«الغرب» يلعب بالنار في أوكرانيا!

  • 1/26/2023
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬عشر‭ ‬شهراً‭ ‬من‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬تغيّرت‭ ‬الأهداف‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬تمخّضت‭ ‬عنها‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭.‬ لا‭ ‬نتحدث‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬المخططات‭ ‬الغربية‭ ‬ضد‭ ‬الدولة‭ ‬الروسية،‭ ‬والتي‭ ‬بدأ‭ ‬مسارها‭ ‬التنفيذي‭ ‬المباشر‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقد‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬ومنذ‭ ‬الانقلاب‭ ‬الذي‭ ‬قاده‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ولا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬مكيدة‮»‬‭ ‬ألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬في‭ ‬اتفاق‭ ‬‮«‬مينسك‮»‬‭ ‬بدعم‭ ‬وتنسيق‭ ‬مباشر‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬حرب‭ ‬التطهير‭ ‬التي‭ ‬خاضتها‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والمنظمات‭ ‬النازية‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬روسي،‭ ‬أو‭ ‬يمتّ‭ ‬بصلة‭ ‬للدولة‭ ‬الروسية،‭ ‬واللغة‭ ‬الروسية،‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬القتل‭ ‬المنهجي‭ ‬المنظّم‭ ‬للسكان‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬الدونباس‭ ‬بذنب‭ ‬‮«‬وحيد‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬رغبتهم‭ ‬بالاستقلال‭ ‬والتحرر‭ ‬من‭ ‬بطش‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬ووحشية‭ ‬المنظمات‭ ‬النازية‭ ‬المدعومة‭ ‬والمموّلة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القوات،‭ ‬وإنما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬شباط‭ (‬فبراير‭) ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭.‬ كما‭ ‬نعرف،‭ ‬فقد‭ ‬‮«‬أعلن‮»‬‭ ‬الغرب‭ ‬آنذاك‭ ‬أنه‭ ‬سيلحق‭ ‬هزيمة‭ ‬مُنكرة‭ ‬بالقوات‭ ‬الروسية،‭ ‬وأن‭ ‬روسيا‭ ‬ستقع‭ ‬في‭ ‬‮«‬مستنقع‮»‬‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وستكون‭ ‬نهايتها‭ ‬هناك‭ ‬كنهاية‭ ‬القوات‭ ‬السوفيتية‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وأن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬سينهار‭ ‬بالكامل‭ ‬نتيجة‭ ‬للعقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الغربية‭ ‬و‮«‬الدولية‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬القوات‭ ‬‮«‬الغازية‮»‬‭ ‬ستتقهقر‭ ‬هناك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬استنزافها‭ ‬وتحطيمها‭.‬ الغرب‭ ‬في‭ ‬حينه‭ ‬‮«‬أعد‮»‬‭ ‬سيناريوهات‭ ‬هذه‭ ‬الهزيمة‭ ‬العسكرية،‭ ‬وانبرى‭ ‬خبراء‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬‮«‬توضيح‮»‬‭ ‬معالم‭ ‬هذه‭ ‬الهزيمة،‭ ‬وشارك‭ ‬على‭ ‬التوازي‭ ‬مع‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخبراء،‭ ‬خبراء‭ ‬آخرون‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية،‭ ‬وحتى‭ ‬العلوم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬‮«‬انعكاس‮»‬‭ ‬الهزيمة‭ ‬العسكرية‭ ‬و«الانهيار‮»‬‭ ‬الاقتصادي‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الروسي،‭ ‬والذي‭ ‬سيثور‭ ‬حتماً‭ ‬لإسقاط‭ ‬نظام‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭ ‬وينتهي‭ ‬النظام‭ ‬‮«‬الأوليجارشي‮»‬‭ ‬فيها‭.‬ ترافق‭ ‬ــ‭ ‬كما‭ ‬تذكرون‭ ‬ــ‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التصور،‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬السيناريوهات‭ ‬مع‭ ‬حملات‭ ‬إعلامية‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬كله،‭ ‬وصوّرت‭ ‬أجهزة‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬بأنها‭ ‬الحرب‭ ‬‮«‬المتوحّشة‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين،‭ ‬ووصلت‭ ‬الأكاذيب‭ ‬ووصل‭ ‬التضليل‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬مخزية‭ ‬ومضحكة،‭ ‬وفقد‭ ‬الغرب‭ ‬كل‭ ‬اتزان،‭ ‬وانهارت‭ ‬أكاذيبه‭ ‬ومعاييره،‭ ‬وانكشف‭ ‬الخداع‭ ‬الذي‭ ‬مارسه‭ ‬على‭ ‬شعوب‭ ‬الغرب‭ ‬وشعوب‭ ‬العالم،‭ ‬وظهر‭ ‬على‭ ‬حقيقته‭ ‬العنصرية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬الشعوب‭ ‬وحقوقها‭.