبعد إدراج الحرس الثوري على لائحة الإرهاب الأوروبية، مشيرا إلى أن القرار "يحتاج إلى قرار قضائي من إحدى الدول الأعضاء يدين الحرس الإيراني بارتكاب أعمال إرهابية". ويخشى المسؤولون الأوروبيون من أن يؤدي وضع الحرس الثوري على القائمة السوداء إلى نسف الآمال الضئيلة للتكتل في إحياء الاتفاق النووي الإيراني المعلق منذ انسحاب إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب منه عام 2018. بروكسال - قلل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الاثنين من إمكانيات وضع الحرس الثوري الإيراني على قوائم الإرهاب على غرار الخطوة الأميركية دون وجود حكم قضائي في خضم الخلافات الايرانية الاوروبية في ملفات عديدة تتعلق اما بالملف النووي او دعم روسيا بالطائرات المسيرة في الحرب على اوكرانيا او قمع الاحتجاجات. وقال بوريل "إنه لا يمكن للتكتل إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة الكيانات الإرهابية إلا بعد صدور قرار من محكمة في الاتحاد يفيد بذلك. لكن دبلوماسيين أوروبيين قالا الأسبوع الماضي إن وزراء خارجية التكتل يعتزمون إضافة 37 اسما لقائمة الأفراد والكيانات الخاضعة لعقوبات بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان في إيران. ودعا البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي الاتحاد إلى إدراج الحرس الثوري على قائمة الكيانات الإرهابية واتهمه بأنه مسؤول عن قمع الاحتجاجات داخل إيران وعن تزويد روسيا بطائرات مسيرة. وقال بوريل للصحفيين قبل اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل "هذا الأمر لا يمكن أن يصدر به قرار دون محكمة، قرار من المحكمة أولا. لا يمكنك أن تقول أنا أعتبرك إرهابيا لأنك لا تعجبني". وأضاف أنه ينبغي على محكمة في دولة عضو بالاتحاد الأوروبي أن تصدر إدانة قانونية ملموسة قبل أن يمكن للتكتل نفسه التحرك في هذا الشأن. ورغم تصريحات بوريل تدعم دول اوروبية مثل ألمانيا إدراج الحرس الثوري ضمن قوائم الارهاب حيث قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الاثنين إن بلادها ترحب بجهود يبذلها قادة الاتحاد الأوروبي لإدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة الكيانات الإرهابية. وأضافت قبل اجتماع مع نظرائها في التكتل "ما زلنا نرى في إيران نظاما وحشيا ضد شعبه. إن النظام الإيراني والحرس الثوري يرهبان شعبهما يوما بعد يوم". وتأسس الحرس الثوري الإيراني بعد فترة وجيزة من قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 لحماية نظام حكم رجال الدين الشيعة ولإضافة ثقل للقوات المسلحة. ويقدر قوام الحرس الثوري بنحو 125 ألفا ويضم وحدات بحرية وجوية وبرية. ويقود الحرس أيضا ميليشيا الباسيج وهي قوة شبه عسكرية مؤلفة من متطوعين يدينون بالولاء للمؤسسة الدينية الحاكمة التي اعتادت على قمع أي احتجاجات مناهضة للحكومة. وتدهورت العلاقات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وطهران بسبب الجمود الذي أصاب جهود إحياء المحادثات النووية. واعتقلت السلطات في طهران عددا من المواطنين الأوروبيين وزاد التكتل كذلك من انتقاداته لقمع طهران العنيف والمستمر للاحتجاجات داخل البلاد وتزويد روسيا بطائرات مسيرة إيرانية. وحذرت ايران اوروبا من تداعيات تصنيف الحرس الثوري ضمن المنظمات الارهابية معتبرا ذلك " خطا جسيما". وافاد قائد الحرس اللواء حسين سلامي الاسبوع الماضي إن على الأوروبيين "تحمّل العواقب في حال أخطؤوا"، وتصنف الولايات المتحدة الحرس الثوري وفيلق القدس المرتبط به ضمن المنظمات الإرهابية فيما اشترطت ايران خلال المباحثات النووية في فيينا رفع اسم "الحرس الثوري" من المنظمات المصنفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.
مشاركة :