أ ف ب - أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، بالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقديم مساعدة مؤقتة بقيمة 72 مليون دولار لدعم رواتب الجيش وقوى الأمن الداخلي في لبنان لمدة 6 أشهر. وتُعد الولايات المتحدة الداعم الأبرز للجيش اللبناني، إذ زادت من تمويلها خلال العامين الماضيين، إلا أنها المرة الأولى التي تُقدم فيها دعماً مباشراً للرواتب. وعلى وقع الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ خريف 2019 وصنفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، يُواجه الجيش اللبناني صعوبات كبرى تتعلّق بتأمين حاجاته الأساسية من غذاء وأدوية وصيانة عتاد. وعلى غرار الكثيرين في لبنان، فقد عناصر الجيش في ضوء خسارة العملة أكثر من 95% من قيمتها مقابل الدولار، قيمة رواتبهم، إذ لا تتجاوز رواتب الضباط اليوم 100 دولار، أما الجندي فلا يتجاوز راتبه 50 دولاراً، مقابل 800 دولار قبل الأزمة. ويتقاضى موظفو القطاع العام في لبنان، بما في ذلك العاملين في القطاع العسكري والأمني رواتبهم بالعملة المحلية. جاء الإعلان عن الدعم خلال مؤتمر صحافي مشترك في العاصمة بيروت، بمشاركة قائد الجيش اللبناني جوزيف عون، والسفير الأميركية في بيروت دوروثي شيا، وممثل عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وتشمل هذه المساعدة المالية، وفق بيان مشترك مبلغاً شهرياً بقيمة 100 دولار لكل العناصر المستحقين، وذلك بموجب قانون الولايات المتحدة لمدة 6 أشهر. وقالت السفيرة الأميركية في بيروت "سيتيح هذا الدعم المؤقت، وهي المرة الأولى التي تقدم فيها الولايات المتحدة هذا النوع من الدعم المالي الى القوى العسكرية والأمنية في لبنان، لمساعدة الجنود وعناصر الخدمة". وبحسب تغريدة في حساب السفارة على تويتر، أضافت شيا أن "إعلان اليوم لهو دليل على دعم الأمن والاستقرار. إن قوة ومرونة الجيش والشرطة في لبنان تساعد على المحافظة على سلامة سكان هذا البلد، ودعمنا لجهودهم يدل على التزامنا". وبموجب الاتفاق مع الولايات المتحدة، فإن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سينفذ تقديم المساعدات عبر مزوّد خدمات مالية. وقدمت مؤتمرات دولية عدة، عُقد أبرزها في باريس خلال يونيو من عام 2021، مساعدات عاجلة للجيش لم تشتمل على دفع رواتب، مع اشتراط الأسرة الدولية إجراء لبنان إصلاحات بنيوية لتوفير أي دعم اقتصادي ومالي للبنان. وفي يونيو من العام الماضي، أعلنت وزارة الخارجية القطرية، دعماً مالياً بقيمة 60 مليون دولار للجيش اللبناني، وقال مصدر عسكري لبناني آنذاك إنها المساعدة المالية الأولى التي ستصب لصالح رواتب العسكريين. وعلى وقع الأزمة، سجلت القوى الأمنية والجيش فرار المئات من عناصرها، فيما التحق آخرون بوظائف أخرى إلى جانب خدمتهم. وفي عام 2021، أطلق الجيش اللبناني رحلات جوية مخصصة للمدنيين للتجول فوق لبنان مقابل بدل مادي. كما اضطرت قيادة الجيش في بداية الأزمة إلى حذف اللحوم من وجبات العسكريين، قبل أن تعتمد تقشفاً كبيراً في موازنتها. تحذير من الانهيار وخلال تصريحات في يونيو 2021، حذر قائد الجيش اللبناني جوزيف عون من انهيار المؤسسة العسكرية وانعكاس ذلك على الوضع الأمني في البلاد. وطالب عون في كلمة ألقاها خلال مؤتمر افتراضي حينها لتأمين مساعدات طارئة للجيش برعاية فرنسية، بدعم المؤسسة العسكرية لتجاوز الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان. وقال عون إن"لبنان يواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة، ويبدو واضحاً انعدام فرص الحلول في الوقت القريب". وأضاف أن "الجيش يحظى بدعم وثقة محلية ودولية، ولذلك تزداد الحاجة اليوم أكثر إلى دعمه ومساندته كي يبقى متماسكاً وقادراً على القيام بمهامه". وبالتزامن مع تلك التصريحات، كشف تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، أن المؤسسة العسكرية في لبنان "مُهددة بانهيار مدمر"، جراء تداعيات الأزمة الاقتصادية على قدراته وأوضاع جنوده. وذكر التقرير أن الانهيار الاقتصادي يضع ضغوطاً غير مسبوقة على قدرات الجيش اللبناني، ما يمكن أن يؤدي إلى القضاء على رواتب الجنود وتدمير الروح المعنوية"، إضافة إلى تعريض واحدة من القوى القليلة التي توحد لبنان لخطر التدهور، في ظل تصاعد التوترات وازدياد فقر السكان. وبعد عقود من الفساد وسوء الإدارة من قبل النخبة السياسية، بدأ الاقتصاد اللبناني بالتفكك في أكتوبر 2019، إذ انهار القطاع المصرفي، وكانت النتيجة أن أكثر من نصف سكان البلاد سقطوا في براثن الفقر. وعلى نفس القدر من الضرر طالت التداعيات المالية أفراد الجيش اللبناني البالغين 80 ألفاً.
مشاركة :