‬ سقطت‭ ‬كل‭ ‬سيناريوهات‭ ‬الغرب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬وسقطت‭ ‬في‭ ‬العار‭ ‬منظومته‭ ‬الإعلامية‭ ‬والأخلاقية،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬الصورة‭ ‬المعاكسة‭ ‬والمغايرة‭ ‬لكامل‭ ‬هذه‭ ‬التصورات‭ ‬والسيناريوهات‭.‬ الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬هستيرية،‭ ‬وتم‭ ‬تصوير‭ ‬أوكرانيا‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬الحصن‭ ‬المنيع‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يصدّ‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬ويحمي‭ ‬أوروبا،‭ ‬ويدافع‭ ‬عن‭ ‬قيمه‭ ‬وأمنه‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الروس‭ ‬القادمين‭ ‬لاجتياح‭ ‬أوروبا‭ ‬كلها،‭ ‬ووصل‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬مئات‭ ‬المليارات،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وكذلك‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬الغرب‭ ‬كله،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬التضخم‭ ‬وتفادي‭ ‬الركود،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬إفلاس‭ ‬قطاعات‭ ‬بكاملها‭ ‬وإغلاق‭ ‬عشرات‭ ‬آلاف‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمصانع،‭ ‬وبدء‭ ‬هروب‭ ‬الشركات‭ ‬الغربية‭ ‬نفسها‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬وبلدان‭ ‬أخرى،‭ ‬وحتى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العسكري‭ ‬أفرغ‭ ‬حلف‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬معظم‭ ‬مخزوناته‭ ‬العسكرية‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬السوفيتية‭ ‬بالكامل،‭ ‬واستهلك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬مخزوناته‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬الغربية‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬ الواقع‭ ‬اليوم‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الأزمة‭ ‬ارتدّت‭ ‬إلى‭ ‬الغرب،‭ ‬وروسيا‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تستنزف‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وروسيا‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬والهجوم،‭ ‬وأصبح‭ ‬منع‭ ‬الانتصار‭ ‬الروسي‭ ‬الساحق‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬الأهداف‭ ‬الغربية‭ ‬وأقصاها،‭ ‬وتحول‭ ‬‮«‬الانتصار‮»‬‭ ‬الأوكراني‭ ‬إلى‭ ‬ضرب‭ ‬من‭ ‬الجنون‭ ‬والمستحيل‭.‬ والواقع‭ ‬اليوم‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬انهيار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سوى‭ ‬أمنيات‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬الخيال‭ ‬الغربي‭ ‬المريض،‭ ‬ومن‭ ‬فبركة‭ ‬آلاته‭ ‬الإعلامية‭ ‬المخادعة‭ ‬والضلالية‭ ‬والتضليلية‭.‬ أمام‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬وقع‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬ورطة‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬سيخرج‭ ‬منها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬ استراتيجية‭ ‬الغرب‭ ‬وأهدافه‭ ‬تتقلّص‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬و«تتواضع‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الوقائع‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬و«وحدة‮»‬‭ ‬الغرب‭ ‬تتداعى‭ ‬شيئاً‭ ‬فشيئاً،‭ ‬ويتصدّع‭ ‬الستار‭ ‬الحديدي‭ ‬الذي‭ ‬ضربه‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬الروسية‭.‬ الغرب‭ ‬الذي‭ ‬خطّط‭ ‬لتقويض‭ ‬روسيا‭ ‬تحضيراً‭ ‬لمحاصرة‭ ‬التمدد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للصين‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬اليوم‭ ‬عاجزاً‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬ارتدادات‭ ‬مؤامراته‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬وبات‭ ‬يعي‭ ‬أن‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الورطة‭ ‬بأقل‭ ‬الخسائر‭ ‬الممكنة‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬الهدف‭ ‬الوحيد‭ ‬الممكن‭ ‬على‭ ‬صعوبته‭ ‬البالغة‭.‬ آخر‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬جعبة‭ ‬الغرب‭ ‬ــ‭ ‬وهو‭ ‬الورقة‭ ‬الأخيرة‭ ‬قبل‭ ‬إنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الغرب‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يخشى‭ ‬تحولها‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬مدمّرة‭ ‬ــ‭ ‬هو‭ ‬‮«‬دعم‮»‬‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بالأسلحة‭ ‬الهجومية‭ ‬الغربية،‭ ‬وآخر‭ ‬ما‭ ‬أنتجته‭ ‬مصانع‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬الدبابات‭ ‬والمنظومات‭ ‬الهجومية‭ ‬المتقدمة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تستطيع‭ ‬بها‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ضرب‭ ‬وتهديد‭ ‬المدن‭ ‬الروسية‭ ‬والمرافق‭ ‬والمواقع‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬داخل‭ ‬الأراضي‭ ‬الروسية‭.‬ الغرب‭ ‬يعرف‭ ‬ويعي‭ ‬تماماً‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬لن‭ ‬يغير‭ ‬جوهرياً‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬القتال،‭ ‬ولكنه‭ ‬‮«‬يعتقد‮»‬‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬الممكن‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬بأقل‭ ‬الخسائر‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدور‭ ‬الكوني‭ ‬للغرب،‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬حدود‭ ‬بقاء‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬مقدّرات‭ ‬العالم‭ ‬وشعوبه،‭ ‬ومنع‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬والدول‭ ‬الصاعدة‭ ‬من‭ ‬‮«‬احتلال‮»‬‭ ‬دورها‭ ‬ومكانتها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الجديد،‭ ‬بل‭ ‬ومنع‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬اختيار‭ ‬حلفائها،‭ ‬وكذلك‭ ‬شركائها‭ ‬وأصدقائها‭.‬ الأمر‭ ‬ليس‭ ‬بهذه‭ ‬البساطة،‭ ‬وروسيا‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬للغرب‭ ‬باستثمار‭ ‬هذه‭ ‬الورقة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬القمار‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬الغرب‭.‬ عندما‭ ‬ينتقل‭ ‬الغرب‭ ‬كله‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬لنظام‭ ‬أوكرانيا‭ ‬الخائب،‭ ‬والذي‭ ‬بدأ‭ ‬بالتفكك‭ ‬الداخلي‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو،‭ ‬فإن‭ ‬الحرب‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬عنها،‭ ‬ويصبح‭ ‬التهديد‭ ‬ماثلاً‭ ‬وواقعاً‭ ‬قائماً،‭ ‬فإن‭ ‬طبيعة‭ ‬الحرب‭ ‬تتغير،‭ ‬ويصبح‭ ‬طابعها‭ ‬مختلفاً‭ ‬بصورة‭ ‬نوعية‭ ‬جديدة‭ ‬وخطيرة‭.‬ ستختلف‭ ‬الأمور‭ ‬جذرياً‭ ‬إذا‭ ‬أقدم‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المقامرة،‭ ‬ولن‭ ‬تعتبر‭ ‬روسيا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬هنا‭ ‬يتعلق‭ ‬بنوعية‭ ‬السلاح،‭ ‬وإنما‭ ‬بدرجة‭ ‬التهديد‭ ‬الجديد،‭ ‬وهو‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬نظرها‭ ‬مرحلة‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬التهديد‭ ‬القديم‭ ‬الذي‭ ‬اضطرها‭ ‬إلى‭ ‬دخول‭ ‬أوكرانيا‭ ‬للقضاء‭ ‬عليه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الغرب‭ ‬هنا‭ ‬يلعب‭ ‬بالنار،‭ ‬ويكون‭ ‬قد‭ ‬‮«‬أهدر‮»‬‭ ‬دم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬كلها،‭ ‬وقدمها‭ ‬كهدفٍ‭ ‬مباشر‭ ‬للتدمير‭ ‬الكامل‭ ‬كمبرر‭ ‬لوقف‭ ‬الحرب‭ ‬والذهاب‭ ‬إلى‭ ‬مساومة‭ ‬مع‭ ‬موسكو،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬لإقناع‮»‬‭ ‬روسيا‭ ‬بضرورة‭ ‬إنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬‮«‬بتنازلات‮»‬‭ ‬روسية‭ ‬كبيرة‭.‬ الغرب‭ ‬الذي‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬شعوب‭ ‬الأرض‭ ‬كلها‭ ‬بعقلية‭ ‬المستشرق‭ ‬المدجّج‭ ‬بالسلاح‭ ‬والعنصرية‭ ‬والوحشية‭ ‬لا‭ ‬يفهم‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬ستعتبر‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬الجولة‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الوطنية،‭ ‬وستعتبر‭ ‬أن‭ ‬الانتصار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬هو‭ ‬مسألة‭ ‬حياة‭ ‬أو‭ ‬موت،‭ ‬تماماً‭ ‬كما‭ ‬الأمر‭ ‬عندما‭ ‬تصدّت‭ ‬روسيا‭ ‬لنابليون‭ ‬وهتلر‭ ‬وليس‭ ‬أمامها‭ ‬إلّا‭ ‬الانتصار‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬‮«‬ميدفيديف‮»‬‭ ‬بالضبط‭.‬ { كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

مشاركة :